سيادة المطران جورج أسادوريان: البطريركيّة تعهّدت بترميم 200 بيت في بيروت المنكوبة

سيادة المطران جورج أسادوريان، النائب البطريركي لكنيسة الأرمن الكاثوليك

سيادة المطران جورج أسادوريان، النائب البطريركي لكنيسة الأرمن الكاثوليك

كتبت أوغيت سلامة


لحظة دوّى انفجار مرفأ بيروت المشؤوم كان يتوجّه بسيارته الصغيرة إلى مبنى البطريركية في الأشرفية، منطقة الجعيتاوي. وفي أقلّ من ثوانٍ وجد المطران نفسه ينقل الجرحى الهائمين بدمائهم ودموعهم على الطرق بسيارته من مستشفى إلى آخر!  

سيادة المطران جورج أسادوريان النائب البطريركي لكنيسة الأرمن الكاثوليك يروي كيف مرّت الساعات الثقيلة بعد الانفجار وما تبعها من مآسٍ وألم مزّق البيروتيّين واللّبنانيّين وكلّ أحبّاء لبنان في العالم.

عن ترميم الحجر والنفوس في بيروت، عن "اللّجنة المسكونيّة لإغاثة بيروت" وعن حاجات الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة كان هذا الحديث من القلب في مكتب سيادته في المقرّ البطريركي في الأشرفية الّتي تلملم جراحها.

 

ربينا على فكرة أنّ الأرمن اينما كانوا يجب أن يَبقوا موحّدين
سيادة المطران جورج أسادوريان، النائب البطريركي لكنيسة الأرمن الكاثوليك

بعد نحو 3 أشهر يتذكّر سيادة المطران أسادوريان يقول "وجدت نفسي أركض بين المستشفيات والأحياء أبحث عن الجرحى من أبناء رعيّتي وأصدقائي وأهلي... وحتّى الثالثة والنصف فجرًا بقيت أساعد في مستشفى الجعيتاوي، كنست الزجاج والردم وساعدت في تنظيف موقف السيارات الّذي تحوّل إلى ساحة لاستقبال مئات الجرحى والمصابين من الانفجار. حتّى أنّني تلقيت اتّصالات من الولايات المتّحدة يطلبون منّي المساعدة في إنقاذ سيدة مصابة ومحتجزة على شرفة المستشفى لشدّة ضغط الانفجار".

 أبناء الرعيّة ومنطقة الأشرفية بالتحديد يعرفون سيادته منذ العام 1986 إيّام الحرب في لبنان حين كان يخدم رعيّته ويحاول المساعدة في أقصى الظروف حتّى أنّه جهّز شاحنة صغيرة خصيصًا لجمع النفايات وتوزيع قوارير الغاز والماء والوجبات الساخنة...

 ويتابع أسادوريان "نحن الكنيسة الأرمنية نتمتع بثقة أبنائنا الكبيرة، فلا يبخلون بدعم إخوتهم الأكثر ضعفًا من خلالنا. المجازر التي إقترِفت بحقّنا وحّدتنا. هكذا ربينا أنّ الأرمن اينما كانوا يجب أن يَبقوا موحّدين. والدليل ما يحصل اليوم في الحرب ضد إقليم ناغورني كاراباخ حيث كل الأرمن توحدّوا للدفاع عن الإقليم وإخوتهم الأرمن ودعمهم بكل الوسائل".

وجودنا كأرمن في لبنان أساس في كينونتنا ومستقبلنا، لذا نشدّد على أهمية بقاء الشباب في لبنان

وفي السياق يروي أسادوريان عن عمليّات الإغاثة والدعم لأبناء بيروت المنكوبين ويكشف "البطريركيّة تعهّدت بترميم 200 بيت من بيوت أبناء الرعيّة الّتي دمّرها الانفجار. من اليوم الأوّل نزلنا إلى الأحياء المدمّرة مع متخصّصين في البناء وجلنا بيتًا بيتًا وحاولنا على الأقل إصلاح أبواب المدخل الرئيس للبيوت المتضرّرة كي يتمكّن أهلها من النوم فيها ويكونوا محميّين من السرقة.

هذا عدا عن الكنائس التي تضرّرت بشكل كبير وبينها الكاتدرائيّة الكبرى في ساحة الدباس في بيروت ومقرّ البطريركيّة في الأشرفية وكنائس برج حمّود والزلقا.. والّتي سنؤجل ترميمها إلى ما بعد الانتهاء من ترميم البيوت لتعود إليها العائلات قبل الشتاء".

ويستطرد "منذ بداية الأزمة الإقتصاديّة أي تقريبًا من عيد الميلاد العام الفائت ونحن نقدّم وجبة غداء يوميّة لنحو 200 عائلة. نحن نطبخ ونوزّع على الرعايا في برج حمود والجوار. كما نقدّم مرّة في الشهر حصصًا غذائيّة لنحو 850 عائلة. تنقصنا الأدوية لا سيّما مع الظروف الاستثنائيّة الّتي فرضتها جائحة فيروس كورونا وعدد المصابين بين العجزة الّذين لا معيل لهم الّذي يتزايد ونجد أنفسنا مضطرين للتدخّل وتأمين العلاج لهم ونتدخل مرّات حتّى لتأمين دخولهم إلى المستشفيات.  

نشكر الله دائمًا على نِعَمِه، واليوم لدينا نعمة أكبر تتجسّد بهذا التضامن بين كنائس بيروت ومجلس كنائس الشرق الأوسط والّذي تمّ تنظيمه حتّى من خلال إنشاء "اللّجنة المسكونيّة لإغاثة بيروت" وكان لي الشرف أن أنضمّ إليها من قبل كنيستي.

مأساة المرفأ سببّت الكثير من الألم صحيح، لكن نشكر الله أنّها وحّدت الإنسان مع أخيه الإنسان وأشعلت بينهم جذوة المحبّة".

عن معاناة الشرقيّين والثمن الّذي يدفعونه كلّ مرّة للبقاء في أرضهم يتابع أسادوريان " نحن مدعوون لنكون شهودًا في هذا الشرق، ولنكون شهودًا لحتمية الوجود المسيحي فيه. لذلك فإنّ وجودنا كأرمن في لبنان أساس في كينونتنا ومستقبلنا، لذا نشدّد على أهميّة بقاء الشباب في لبنان ونحاول أن نثبّت فيهم قناعة " ما في أحلى من لبنان" وهم سيدركون ذلك عندما يختبرون العيش في الخارج حيث القيم الإنسانيّة لكن في غياب مؤلم للقيَم الدينيّة والروحيّة. هذه القيم الروحيّة هي رسالة الكنيسة في لبنان، بها نشهد للعالم ما هو معنى أن تكون مسيحييًا.

كمجلس كنائس الشرق الأوسط تثبتون يوميًّا أنّ وحدتنا تعزّز الرجاء والأمل في نفوس مسيحيي الشرق

وأنتم كمجلس لكنائس الشرق الأوسط تجمعون كلّ العائلات المسيحيّة وتثبتون يوميًّا للجميع أنّ وحدتنا تعزّز الرجاء والأمل في نفوس مسيحيي الشرق وتؤكّد أنّ خدمة الآخر مصدر فرح وسلام بين العائلات الّتي تقدّمون لها يد المساعدة.

 الربّ يعمل من خلالكم، ومعكم يقول لأخي الانسان " شوف في كنيسة ومجلس للكنائس مجتمعة عم بيهتموا فيك، جايين يساعدوك، جايين يصلحولك البيت جايين تيكونوا حدك بمحنتك". كثر من الذين وصلتهم حصص المساعدات اعتبروها تعزية باسم المسيح. أنتم تعملون بإسم المسيح الّذي أعطاكم النعمة لتعملوا على زرع الأمل، ولتؤكّدوا أنّ المشكلة ليست بالوقوع بل بعدم السعي للنهوض مجدّدًا".

وعن أهمّ الحاجات الّتي يتوقّعها في المستقبل يختم سيادة المطران " الناس تحتاج اليوم لكلّ أنواع المساعدات ونتمنّى أن تساعدونا بالأخصّ في عمليات ترميم البيوت الّتي تضرّرت جرّاء انفجار بيروت.  كما نرى أنّ الحاجة ستكون أكبر في تأمين التعليم لأولادنا لذا إتّخذ غبطة البطريرك غريغوار غبرويان القرار بحسم نسبة الثلثين من الأقساط في مدارسنا. لا يمكن أن نسمح لأولادنا أن يذهبوا إلى مدارس يفقدون معها لغّتهم الأرمنيّة والقيم الروحيّة والدينيّة الّتي نحرص على تربيتهم عليها.

لكن مدارسنا تواجه الأزمة الاقتصاديّة الحالية بصعوبة، لذا لجأنا للاقتراض وجمع التبرّعات لفتح السنة الدراسيّة 2020-2021. ممنوع الّا يذهب أولادنا إلى المدارس أو يلتحقون بها أونلاين".   

 

دائرة التواصل والعلاقات العامة

Previous
Previous

مجلس كنائس الشرق الأوسط: العنف جريمة ضد اللّه والإنسانيّة... والأديان رسالة محبّة وسلام

Next
Next

ضحيّة جديدة جرّاء انفجار الرّابع من آب/ أغسطس واللّبنانيّون ما زالوا يضمّدون جراحهم