عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في أحد شفاء المخلّع

تجدون مجموعة صور في آخر النصّ.

تجدون في التّالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في أحد شفاء المخلّع، يوم الأحد 10 آذار/ مارس 2024، في الصرح البطريركيّ في بكركي، لبنان.

"لـمّا رأى يسوع إيمانهم، شفى المخلّع نفسًا وجسدًا" (راجع مر 2: 5 و 11)

1. الجوّ جوُّ إيمان عندما شفى يسوع ذاك الرجل المخلّع (المشلول) الممدود على سريره. شفى نفسَه أوّلًا بمغفرة خطاياه، ثمّ شفى جسده بكلمة واحدة: "قم احمل سريرك واذهب إلى بيتك". وكان يسوع في ذاك الحين يخاطب الجمع الغفير بكلمة الله التي تولّد الإيمان في نفوس سامعيها بشوق. ويبدو أنّ الرجال الأربعة كانوا من الذين آمنوا بسماع الكلمة. فحملوا إليه الرجل المشلول في بلدتهم، وكلّهم إيمان بأنّه سيشفيه. ولـمّا لم يتمكّنوا من الوصول إليه بسبب كثرة الجمع، صعدوا ونبشوا السقف ودلّوا السرير والمشلول عليه. "فلمّا رأى يسوع إيمانهم، قال للمشلول "مغفورة لك خطاياك"، ثمّ "قم، احمل سريرك واذهب إلى بيتك"(مر 2: 5 و 11). فوُلد ذاك الرجل من جديد نظيفًا من خطاياه، ومعافى من شلله. فلنذهب نحن أيضًا إلى طبيبنا السماويّ يسوع المسيح، إلى نعمة كلامه وسرّي التوبة وشفاء المرضى.

2. يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة التي يتجلّى فيها سرّ الإيمان، ومن ينبوعها ننعم بمغفرة خطايانا، من خلال الخدمة الكهنوتيّة. وفيما نحن نصلّي، مثل سائر المسيحيّين في جميع الكنائس والرعايا، إنّما نحمل حاجات أبناء الكنيسة وبناتها إلى أمام العرش الإلهيّ، كما فعل الرجال الأربعة الذين حملوا ذاك المخلّع وطرحوه أمام يسوع، فنالوا مبتغاهم.

3. وفيما أرحّب بكم جميعًا، أوجّه تحيّةً خاصّة إلى عائلة عزيزنا المرحوم شفيق حنّا القسّيس الذي ودّعناه بكثير من الأسى منذ شهر، مع زوجته وابنه وبناته وأشقّائه وشقيقتيه وسائر أنسبائه وأهالي بلدة عجلتون الأعزّاء، وأعضاء نقابتي الشحن والنقل في لبنان اللتين كان يرئسهما. إنّنا نصلّي في هذه الذبيحة الإلهيّة لراحة نفسه ولعزاء عائلته وذويه وسائر أحبّائه.

4. يمثّل الرجال الأربعة الكنيسة التي تحمل بإيمانها وصلاتها جميع الناس إلى أمام عرش الله. ويمثّلون الجماعة المصليّة في العائلة أو في الكنيسة، التي تتشفّع وتقيم صلاة التذكارات، كما في القدّاس الإلهيّ. ويمثّلون الكاهن الذي اختير من بين الناس وأقيم لدى الله من أجل الناس (عب 5: 1) والذي بصلاته الشخصيّة يحمل، كوسيط يجسّد الوسيط الوحيد بين الله والناس، يسوع المسيح، حاجات أبناء الرعيّة وبناتها وسواهم أمام عرش الله. ويمثّلون الرهبان والراهبات والنسّاك الواقفين حياتهم على الصلاة باسم الكنيسة وأبنائها. ولهذا نقول إنّه بفضل هذه الصلوات، هي يد عناية الله التي تحمينا وتقود مجرى حياتنا والتاريخ.

5. ويمثّل الرجل المخلّع ليس فقط كلّ مقعد أو مشلول أو صاحب إعاقة، بل أيضًا كلّ شخص يعيش في حالة الخطيئة من دون أن يتوب عنها أو يقرّ بها ويلتمس مغفرتها من الله بواسطة كهنة الكنيسة الذين أعطاهم المسيح الكاهن الأزليّ سلطان الحلّ والربط.

حالة الخطيئة تشلّ عقل الإنسان فينحرف عن الحقّ، ويعيش في الباطل والكذب. وتشلّ إرادته فينحرف عن الخير، ويعيش في فعل الشرّ. وتشلّ حريّته فينحرف عن قاعدة اختيار ما هو في إطار الحقّ والخير والجمال، ليعيش في حالة فلتان عن القاعدة الأخلاقيّة. وتشلّ ضميره فيخنق صوت الله في أعماق نفسه، ويتيه في سماع نزواته وأمياله المنحرفة وأنانيّته ومصالحه الرخيصة. وتشلّ قلبه فينحرف عن المشاعر الإنسانيّة، ويصبح قلبًا من حجر فاقد الحبّ والحنان والرحمة…


هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

تأمّل غبطة الكاردينال البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا: الأحد الرابع من الزمن الأربعيني ب

Next
Next

ندوة بعنوان "الهويّة الجنسيّة للعائلة" في دير سيّدة البلمند البطريركيّ، لبنان