شهادات حياة توثّق علاقة شبيبة لبنان مع قداسة البابا فرنسيس
إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط يوثّقها
خاصّ: إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط
"شبيبة لبنان بحاجة لك وهم بانتظارك!" عبارات هُتفت مرّات عدّة من قبل شبان وشابات كانوا قد التقوا البابا فرنسيس في حاضرة الفاتيكان مطالبين الحبر الأعظم بزيارة بلدهم الجريح لالتماس بركته الأبويّة واستعادة أملهم المفقود. شبيبة لبنان كانت فعلًا في قلب قداسته وصلواته، لكن شاءت الإرادة الإلهيّة أن ينتقل بابا الرحمة إلى أخدار الآب السماوي في أكثر الأيّام المتّسمة بالرجاء، وذلك قبل التمكّن من زيارة وطن الأرز.
وها هي شبيبة لبنان والعالم أجمع تصلّي اليوم لراحة نفسه وتستذكر أبرز محطّات مسيرته الإيمانيّة ورسالته الإنسانيّة. هو الّذي دعاهم إلى النهوض والدفاع عن العدالة الإجتماعيّة والحقيقة والاستقام، وهو الّذي حمّلهم مسؤوليّة كبيرة في بناء مستقبل أفضل، مؤمنًا بطاقاتهم ومواهبهم وقدراتهم.
كُثر من شباب لبنان أُتيحت لهم الفرصة بلقاء الحبر الأعظم ومعه نسجوا ذكريات وقصص لن تُنسى. شهادات حياة عديدة ترسّخ تواضع البابا ومحبّته.
إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط تواصل مع هؤلاء الشباب وحمل شهاداتهم وخبراتهم مع البابا فرنسيس.
بابا الإنسانيّة والرجاء
"يا له من تجربة!" بهذه الكلمات تصف ترايسي الشلفون، وهي عضو في الهيئة الاستشاريّة الدوليّة للشباب في الفاتيكان (IYAB)، خبرتها مع البابا. التقت به مرّتين عن قرب ومرّة واحدة عن بُعد خلال الأيّام العالميّة للشبيبة في لشبونة.
وتروي "إحدى الذكريات الأجمل من رحلة لشبونة كانت عندما نمنا تحت النجوم بانتظار اليوم التالي للقاء البابا فرنسيس. خلال هذا الأسبوع لمسنا كيف يعيش البابا رسالة المحبّة والتعايش والانسجام مع المؤمنين من مختلف الديانات. لقد تأثّرت بطريقة تجسيده للقيم المسيحيّة بسُبل عصريّة شبابيّة".
عن لقائها الأوّل مع قداسته في مؤتمر الشباب في أيّار/ مايو 2024، تشرح ترايسي "كنت أمثّل المؤتمر الكاثوليكي الدولي للدليلات (ICCG). قدّمت للبابا وشاح الكشّافة، وطلبت منه الصلاة من أجل الكشّافة والدليلات ولبنان. ومن دون أن يلاحظ الحرّاس، سألته عن إمكانيّة التقاط السيلفي معه على الرغم من عدم السماح باستخدام الهواتف، فأجاب: نعم!! وسألته مرّة أخرى، فقال: نعم، نعم، بكلّ سرور. كما صافحني ونظر في عينيّ تاركًا لي ابتسامة كبيرة، فشعرت وكأنّه يعرفني حقًّا. قال لي: تشجّعي".
أمّا اللّقاء الثاني لترايسي مع قداسته فكان ضمن سلسلة لقاءات شاركت فيها كجزء من الهيئة الاستشارية الدولية للشباب (IYAB) ضمن مكتب الشباب في دائرة العلمانيّين والعائلة والحياة.
"ماذا تقول للشباب اللّبناني الّذي يرغب بالنموّ في الكنيسة لكنّه لا يجد من يدعمه؟" هذا كان السؤال الّذي طرحته ترايسي لقداسته في اللّقاء، فأجاب "ثقوا دائمًا بالروح القدس. هو مرشدنا الحقيقي والأوّل". ثمّ طلب منها الإقتراب، وأخذ العلم اللّبناني. نظر في عينيها، ابتسم لها كما لو كان يعرفها، وتوجّه إلى الجمهور قائلًا: "لبنان رسالة. على الرغم من أنّ الشعب اللّبناني يعاني من الداخل الّا وأنّه يمثّل الأمل".
وتابعت "شعرت أنّه يراني ويسمعني وكأنّني موجودة بالنسبة له وهذا ما نحتاجه جميعًا. تعلّمت منه أنّ الله محبّة وأنّه علينا التحلّي بروح شابة بغض النظر عن عمرنا، والّا نكون كسالى بل نتشجّع ونسمح للروح القدس أن يقودنا".
بابا البساطة والتواضع
بدوره، يروي لويس الخوري-حنا، ممثّل الحركة الرسوليّة المريميّة وأمين سرّ اللّجنة الوطنيّة لراعويّة الشبيبة في لبنان "كنت أمثّل شبيبة لبنان في المؤتمر العالمي للشبيبة في روما عام 2024. وفي اليوم المخصّص للقاء البابا دخلنا إلى القاعة وانتظرناه منذ الساعة 9:30 صباحًا وقد تأخّر. لكن شرح أحد المسؤولين أنّنا كنّا الوفد السابع أو الثامن من الوفود الّتي كان قداسته قد استقبلها باكرًا في اليوم نفسه. وهذا ما يدلّ على أنّ البابا وعلى الرغم من تعبه الصحي والجسدي لن يتوقّف عن خدمته واجتماعاته والتزامه".
وأضاف "عندما دخل البابا شعرنا برهبة ولكن رهبة بسيطة ومتواضعة، فتحدّث معنا بلغّة شبابيّة بسيطة حول مسائل كنّا ننتظرها من الكنيسة، ولمسنا أبوّته الحقيقيّة لأنّه عكس لنا المحبّة والحنان والتواضع، فاللّقاء كان بسيطًا جدًّا مُفعمًا بالألفة وكأنّنا لم نكن في حاضرة الفاتيكان".
وأعرب عن شعور التوتّر الإيجابي الّذي لا يوصف عندما اقترب لمصافحة قداسته. قال له: "شبيبة لبنان بحاجة لصلاتكم"، فأجابه البابا: "إن شاء الله نلتقي قريبًا في لبنان ونصلّي معًا".
وأشار إلى أنّه لن ينسى هذه اللّحظة، "لكن حلم اللّقاء في لبنان لم يتحقّق الّا وأنّ البابا فرنسيس سيبقى دائمًا في قلوبنا وروحه سترافقنا في كلّ عمل رسولي نقوم به".
بابا الفرح والسلام
من جهّتها، توضح ماريال شربل بطرس أنّها التقت بالبابا فرنسيس مرّتين. المرّة الأولى كانت في الفترة الأولى من انتخابه بابًا، "كنّا متحمّسين جدًّا للقائه، وذلك في صلاة الـVia Crucis في الفاتيكان حيث طُلب من الشباب اللّبناني تحضيرها وتمّ اختياري لحمل الشعلة خلال الصلاة".
وأضافت "المرّة الثانية كانت خلال أيّام سينودس الشبيبة في العام 2019. لم أشارك فيها وإنّما انتظرت البابا كما سائر الناس أمام باب القاعة المخصّصة للسينودس. هذا وطلبت منه إمكانيّة تسجيل رسالة فيديو إلى الشبيبة في لبنان فكان متجاوبًا جدًّا. لكن ولأسباب تقنيّة اضطررنا أن نعيد التسجيل مع قداسته ثلاث مرّات. والملفت كان طول أناة البابا وابتسامته الّتي لم تفارق وجهه، فالموقف كان مؤثّرًا جدًّا".
وتابعت "تمكّنت من مصافحته في غمرة أبويّة سلاميّة كنت أحتاجها في وقت نعاني فيه من ضغوط أمام مستقبل مجهول. هذا وقال لي أنّه يصلّي من أجل الشباب في لبنان. أشكر الربّ على هذه اللّحظات".
شباب لبنان اتّخذوا قداسته كمثال أعلى لهم، يتابعون إرشاداته ويتمعّنون بها ويعيشون توجيهاته في كلّ خطوة من حياتهم علّهم يواجهون تحدّياتهم بإيمان عميق ورجاء كبير بعيدًا عن كلّ الأزمات والمصاعب.
البابا فرنسيس سيبقى الشخصيّة الأكثر قربًا من الشباب فلروحه السلام!