الخليقة المأزومة والخالق الغفور

د. ميشال أ. عبس

الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط

في العالم سباق محموم اليوم بين من يريد حماية البيئة ويضحي بكل غال ونفيس من اجل ذلك، وبين من يمعن بتدميرها عن انانية تتسلح بالجهل، تهدف الى تأمين مصالح لا تأخذ بعين الاعتبار الا حاجتها للربحية.

المدافعون عن البيئة لا يملكون سوى سلاحين انسانيين، اخلاقيين، هما المعرفة والأخلاق. هم طبعا يتوسلون المناصرة من اجل إيصال كلمتهم وزيادة مؤيديهم، ولكن يبقى تأثير هذه الجماعات محدودا مقابل اخصامهم المدججين بالمصالح ومشتقاتها.

اعداء البيئة، يمعنون فيها تهشيما، ويسيرون في مسار لا رجعة فيه الى الوراء. اذا كانوا يدرون، فتلك مصيبة، وان كانوا لا يدرون، فالمصيبة اعظم.

لقد اصيب مناصري البيئة بالإعياء، ولكن ليس بالإحباط، وهم يحاولون مصارعة التنين الذي يلتهم البيئة، تنين الصناعة، والنفايات الكيمائية، والنفايات النووية، وتنين اللامبالاة البشرية.

مجلس كنائس الشرق الأوسط، من منطلقه الايماني اللاهوتي، انبرى للدفاع عن بيئتنا المنهكة منذ سنوات، وأصبح ناشطا في شتى المجالات البيئية، اللاهوتية منها، والإعلامية والثقافية والعملانية على الأرض، عبر حملات التشجير والتوعية التي يقوم بها.

منذ سنوات أربع، يواكب المجلس موسم الخليقة من بدايته حتى نهايته، من اول أيلول/سبتمبر، الى الرابع من تشرين الأول/أكتوبر، ويقوم طيلة السنة التي تفصل موسمي خليقة، بكافة النشاطات التي ذكرناها، وذلك عبر وحدة العدالة البيئية التي انشأها المجلس للاهتمام بالنشاطات البيئية.

رغم الخراب المتقدم الذي أصاب بيئتنا في هذا العالم، ورغم التغيرات المناخية الخطيرة التي يشهدها العالم، والتي تزداد عنفا وسرعة، يبقى الامل بإنقاذ البيئة قدر الإمكان واخراجها من براثن مفترسيها.

نحن في مجلس كنائس الشرق الأوسط، نعول كثيرا على العلوم والتكنولوجيا من اجل الدفاع عن البيئة، ومقارعة مغتاليها، ولكننا نعول اكثر على الايمان بان الخالق قد سلمنا إياها نظيفة وسليمة ومن واجبنا الاولي الحفاظ عليها وتسليمها للأجيال القادمة وهي كذلك.

البيئة هي اهم الوزنات التي وضعها الخالق بتصرفنا، فلنرفق بها من باب احترامنا للذي اعطانا إياها.

Previous
Previous

مومنتوم، أسبوعيّة إلكترونيّة من مجلس كنائس الشرق الأوسط

Next
Next

فيديو - غبطة البطريرك يوحنّا العاشر