الأب شربل باهي، ممثّلًا الكنيسة السريانية الأرثوذكسيّة في بيروت الجريحة: نحن بأشدّ الحاجة أن نتّحد كمسيحيّين ونظهر صورة يسوع المسيح في أعمالنا
تحقيق ايليا نصراللّه
في أعقاب انفجار مرفأ بيروت، أسرعت العائلات الكنسيّة والمؤسّسات التّابعة لها إلى إنقاذ أبنائها المتألّمين وبلسمة أوجاعهم وجراحهم الّتي بات ذكرها مؤبّدًا. فبالتّعاون مع الجمعيّات والمنظّمات الإنسانيّة المحليّة والدوليّة وبينها مجلس كنائس الشرق الأوسط – دائرة الخدمة والإغاثة دياكونيا، تواصل أبرشيّات ومطرانيّات بيروت جهودها في مساندة المتضرّرين نفسيًّا ومعنويًّا وماديًّا، خصوصًا أنّهم علقوا في دوّامة من الأزمات الخانقة ولن يتمكّنوا من الخروج منها بسهولة.
أبناء الكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة في بيروت وقعوا أيضًا ضحيّة هذه الفاجعة المأساويّة الّتي شلّعت قلوبهم وهزّت العالم أجمع. فكيف استجابت مطرانيّة بيروت للسّريان الأرثوذكس لهذه لكارثة؟ وكيف وقفت الى جانب رعيتها؟
دائرة التواصل والعلاقات العامة في مجلس كنائس الشرق الأوسط تواصلت مع الأب شربل باهي، عضو اللّجنة المسكونيّة لإغاثة بيروت - والّتي دعا إليها مجلس كنائس الشرق الأوسط - ممثّلًا الكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة بتعيين من سيادة مطران بيروت للسريان الأرثوذكس دانيال كورية، لتسليط الضوء على الأضرار والخسائر الفادحة الّتي شهدتها العائلات السريانيّة، والبحث في حاجاتها وطرق مساعدتها.
بمشاعر صادقة، وصف لنا الأب شربل باهي أولى لحظات الرّعب والهلع الّتي عاشها كغيره من اللّبنانيّين على إثر الإنفجار، حيث وقعوا جميعًا تحت هول الصّدمة ومرّوا بوقت عصيب وحزين. يروي الأب باهي أنّه تواصل، في خطوة أوّليّة، مع أبناء رعيّته في منطقة المصيطبة والعائلات السريانيّة الأرثوذكسيّة في الأشرفيّة، بتكليف من سيادة المطران دانيال كورية، للاطمئنان عنهم وعن أحبّائهم، ولتفقّدهم ومدّ يد المساعدة. كما دعا كلّ من يمكنه المساعدة للتوجّه إلى العائلات المتضرّرة ومساندتها بحسب الظّروف الّتي تواجهها.
تابع الأب شربل حديثه مشيرًا إلى الجولة الميدانيّة الّتي قام بها مع سيادة المطران كورية، بعد ثلاثة أيّام من الكارثة، على منازل أبناء الرعيّة كافة لمعاينة الأضرار الّتي لحقت بها والخسائر الّتي شهدتها، حيث تعهّدا بمساعدة جميع العائلات السريانيّة وأنّ الكنيسة تحضنهم دائمًا ولن تتركهم يومًا. كما أضاف الأب باهي أنّ العائلات الميسورة تواجه أيضًا وبصعوبة تداعيات انفجار المرفأ والأزمة الإقتصاديّة الّتي تزداد سوءًا، فالحاجة أصبحت ماسّة على مختلف الأصعدة ولجميع اللّبنانيّين.
بأمل كبير، عرض الأب باهي عمليّة الإغاثة الّتي قامت بها المطرانيّة في بيروت الجريحة. إذْ، تمكّنت من تقديم مساعدات ماليّة، بلغت قيمتها حوالي الـ3 آلاف دولار أميركي، كتعويض إلى العائلات الّتي تضرّرت منازلها بشكل هائل. أمّا طبيًّا فتكفّلت بالعمليّات الجراحيّة الّتي قام بها المصابون جرّاء الإنفجار، خصوصًا أنّ أسعار الخدمات الإستشفائيّة في ارتفاع متواصل. علاوةً على ذلك، تستمرّ المطرانيّة، منذ وقوع الفاجعة، بمساندة حوالي الـ110 عائلات من خلال تقديم حصص غذائيّة شهريًّا، وحتّى مبالغ ماليّة تمكّنهم من تأمين حاجاتهم اليوميّة الضروريّة. ومن هنا أشاد باهي بمبادرات الجمعيّات الخيريّة السريانيّة، وأبرشيّات الكنيسة السريانيّة وأصحاب الأيادي البيضاء في أوروبا الّذين هبّوا إلى إنقاذ إخوتهم المتألّمين في بيروت، فلولا مساعداتهم لم تتمكّن المطرانيّة من متابعة عمليّة الإغاثة هذه.
في هذا الإطار، نوّه الأب شربل باهي بالتّعاون مع مجلس كنائس الشرق الأوسط، من خلال اللّجنة المسكونيّة لإغاثة بيروت، حيث أعرب عن رجائه بهذا العمل الإنساني المشترك بين جميع الكنائس، شاكرًا جهوده المتواصلة في إغاثة اللّبنانيّين عمومًا والمسيحيّين خصوصًا، من خلال المساعدات المختلفة الّتي يقدّمها. وقال "نشكر ربنا عليكن وعلى تعبكن وهمّكن الوحيد بأنّو تكون الكنائس كلها مجتمعة لتقديم المساعدات من دون أي تفرقة"، مضيفًا " إنتو عم بتكونوا حدّنا بي هيدي الأزمة ونحنا بأشدّ الحاجة أنّو نكون فيا ايد وحدة كمسيحيّين لنفرجي للعالم وج يسوع الحقيقي بأعمالنا".
وسط هذه الظّروف المعيشيّة الصّعبة والمأساويّة الّتي يمرّ بها اللّبنانيّون، يبقى التعاون والتعاضد في ما بينهم مؤشّرين أساسيّين في مواجهة تداعيات كارثة الرّابع من آب/ أغسطس. فالحاجات الضروريّة تزداد يومًا بعد يوم، والمواطنون منهكون وعاجزون عن تأمين مستلزمات الحياة اليوميّة، وحتّى عن تأهيل منازلهم الّتي بات معظمها غير مؤهّل للسكن فيها بأمان. إذْ، أبواب التبرّعات تبقى مفتوحة محليًّا ودوليًّا لإسعاف الشّعب اللّبناني المناضل، "فيا ربّ، من يدحرج الحجر عن قلب بيروت الجريحة وقلوب المواطنين المتضرّرين؟" (من نداء مجلس كنائس الشرق الأوسط لإغاثة بيروت).
دائرة التواصل والعلاقات العامة