كلام في الوحدة والتضامن

Dr.+Michel+Abs,+MECC+Secretary+General.jpg

د. ميشال أ. عبس

الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط

الصلاة هي احدى السبل ذات الفاعلية من اجل وحدة الجماعة المؤمنة.

لكن الوصول الى الوحدة وتضامن الجماعة يتطلّب مسارات أخرى.

فالوحدة هي غاية بحدّ ذاتها، ودونها تضحيات ومعاناة.

لكن الهدف يستحّق أن يبذل الانسان ما أوتي من عطاءات من أجل بلوغه.

لماذا الوحدة، وما تبعات تحقيقها على حياة الجماعة ومصيرها؟

الوحدة قيمة بحد ذاتها!

منذ بدايات الحضارة، ومع الأسئلة الأولى التي طرحتها البشرية عن علّة وجود الانسان والكون ومصيرهما، والعقل البشري يبحث عن أجوبة، فوجدها في وحدانية الكون ووحدانية الخالق. هذه الوحدانية وضع الاهتداء اليها البشرية جمعاء امام تطلعات ايمانيّة وعلاقات اجتماعيّة جديدة.

لقد تظهّر التجلي الإلهي على الخلق في صورة إله واحد نعبده ونشكره على عطاياه، ونلجأ اليه في الملّمات، وبين يديه نضع مصيرنا، واليه نعود في كل ما نحياه وما نعانيه.

الإله الواحد المتجسّد هو إذًا المئال النهائي، الألف والياء، لوحدة الكون، وحدة الخلق ووحدة الخليقة التي هي مدعوّة أنّ تتوّحد على صورة الخالق ومِثاله.

الثالوث القدوس هو إله واحد متجسّد، ممّا ينبي البشريّة بأنّ اتخذي الشكل الذي تريدين ولكن كوني واحدة أحدة في الخالق. "كونوا واحداً" قال لنا السيِّد.

وكذلك الجماعة المؤمنة. البيعة، في عهدها، من الأزل والى الأبد، مع الخالق.

"اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ." قال السيِّد.

إذا انشّق الغصن ولم يتوحّد مع الكرمة فإنه لن يثمر وسوف يكون مصيره اليباس.

الوحدة نقيضها الانقسام، التشرّذم، التشتّت، الضياع والمصير المجهول.

أن تتنوّع الجماعة المؤمنة لا يعني أنها تنقسم. التنوّع غنى والانقسام بؤس.

انعدام التنوّع هو خنق للإبداع البشري وهو مسّ بالكرامة الإنسانيّة والتقدّم الإجتماعي.

الوحدة ليست انعدامًا للتنوّع بل منظّم له. المهّم أن تبقى الوحدة في التنوّع، أيّ أن يكون للجماعة الوحدة الروحيّة وووحدة الإتّجاه مهما تشكّلت وتنوّعت طرق تعبيرها عن عقيدتها.

فقط في الوحدة يتماسك الوجود وتتوطّد الجماعة ويصلُب عودها وتنتصر في صراع البقاء.

مهما كانت وسائل تجليّات الجماعة المؤمنة، عليها أن تموضع نفسها من ضمن مسار الوحدة مهما اختلفت مع نظيراتها لأن السيِّد قال لهم إنّ "كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ".

متى استطاعت الجماعة ان تتنوّع من ضمن الوحدة،"فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ".

"أحبّوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم".

إمّا أن تكونوا حُزمَة مُتراصّة عَصيّة على الفناء، أو أن تُكسروا عودًا عودًا.

القرار قراركم!

Previous
Previous

مجلس كنائس الشرق الأوسط في لقاء مسكونيّ جمع الشباب المسيحي في الشرق الأوسط

Next
Next

"أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين"