هوشعنا في الأعالي، مبارك الآتي باسم الرّب

أحد الشعانين: عبور من أورشليم الأرضيّة إلى أورشليم السماويّة

خاصّ: إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط

إنّه عيد تنقية الذات وتجديد الهيكل الداخلي... إنّه عيد العودة إلى البراءة والبساطة... إنّه محطّة مقدّسة نفتح فيها قلوبنا لاستقبال يسوع المسيح الّذي دخل ملكًا إلى أورشليم الأرضيّة ليرفعنا اليوم إلى أورشليم السماويّة. إنّه أحد عيد الشعانين، وهو الأحد السابع من الصوم الكبير والأخير قبل عيد الفصح.

الجميع ومن دون استثناء، كبار وصغار، إكليروس وعلمانيّين، يهتفون بفرح كبير وبقلوب مُفعمة بالرجاء "هوشعنا في الأعالي، مبارك الآتي باسم الرّب!".

تغصّ الكنائس في هذا اليوم بالمؤمنين وخصوصًا الأطفال منهم الّذين يحملون الشموع ويستعدّون مع عائلاتهم للسير في زيّاح الشعانين بعد المشاركة في القداديس الإلهيّة، وذلك كرمز لمسيرة يسوع المسيح في شوارع أورشليم.

مقابل كلّ التقاليد والعادات الشعبيّة الّتي تقام لهذه المناسبة، لا بدّ من استذكار حدث الشعانين الّذي يحمل الكثير من الفرح والتجديد والإيمان. هو اليوم الّذي دخل فيه يسوع المسيح إلى أورشليم بعد أن غادر بيت عنيا قبل الفصح بستّة أيّام، وسار إلى الهيكل، فكانت الجموع الغفيرة تفترش ثيابها أمامه، وآخرون يطرحون أغصان الشجر احتفاء به.

لكن ما هو معنى كلمة شعانين؟

في الواقع، "شعانين" هي كلمة عبرانيّة من "هوشعنا"، وتعني يا رب خلّص، ومنها جاءت لفظة أوصنا اليونانيّة التي ترتّلها الكنيسة في هذا العيد. كما يُطلق على هذ العيد أسماء عديدة منها أحد الأغصان، أحد السعف، وأحد أوصنا.

علمًا أنّه في العقود القديمة، سُمّي هذا اليوم بعبارات مختلفة مثل أحد المستحقّين وهم طلّاب العماد الّذين تعرّفوا على الدين المسيحي وأرادوا الإلتزام به، وكذلك أحد غسل الرأس وهي عادة كانت تُقام إشارة للتطهير والاستعداد لدخول الكنيسة.

أمّا بالعودة إلى حدث الشعانين فتشرح المراجع الأبائيّة أنّه مع يسوع تمّت إحدى نبوءات العهد القديم الواردة في سفر زكريا "ها هو ملكك يأتيك راكبًا على اتان، وجحش إبن أتان". والأتان يرمز إلى الشعب اليهودي حامل ألواح الوصايا، وإبن الأتان كان يدلّ إلى الأمم الّتي لم تحمل الوصايا.

وإحياءً لهذا الحدث يحمل المؤمنون اليوم أغصان النخل والزيتون دلالة على أنّ يسوع هو ملك الأزمنة الجديدة، ملك الانتصار على الشرّ وملك السلام. من هنا، ترمز سعف النخل إلى الظفر والإكليل الّذي يهبه الله للمجاهدين المنتصرين، وأغصان الزيتون تشير إلى السلام وعصيره يشير إلى القداسة.

 

الّا أنّه للأسف أصبحت التقاليد الشعبيّة الحديثة تطغى اليوم على معاني ورموز أحد الشعانين، فدعوتنا تكمن بالعودة إلى الذات وتطهير النفس والمواظبة على الصلاة من أجل استقبال يسوع المسيح بقلوب منسحقة وأروح نقيّة علّ سلامنا الداخلي يعيد الرجاء إلى كلّ من يبحث عنه وسط صعوبة الحياة.

Previous
Previous

القدّيسون الشهداء الأفارقة ترانتيوس وأفريكانوس ومكسيموس وبومبيوس ورفاقهم الستة والثلاثون (القرن 3 م)

Next
Next

فيديو- الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط البروفسور ميشال عبس في محاضرة من البلمند: شهود وشهداء في الأناضول