تأمّل غبطة الكاردينال البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا: الأحد الرابع من الزمن الأربعيني ب

تجدون في التّالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، في الأحد الرابع من الزمن الأربعيني، الأحد 10 آذار/ مارس 2024.

يوحنّا 3: 14-21

إن مقطع إنجيل اليوم (يوحنا 3: 14-21) هو تلخيص رائع وتحليل جديد وعميق للرحلة التي قمنا بها حتى الآن في زمن الصوم.

في الواقع، هناك مفتاحان للفهم رافقونا خلال أيام الآحاد الماضية.

الأول هو الوحي: يكشف الله في الفصح عن نفسه بالكامل. في موته وقيامته، نجد الإعلان النهائي لوجهه، حيث يمكننا أن نعرف الله وأن ندخل معه في علاقة.

أما الأمر الثاني، الذي تأملناه الأحد الماضي، فهو الانقلاب: يظهر الله لنا بصورة الشخص الذي "قَلَب" طاولات الصيارفة، وهو وجه اللّه الذي يتناقض تمامًا مع ما يتوقعه العقل البشري.

عيد الفصح هو ذروة هذا الانقلاب: يسوع، ابن الله، يموت محبة بالإنسان. وبفضل هذا الحب اللامتناهي، يحدث الانقلاب الذي يخلص، الذي يدوس الموت ويهب حياة.

يلتقي يسوع نيقوديموس ليلاً، ويخبره أمرين هامين.

الأول هو صعود يسوع (يوحنا 3: 14)، في إشارة إلى الحية في البرية، التي رفعها موسى لكي يجد كل من لدغته الحيات شفاءً وخلاصًا (عد 21: 4-9).

لكي نجعل شيئاً ما واضحاً للعيان وأن يراه الجميع، حتى البعيد، لا بد أن نضعه عالياً.

هذا هو الحال مع يسوع: لم يَرفع يسوع نفسه بسبب قدرته، أو لإظهار تفوقه. لقد وقف يسوع عاليًا حتى يتمكن الجميع من رؤيته، ومن رؤية محبته لكل إنسان. الصليب هو ما يريدنا يسوع أن نراه: لا يمكننا أن نعرفه إلا إذا رأيناه معلقاً عليه.

وبهذا الانتباه: لا يكفي أن يرتفع يسوع. لكي تشفى عليك أن تنظر إليه، أي أن تلجأ إليه بثقة، أي أن تؤمن به.

لأن من ينظر إلى الصليب لا يرى إلا شيئًا واحدًا، وهو عظمة محبة الله للإنسان، واللقاء مع هذا الحب يخلص الإنسان بعمق: من يؤمن فله الحياة الأبدية، ويشترك في حياة الله ذاتها.

ولا يقول الصليب سوى هذا: "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد" (يو 3: 16).

لأول مرة يستخدم يوحنا الإنجيلي الفعل يحب في هذا المقطع. وسيعيد استخدامها في خطاباته الوداعية (يوحنا 14-17). يتضح لنا في هذه المرة أن موضوع المحبة هو الله نفسه. لقد أحب الله العالم كثيراً. لاحقًا سيطلب منا يسوع أن نحب الله وأن نحب بعضنا بعضًا، ولن يكون هذا ممكنًا إلا إن آمنا بأن الله أحبنا أولاً. هذه هي الخطوة الأولى وضرورية ولا غنى عنها…


هذا التأمّل نُشر على موقع بطريركيّة القدس للّاتين، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

بطريركيّة الرّوم الأرثوذكس الأورشليميّة تحتفل بعيد القدّيس بورفيريوس أسقف غزّة

Next
Next

عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في أحد شفاء المخلّع