الثلاثاء العظيم المقدّس
(العَشر عذارى)
إنّنا نصنَع اليوم تِذكار مَثَل العَشر العذارى الذي قاله يسوع مع أمثال أخرى فيما كان آتياً الى الآلام. وهو يُعَلِّمنا به أن لا نكتَفي بحِفظ البتوليّة وصيانتها متى تَمَكنّا من ذلك ونتقاعَد عن سائر الفضائِل والأعمال الجَيِّدة ولاسيما أعمال الرَحمة التي بها يتَوَقَّد مِصباح البتوليّة مُشَعشاً وأن نكون لجهلنا بنهاية آجالنا مُستَعِدِّين لها كل ساعة كإستعداد العذارى الحَكيمات لِلِقاء العريس وذلك لئَلّا يُداهِمنا المَوت بَغتَة فيُغلَق باب الخِدر السَماوي في وجوهنا ونسمع ذلك القضاء الرهيب الذي سمِعَته العذارى الجاهِلات وهو قوله " أقول لكُنَّ إني لا أعرِفَكُنَّ" متى (25 1 – 13).
مَثَل العذارى في إنجيلَي متى ولوقا، الذي طرحه السيّد المسيح كأنموذجٍ للنفس البشريّة في اختيارها طريق اليَقَظَة والسَهَر الروحي من خِلال اقتناء (الزيت) الذي هو الفضائل والأعمال الصالحَة، حيثُ نسمع في المَثَل عن العذارى العَشر اللّواتي خَرَجنَ للِقاء العريس (دلالة المجيء الثاني للسَيِّد المسيح)، خمس عاقِلات، وخمس جاهِلات، أمّا العاقِلات فكان معهُنَّ زيتاً كِفايَة، ليستَقبِلنَ فيه العريس الذي جاء في مُنتَصفِ الليل (دلالة على قُدوم السيّد المُفاجئ)، فكُنَّ مُتَيَقِّظاتٍ واستَحقَقنَ أن يستَقبِلنَ العريس، ويأخذنَ الطوبى. عكس العذارى الخمس الجاهلات اللواتي جاهدنَ، ولكن ليس كفايةً، فلم يستَحقَقنَ لقاء العريس وبقينَ خارج العِرس أي خارج الملكوت.
مِن هُنا، فالكنيسة تَحثُّ المؤمنين على عدم الإستغراق في النَوم، أي عَيش اليَقَظَة الدائِمة التي مِن خِلالها ننتَبِه إلى حياتنا وتصرُّفاتنا في حِفظِ وصايا الرّب، ونكون مُتَيَقِّظين حتّى نستَحِق في النهاية أن نستَقبِل يسوع (الخَتَن)، في قُلُوبنا لِيَملك عليها، ولنكون مِثل العذارى الخمسة اللّواتي دَخَلنَ مع يسوع إلى العِرس الإلهي. آمين.