مرفأ بيروت المنكوب: شريان حيويّ انقطع
في الرابع من آب/أغسطس 2020، انفجار كيميائي كارثيّ وقع في مرفأ بيروت صدم العالم بأسره وجعله يقف ساكنًا مذهولًا أمام الصّور المروّعة التي غطّت شتّى وسائل الإعلام الدوليّة والمحليّة. أكثر من 177 شخصًا قضوا تحت أكوام الإهراءات والركام وأصيب أكثر من 6000 شخص وتضرّرت آلاف المباني أو دمّرت بالكامل. فبالإضافة إلى الاقتصاد المتدهور والوضع المأساوي الذي سبّبه انتشار فيروس كورونا، ساءت الأمور إلى حدّ كبير حيث فقد حوالي 300 ألف لبناني وأجنبي يقيمون في بيروت منازلهم وسبل عيشهم، وتضرّروا حتى بصحّتهم النفسيّة إثر هذا الحدث المأساوي.
الوضع العام في لبنان حاليًا دقيقٌ للغاية، حيث يتبادل السياسيّون وممثلو الأطراف الطائفية والحزبية اللّوم والاتّهامات في بيئة سياسيّة متوتّرة.
يشغل مرفأ بيروت مساحةً كبيرةً تبلغ 1.2 مليون متر مربّع ويحتوي على 4 أحواض و16 رصيفًا ومحطة حاويات قادرة على استيعاب 1.1 مليون حاوية شحن سنويًا. في العام 2018، احتلّ لبنان المرتبة 38 من أصل 171 دولة مسجلًّا 47.17 نقطة بحسب مؤشر "الأونكتاد" لتقييم موصوليّة خطوط الشحن البحري. وإقليميًا، يحتلّ لبنان المرتبة السادسة. في العام 2017، حقّق مرفأ بيروت إيرادات بقيمة 313 مليون دولار أمريكي واستحدث وظائف لأكثر من 600 شخص. علاوة على ذلك، يُنتج المرفأ حوالي 4 مليارات دولار أميركي من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. في 4 حزيران/يونيو 2015، حاز على الجائزة الذهبية كأفضل نظام معلوماتيّ حديث للمرافئ في جميع أنحاء العالم. بعبارةٍ أخرى، تمّ الاعتراف بمرفأ بيروت في جميع أنحاء العالم بفضل الجودة العالية لعمليات المرافئ وحلول الإدارة فيه. ولكن، على الرغم من هذا النجاح البارز، قد وقع الحادث ودمّر أيّ أمل بغد أفضل.
بحسب محافظ مدينة بيروت مروان عبود، إن الأضرار التي ألحقها الانفجار بمباني بيروت وبنيتها التحتيّة وحدها بحاجة إلى إصلاحات تبلغ قيمتها بين 3 و5 مليارات دولار. وفقًا لتقديرات أخرى تضمّنت الأضرار التي لحقت بمرفأ بيروت، إنّ قيمة الإصلاحات الإجماليّة التي تحتاجها بيروت تبلغ 15 مليار دولار. حتّى اليوم، لا يزال عشرات الأشخاص في عداد المفقودين ولا يزال السبب الحقيقي وراء الحادث غامضًا. إنّ النظرية الأكثر شيوعًا تشير إلى تقصير الحكومة اللبنانيّة وإهمالها.
وبما أنّ الإدارات المحليّة فشلت في توفير أدنى متطلّبات العيش اللّائق للمواطنين، فإن الأمر أصبح بين أيدينا نحن، كمجتمع كنسي، للتدخّل ومساعدة أهل بيروت في هذا الوقت الصّعب. لا يجب أن نكتفي بتوفير المساعدات الطارئة لهم فحسب، بل يجب أن نسعى أيضًا إلى تعزيز قدرتهم الاقتصادية لتأمين نوع من الاستدامة والاستمراريّة لهم. هكذا نحن مدّعوّون إلى الاستجابة لاحتياجات الناس على أرض الواقع بطريقةٍ مبتكرة وجريئة ومستدامة.
ندعو جميع شركائنا إلى دعمنا في تقديم مساعدة سريعة لمن تضرّروا من هذا الانفجار المريع. حان الوقت للتضامن تحت راية واحدة وهي "محبة يسوع المسيح" ونشر كلمته من خلال أعمالنا.