قداسة البابا فرنسيس: ذاكرة المأساة لا يمكن طمسها وهي مصدر للسلام ولاستشراف المستقبل
الحبر الأعظم حمل هموم الشعب الأرمني وجميع الشعوب الّتي تعرّضت للإبادات والمجازر
إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط
قداسة البابا فرنسيس، بابا الرحمة والتواضع، أب الفقراء والمهمّشين والمعوزين. حمل رسالة الإنسان وكلّ إنسان على هذه الأرض. دافع عن حقوقه وسعى إلى صون كرامته فكان الصوت الصارخ في البريّة الّذي سعى في كلّ كلمة وكلّ خطوة إلى إعداد طريق الربّ كي يجعل سبله مستقيمة.
قضايا وهموم كثيرة تناولها بكلّ رجاء ليكون الأذن الصاغية والملجأ الدافئ إلى جميع الشعوب الّتي عانت وما زالت تعاني المآسي والحروب والصراعات والكوارث. وبابتسامته الحنونة حوّل الألم إلى الأمل واليأس إلى الإطمئنان... الإطمئنان بالحضور الدائم للآب السماوي.
القضيّة الأرمنيّة لم ينساها الحبر الأعظم فوقف إلى جانب الشعب الأرمني بصلواته ودعمه وزيارته الرسوليّة إلى أرمينيا. كان مصدر قوّة وإلهام وتحفيز على المضي قدمًا بحثًا عن العدالة.
تحيّة سلام إلى الأرمن
تروي المصادر لإعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط أنّ البابا فرنسيس هو الّذي أعلن أنّ المجزرة الّتي تعرّض لها الشعب الأرمني هي أوّل مجزرة في القرن العشرين، وذلك خلال قدّاس في كاتدرائيّة القدّيس بطرس في الفاتيكان في 12 نيسان/ أبريل 2015.
وفي التاريخ نفسه منح قداسته لقب "ملفان الكنيسة" أي "معلّم الكنيسة" للقدّيس الأرمني كريكور ناريكاتسي. كما بارك تمثالًا لهذا القدّيس في الفاتيكان في 18 نيسان/ أبريل 2018.
زيارة محبّة إلى أرمينيا
أمّا بين 24 و26 حزيران/ يونيو 2016، فزار قداسة البابا فرنسيس أرمينيا في رحلة رسوليّة وصف خلالها مذابح الأرمن بـ"الإبادة الجماعيّة" لتكون المرّة الثانية الّتي يستخدم فيها قداسته هذه العبارة بعد أن أثير غضب تركيا عندما استخدمها للمرّة الأولى.
"ذاكرة المأساة لا يمكن طمسها" هذا ما شدّد عليه الحبر الأعظم في زيارته نصب "تزرتزرناكابرد" لتكريم ضحايا مجازر الأرمن في يريفان.
وفي "المتحف والنصب التذكاري للإبادة" على تلة مشرفة على العاصمة الأرمينيّة، رفع قداسته الصلاة من أجل عدم تكرار مآسي الشعب الأرمني، وكتب في دفتر الزائرين باللّغة الإيطاليّة "هنا أصلّي والحزن في قلبي حتّى لا تتكرّر مطلقًا مآس مثل تلك وحتّى لا تنسى الإنسانيّة ولتعرف كيف تتخطّى الشر بالخير".
وعبر نهجه المُفعم بالسلام تبادل قداسته الأحاديث مع أحفاد أيتام أرمن اتّخذوا من مسكن باباوي صيفي جنوبي روما ملجأ لهم في بداية القرن العشرين. وكتب في دفتر الزائرين "أدعو الله أن يمنح الشعب الأرمني الحبيب والعالم بأسره السلام والسلوان. وليحفظ الله ذكرى الشعب الأرمني. ذكرى لا يجب أن تخبو أو تنسى. الذكرى هي مصدر للسلام ولاستشراف المستقبل".
لكن ما من مستقبل سليم للشعب الأرمني وجميع الشعوب الّتي تعرّضت للإبادات والمجازر على مرّ التاريخ الّا من خلال العدالة الّتي تبقى مجهولة. وعلى الرغم من كلّ المساعي والمحاولات الّتي أُقيمت من أجل إحقاق الحقّ هل سيشهد العالم نتائج ملموسة تشفي غليل كلّ إنسان يعاني؟