الكنيسة الإنجيليّة في إصلاح مستمرّ من أجل حياة مسيحيّة سليمة

في أحد الإصلاح الإنجيليّ، إلى ماذا ترمز هذه الذّكرى؟

هذا التقرير متوفّر أيضًا باللّغة الإنكليزيّة.

تقرير ايليا نصراللّه

إنّها دعوة إلى الإنفتاح، إلى الإلتزام بفكر منفتح وقبول الآخر بغضّ النّظر عن معتقده أو دينه أو طائفته. هو الإصلاح الإنجيليّ الّذي يشكّل دعوة لتحقيق الأفضل لكلّ واحد منّا وعيش محبّة اللّه مع الآخرين وتغيّير كلّ ما يعيق أو يناقض هذه المحبّة؛ "وأمّا أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل" (يوحنّا 10: 10).

ذكرى الإصلاح الإنجيليّ تحتفل به الكنائس الإنجيليّة في الأحد الأخير من شهر تشرين الأوّل/ أكتوبر من كلّ سنة حيث يصادف هذه السّنة يوم الأحد 31 من الشّهر الحاليّ. ذكرى تتشارك فيها الكنائس الإنجيليّة خدمة صلاة موحّدة لتتأمّل بالإرث الغنيّ ومحاسبة الذّات من جهّة الأمانة لرسالة المسيح ومبادئ الإصلاح الأصليّة.

إلى متى تعود هذه الذّكرى؟ ما هي رمزيّتها؟ وما هي مبادئ الإصلاح الإنجيليّ؟ أسئلة لا بدّ من الإضاءة على إجاباتها لنتعمّق أكثر في معاني هذا العيد الإنجيليّ التاريخيّ.

الرّاهب الأوغسطينيّ مارتن لوثر

الإنجيل: المرجع الوحيد للحياة والإيمان

تاريخيًّا، شهدت مدينة ويتنبرغ الألمانيّة مساء 31 تشرين الأوّل/ أكتوبر عام 1517 حدثًا تاريخيًّا أدّى إلى تغيير في الكنيسة والعالم. كيف؟ البداية كانت عشيّة عيد جميع القدّيسين حيث علّق الرّاهب الأوغسطينيّ مارتن لوثر 95 بندًا على باب كنيسة المدينة. هذه البنود ترمز إلى 95 تساؤلًا ودعوة للمناقشة كما كانت تجري العادة في ذلك الوقت.

لكن لم يكن الهدف من هذه الخطوة الإستفزاز أو الإنفصال عن الكنيسة. إلّا أنّ الظّروف السياسيّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة ساعدت على تأسيس حركة إصلاح في الكنيسة. إنضمّ إليها أعضاء حملوا إسم البروتيستانت أي المحتجّين واليوم الإنجيليّين، لأنّ الإنجيل يشكّل مرجعهم الوحيد للحياة والإيمان.

 

حركة الإصلاح: نحو حياة مسيحيّة صحيّة

أمّا أكثر البنود الّتي أراد مارتن لوثر أن يناقشها مع قادة الكنيسة فكانت تتعلّق بمسألة صكوك الغفران. هذا الصكّ الّذي يشتريه الإنسان بمبلغ من المال ليحصل على غفران خطاياه وخطايا الموتى. يشكّل خلاص الإنسان محور إهتمام الإصلاح الإنجيليّ الّذي يفسّر الخلاص على ضوء سلطة كلمة اللّه ويشدّد على ضرورة التمسّك بتعاليم الإنجيل من أجل حياة مسيحيّة صحيّة وصحيحة.

ترتكز حركة الإصلاح الإنجيليّ على مبادئ أربعة أساسيّة في الإيمان الإنجيليّ، فما هي؟ أوّلًا تعتبر حركة الإصلاح أنّ المسيح هو رأس الكنيسة الوحيد، وثانيًا ترى أنّ التبرير أمام اللّه يكمن في النّعمة فقط وبالإيمان بيسوع المسيح وحده. أمّا المبدأ الثّالث فيشدّد على أنّ السّلطة النهائيّة تكون لكلمة اللّه أي الكتاب المقدّس بالعهدين القديم والجديد؛ والمبدأ الرّابع يتجسّد في كهنوت جميع المؤمنين، ما يعني أنّ لكلّ مؤمن كما الكاهن دور في التبشير وقراءة كلمة اللّه ودراستها.

 

كلمة اللّه في البشارة والتعليم

حرص الإنجيليّون على إيصال الفكر المسيحيّ في كلّ أنحاء المسكونة فإنطلقوا إلى العالم حاملين كلمة اللّه ومهتمّين بالتّعليم كحجر أساس في خدمتهم لأنّ هدفهم كان يكمن في تحفيز النّاس على قراءة الإنجيل والتعرّف على محبّة المسيح. لذا إنتشرت معهم المدارس والجامعات وساهموا كذلك بالنّهضة الثّقافيّة والحضاريّة في المجتمعات.

عام 1823 جاء المرسلون إلى لبنان والمنطقة، أسّسوا كنائس إنجيليّة وأنشأوا مدارس في بيروت والشّمال والجنوب والبقاع. هذا إضافةً إلى جامعات عدّة كالجامعة الأميركيّة في بيروت AUB، الجامعة اللّبنانيّة الأميركيّة LAU، جامعة هايغازيان Haigazian في الحمرا، بيروت، وجامعة الشّرق الأوسط M.E.U.، لبنان.

 

شهادات وتعاليم إنجيليّة

في أحد الإصلاح الإنجيليّ عام 2019، تحدّث رؤساء مختلف الكنائس الإنجيليّة في لبنان وسوريّة عن أهميّة الإصلاح في التجديد وبثّ الرّجاء، عبر فيديو نُشر للمناسبة على صفحة "أحد الإصلاح في لبنان" على موقع فيسبوك. آراء وتعاليم لا بدّ من تسليط الضوء عليها علّه نعمل من أجل مجتمع أفضل مفعم بالسّلام والمحبّة.

في حديثه، قدّم رئيس المجمع الأعلى للطائفة الإنجيليّة في لبنان وسوريّة القسّ جوزيف قصاب تعريفًا عن الإصلاح الحقيقيّ مشيرًا إلى ضرورة وجود حركة نهضة روحيّة مبنيّة على الكتاب المقدّس في الكنيسة. وقال "علينا تعميق هويّتنا وأن نعرّف عن أنفسنا كمسيحيّين إنجيليّين من دون إكتشاف هويّتنا عبر التناقض مع الآخر. ما فعله التاريخ من تنوّع يجب الّا يدفعنا إلى اليأس لأنّ الرّوح قادرة على توحيدنا".

أمّا رئيس مجمع الكنيسة الإنجيليّة الحرّة في لبنان وسوريّة القسّ جوزيف نجم فإعتبر أنّ "الرّوح القدس يعمل في الكنيسة كي يجدّدها ككيان عام وأيضًا ككنيسة محليّة. تُعتبر الكنيسة الإنجيليّة أنّها في حياة إصلاح مستمرّ...". بدوره أشار رئيس الكنيسة السبتيّة الإنجيليّة في لبنان القسّ ليفون مقصوديان إلى أنّ "الإصلاح يدفعنا إلى الإنطلاق بخطوات ثابتة... كي نبني المجتمع على جذور وأسس مرتكزة على تعاليم يسوع المسيح".

وشدّد رئيس كنيسة الإتّحاد المسيحيّ الإنجيليّة في لبنان وسوريّة القسّ إدوارد عوابدي على دور كنيسة المسيح في هذا العصر، في الوقت الّذي ينتشر فيه الإحباط ويسود فيه اليأس حيث بات النّاس يبحثون عن رجاء حقيقيّ ليس موجود الّا في كنيسة المسيح". ودعا إلى إستخدام الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعيّ "لنصل إلى أكبر عدد ممكن من النّاس... كي نقدّم رسالة المسيح".  

من جهّته، رأى راعي الكنيسة الإنجيليّة الوطنيّة المشيخيّة في الرّابية، لبنان، القسّ جورج مراد "أنّ المصلح الأوّل هو يسوع المسيح. وعندما نمتلئ من ثمار الرّوح ونعود إلى يسوع المسيح أصبح بإمكاننا أن نغيّر المجتمع" إلى الافضل.

أيضًا قال راعي الكنيسة المعمدانيّة الإنجيليّة في بدارو، لبنان، القسّ طوني سكاف أنّ "رأس الكنيسة هو المسيح، فبقدر ما الكنيسة مرتبطة بالمسيح بقدر ما هي مؤثّرة تأثير المسيح... الكنيسة المؤثّرة تعتمد أيضًا على مواهبها المختلفة. كلّ واحد بحسب ما أُعطي من موهبة... يحقّق ويتمّم المأموريّة ليكون مؤثّرًا".

 

معًا نتكاتف ونصلّي

في ذكرى الإصلاح الإنجيليّ ومع الكنيسة الإنجيليّة نتّحد بقلب واحد ونهتف معًا: "نصلّي يا اللّه من أجل الكنيسة في العالم، وبشكل خاصّ من أجل الكنائس الإنجيليّة في لبنان والشرق الأوسط. نشكرك يا ربّ من أجل تاريخها الغنيّ وإرساليّتها الفاعلة، ومن أجل عملها لنشر بشارة الإنجيل وخدمة الإنسان في هذه المنطقة. نحمدك يا إلهنا لأنّك ما زلت منذ نشأتها حتّى اليوم تحفظها وسط الصّعاب، وتدعو خدّامًا لقيادتها وتؤهّلها لتشهد لك بتنوّعها. نطلب منك اليوم يا أبانا أن تبارك كنائسك وتنفخ روحك القدّوس فيها كي تستمرّ في خدمتها وتنتعش في عبادتها وتبقى أمينة لك إلى منتهى الأيّام" (من خدمة صلاة أحد الإصلاح الإنجيليّ).

دائرة التواصل والعلاقات الهامة


المرجع: صفحة "أحد الإصلاح في لبنان" على موقع فيسبوك - https://bit.ly/3jMeOSv

Previous
Previous

معًا نتكاتف ونصلّي

Next
Next

مومنتوم أسبوعيّة إلكترونيّة من مجلس كنائس الشرق الأوسط