مستشار اللّجنة المسكونيّة لإغاثة بيروت القسّ فيلبيرت فان سان: نلتمس محبّة يسوع المسيح بشكل أكبر خلال الكوارث والصّعاب
عقب انفجار مرفأ بيروت، دعا مجلس كنائس الشرق الأوسط إلى تشكيل لجنة مسكونيّة لإغاثة العاصمة ومساعدة أكبر عدد من المتضرّرين، ضمّـت فريقًا من المسؤولين في المجلس وممثّلين عن الكنائس الأعضاء في بيروت.
لتسليط الضوء على هذا العمل الإغاثي الميداني، التقت دائرة التواصل والعلاقات العامة في المجلس مستشار اللّجنة القسّ فيلبيرت فان سان، عضو الكنيسة الإنجيليّة الهولنديّة ممثّلًا منظّمة "الكنيسة في الخدمة"، والأستاذ الجامعيّ في كليّة اللّاهوت الإنجيليّة في بيروت.
بمشاعر صادقة، أعرب القسّ فيلبيرت عن حزنه وأسفه إزاء الأضرار الماديّة والنفسيّة الّتي لحقت باللّبنانيّين لا سيما البيروتيين، موضحًا طبيعة الدور الّذي يقوم به في هذه اللّجنة، من جهّة، منوّها بالعمل الإنسانيّ والإغاثي الّذي تنفّذه الكنيسة الإنجيليّة في لبنان وهولندا، من جهّة أخرى.
كمستشار للّجنة المسكونيّة لإغاثة بيروت، ما هي المهام الّتي تقوم بها؟
كقسيس هولنديّ، لبّيت دعوة مجلس كنائس الشرق الأوسط لأكون مستشار اللّجنة المسكونيّة لإغاثة بيروت. لذا مهامي الأساس هي دعم هذه اللّجنة، من خلال التواصل والأنشطة. كما أسعى إلى المساعدة عبر مجال التواصل والإعلام لتغطية أعمال اللّجنة وإظهار صورة بيروت المنكوبة إلى العالم أجمع، وإلى دعم كلّ الأعمال الإنسانيّة. علمًا أنّ العديد من الكنائس البروتستانتيّة والإنجيليّة هبّت لإغاثة بيروت ميدانيًّا وللمشاركة في إعادة إعمار الأماكن العامة والخاصّة، مساندين العائلات الكنسيّة المتضرّرة.
كيف تصف الدعم الّذي تقدمونه؟
بُعيد الانفجار، كان دوري الأساس، كمرشد بروتستانيّ وعضوّ في اللّجنة المسكونيّة، التواصل مع المسؤولين في كنيستي في هولندا ومع المسؤولين في الكنائس ببلدان مختلفة كبلجيكا... ومع منظّمات دوليّة إنسانيّة؛ كما التواصل مع المؤسّسات الإعلاميّة في هذه البلاد، كي أنقل صورة بيروت المنكوبة والمهام الإنسانية الّتي تقوم بها الكنائس لإغاثة هذه العاصمة.
وماذا عن الإعلام، هل تمكنتم من تحقيق التأثير المطلوب؟
هدفي هو نقل صورة بيروت المنكوبة وأهلها المتألّمين إلى الشّعب الأوروبّي وإلى أبناء بلدي هولندا خصوصًا، كي يلمسوا هول الفاجعة الهائلة وتداعياتها على اللّبنانيّين لأنّهم يرون الصور ولقطات الفيديو على شاشات التلفزة ومواقع التواصل الإجتماعي من دون أن يدركوا فداحة ما حصل. إضافة أنّني أستمرّ في إعلامهم بآخر مستجدّات الأحداث الّتي تتعلّق بتداعيات هذا الإنفجار. كما أعتبر أنّ كارثة بيروت تركت قصصًا مؤلمة ومأساويّة يجب أنّ تُروى للعالم أجمع، وهذا ما قمت به من خلال سرد قصص بعض العائلات المسيحيّة في المناطق المتضرّرة الّتي قمنا بزيارتها.
كيف استجاب الشّعب الهولندي لكارثة بيروت؟ وكيف ساند الشعب اللّبنانيّ؟
الاستجابة كانت سريعة وفعّالة من قبل الشّعب الهولندي، وهذا أكثر ما أثّر بي. شعرت بسعادة كبيرة حين أطلق الهولنديّون مبادرات جمع التبرّعات، الّتي بلغت قيمتها أكثر من 10 ملايين يورو، من خلال حسابات مصرفيّة خاصّة كي يتمكّن المواطنون من تقديم تبرّعاتهم بشكل فردي، من دون الاتّكال فقط على المساعدات الكنسيّة، لأنّهم اعتبروا أنّ الحاجة طارئة وبذل الجهود أمر ضروريّ. كما أنّ الجهات المعنيّة قدّمت الأدوات والمعدّات اللّازمة الّتي يفتقد لها لبنان للمساعدة في عمليّات الإغاثة. علمًا أنّ هذه المعدّات تُستخدم عند وقوع زلزال أو تسونامي...؛ فقرّروا منحها لبيروت بعد أن قاموا باستخدامها خلال الكارثة الأخيرة التي وقعت في إندونيسيا، معتبرين أنّ فاجعة بيروت هائلة وبحجم هذه الكوارث العالمية.
إضافةً إلى أنّ الكنائس والمؤسّسات التابعة لها، تُقدّم أيضًا هذه المساعدات إلى المنظّمات والجمعيّات الّتي تساهم في عمليّات الإغاثة، وذلك دعمًا لشركاء الكنائس في الشرق الأوسط.
هل تتعاون منظّمة "الكنيسة في الخدمة" مع مجلس كنائس الشرق الأوسط في عمليّات الإغاثة؟
"الكنيسة في الخدمة" تؤمن بالعمل المسكوني، الّذي يشكّل أساس عمل مجلس كنائس الشرق الأوسط. لذلك يسعى المسؤولون فيها للتعاون مع المجلس لأنّه يبني الجسور بين مختلف الكنائس في الشرق الأوسط ويقوم بدور إنسانيّ فاعل في هذه المنطقة.
كيف تصف تجربتك خلال التحضير للفيلم الوثائقيّ حول انفجار مرفأ بيروت؟
كان من المهمّ والمؤثر جدًّا زيارة أفراد العائلات المتضرّرة في منازلهم، والاستماع لهول التجربة التي مرّوا بها، إلى قصّصهم وشهاداتهم. فانفجار بيروت أدّى إلى تداعيات نفسيّة هائلة على المواطنين من كلّ الفئات العمريّة، كبارًا وصغارًا. وفي هذا الإطار أنوّه بالعمل الّذي قامت به الكنائس من خلال مساندتها لهم، وبمهام الكهنة والأساقفة الّذين جالوا على أبناء رعاياهم للاطمئنان عنهم ومساعدتهم، لأنّهم بحاجة لوجود الكنيسة الى جانبهم في هذا الوقت العصيب. وهذا ما يعكس محبّة يسوع المسيح الّتي نلتمسها بشكل أكبر خلال الأزمات والكوارث والصّعاب؛ وبالتّالي استطعت رؤية هذه المحبّة العظيمة من خلال هذا الفيلم الوثائقي.
كيف ساهمت الكنيسة الإنجيليّة في إغاثة بيروت؟
كغيرها من الكنائس، تقوم الكنيسة الإنجيليّة بمساعدة الفئات الأكثر ضعفًا وتضرّرًا من خلال تقديم الحصص الغذائيّة والملابس، وحتّى ترميم المنازل. فنحن نبذل جهودنا قدر المستطاع لمساعدة شركائنا، على الرّغم من ضآلة الموارد الّتي تملكها العائلة الإنجيليّة.
علاوةً على ذلك، تضرّرت كنائس إنجيليّة عدّة جرّاء الإنفجار، كالكنيسة الإنجيليّة الأرمنيّة في الأشرفيّة والمدرسة التّابعة لها، الكنيسة الإنجيليّة الوطنيّة في وسط بيروت... . فعلى الرّغم من الخسائر الجسيمة الّتي لحقت بها، قرّر المسؤولون فيها مساعدة المتضرّرين أوّلًا، ثمّ الانتقال إلى ترميم الكنائس والممتلكات التّابعة لها.
وهل قمتم بمساعدة العائلات المتضرّرة؟
بالطبع نعم، ونحن نستمرّ حتّى اليوم في هذا المهام لأنّ التحدّيات في ازدياد مستمر. وكلّ الشكر لزوجتي القسيسة ريما نصرالله الّتي تبذل جهودًا كبيرة وتعمل على التنسيق بين جميع الكنائس الإنجيليّة في بيروت، فهي تعتبر أنّ الحاجة تزداد يوميًّا مع تدهور الأزمة الإقتصاديّة اللّبنانيّة، وارتفاع أسعار المواد الغذائيّة الضروريّة. وهذا ما يشكّل عائقًا أمام اللّبنانيّين الّذين لن يتمكّنوا من تأمين الحاجات اليوميّة لعائلاتهم كما كانوا يفعلون في الأعوام الفائتة، وذلك على الرّغم من تدفّق المساعدات الغذائيّة بسخاء. فالحاجة الكبرى اليوم هي للعمل من أجل التعافي الإقتصادي وتأمين فرص العمل.
هل تعتبر أنّنا ننتقل الى المرحلة الثانية من خطة الإغاثة؟
المرحلة الثانية والتي تضمّ الحاجات الأقلّ إلحاحًا هي دعم قطاع التربية والتعليم وهي حاجة ملّحة اليوم. فالمدارس الإنجيليّة في بيروت هي مؤسّسات خاصّة تمرّ في مرحلة صعبة، والأهل عاجزون عن تأمين الأقساط المطلوبة. إذْا، الحاجة الكبرى تكمن في دعم الأهل، من جهّة، كي لا يحرموا أولادهم من الدراسة، وبالتّالي يستعدّ الجيل الجديد لمستقبل أفضل؛ كما أنّ مساندة إدارات المدارس ستمكّنها من دفع رواتب المعلّمات والمعلّمين وبالتالي تقلّص مشكلة شريحة كبيرة من المجتمع الغارق في تداعيات الأزمة الإقتصادية.
دائرة التواصل والعلاقات العامة