عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي في القدّاس الإلهي لمناسبة يوبيل الـ 50 على تأسيس الأبرشيّة المارونيّة في أستراليا
تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في القدّاس الإلهي لمناسبة اليوبيل الـ50 على تأسيس الأبرشيّة المارونيّة في أستراليا، يوم الأحد ٢٤ أيلول/ سبتمبر ٢٠٢٣، في سيدني، استراليا.
"ويُكرّر بإنجيل الملكوت في المسكونة كلّها" (متّى ٢٤:١٤)
١. لما تنبّأ يسوع عن خراب الهيكل، فهم التلاميذ أن بخراب الهيكل تكون نهاية العالم، ويكون مجيء الربّ الثاني بالمجد، فهيكل أورشليم هو محطّ آمالهم. ومع خراب الهيكل كانت نهاية النبوءة والكهنوت والملوكيّة عند الشعب اليهودي.
في الواقع، بدأ مع المسيح وبشخصه عهد جديد شمل هذه المكوّنات الثلاثة: فالمسيح إيّاه هو الكلمة والنبي، وهو قربان ذبيحة ذاته والكاهن، وهو الملك والملكوت أي الإتّحاد باللّه والوحدة بين جميع الناس.
كانت علامة خراب الهيكل عندما انشقّ حجابه من فوق إلى أسفل، في اللّحظة الّتي أسلم فيها يسوع روحه، كما نقرأ في إنجيل الآلام. وحدث خراب الهيكل سنة ٧٠ على يد الرومان، ولم بيقَ منه سوى الحائط الجنوبي المعروف "بحائط المبكى". ولم يستطع اليهود إعادة بنائه إلى اليوم. اما سبب خراب الهيكل خراباً نهائيًا، فهو فقدانه مبرر وجوده بسبب قتل سيّده يسوع المسيح.
٢. نحن نعلم من تعليم القديس بولس ان كل مسيحي ومسيحية اصبحا بالمعمودية والميرون هيكل الله. فيجدر ان يسأل كل شخص نفسه : "هل انا ما زلت هيكل الروح القدس؟" بالطبع كلا! فقد شوّهتُ هيكل نفسي بخطاياي أكان بالفعل او بالقول او بالإهمال، فلنرمّم هذا الهيكل باللجوء إلى سرّ التوبة والغفران والمصالحة.
٣. يسعدني واخواني السادة المطارنة الأجلاء الآتين من ابرشيات الإنتشار، وقدس الرؤساء العامين والرئيسات العامات الآتين من لبنان ان نحتفل مع راعي أبرشيتنا المارونية في استراليا الغيور، سيادة المطران انطوان شربل طربيه، والكهنة والرهبان والراهبات وجميع المؤمنين والمؤمنات، باليوبيل الذهبي لمرور خمسين سنة على تأسيس الأبرشية. وقد افتتحتم سنة اليوبيل في عيد مار مارون ٩ شباط ٢٠٢٣ ، وستختتموه في ٨ كانون الأول المقبل بمناسبة عيد الحبل بلا دنس.
٤. فإنّا إذ نهنئكم بهذا اليوبيل الذهبي نقدّم هذه الذبيحة الإلهية معكم لنشكر الله على ما اغدق عليكم وعلى الأبرشية العزيزة بكل ارجائها من خير ونعم. ونرفعها ذبيحة استشراف للمستقبل حسبما يخطط سيادة راعي الابرشية مع مجالسها من مسيرة مجّددة، لا سيما وان الكنيسة جمعاء في حالة انعقاد لسينودس الاساقفة الروماني بقيادة قداسة البابا فرنسيس، وموضوعه: " من أجل كنيسة سينودوسية : شركة، ومشاركة، ورسالة".
٥. ويسعدنا ان نختتم بهذه الليتورجيا الإلهية المؤتمر السادس لمطارنة ابرشيات الانتشار والرؤساء العامين والرئيسات العامات باستضافة سيادة المطران انطوان شربل طربيه. وكان بعنوان : "مدعوون من المسيح ومرسلون لنكرز بالإنجيل".
٦. فعدنا إلى مكونات حياتنا المسيحية الثلاثة: خدمة الكلمة بالكرازة والتعليم، وخدمة نعمة تقديس النفوس بالليتورجيا، وخدمة المحبة الاجتماعية بالدياكونية.
كلنا بحكم المعمودية والميرون ملزمون بهذه الثلاثة وبعض بحكم الدرجة المقدسة : الشماسية والكهنوت والأسقفية.
وبعض بحكم النذور الرهبانية. نجد في تعليم الكنيسة الشرح الكافي والوافي لهذه الخدم واصحابها نجد في الدستور العقائدي: نور الأمم للمجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، وفي الإرشاد الرسولي للقديس البابا يوحنا بولس الثاني: " العلمانيون المؤمنون بالمسيح".
هذه الثلاثة مترابطة ومتكاملة : فالكرازة بالإنجيل تولّد الإيمان، الإيمان يُمارس في الليتورجيا ويغتذي من كنز نعمها ويتقدس ؛ الإنسان الذي تقدس بالنعمة ينفتح قلبه ويده على الإخوة والأخوات المعوزين بممارسة المحبة الاجتماعية.
٧. نشير إلى أن هذه الثلاثة : الكرازة (kerygma) والليتورجيا (liturghia) وخدمة المحبة (diakonia) هي من وصايا الكنيسة السبع.
أوّد الكلام عن خدمة المحبة الإجتماعية التي تعبّر عنها وصية الكنيسة "بأُوفِ البركة او العشر".
نحن على علم عن المساعدات التي تقدمونها لأهلكم والمؤسسات في لبنان وتشمل : المال والدواء والإستشفاء والمواد الغذائية والمشاريع الإنمائية والعمرانية، وأقساط مدرسية وجامعية، فأنتم مشكورون عليها من صميم القلب. ونسأل الله أن يبادلكم بأضعافها.
لكنّنا تدارسنا أثناء مؤتمرنا كيفيّة تنظيم خدمة المحبّة الإجتماعيّة، لكي نواجه، بتوحيد القوى وتنسيقها، الأزمة المالية والإقتصادية والمعيشية والإستشفائية والتربوية التي تشتد أكثر فأكثر. وقد أنشأنا لجنة لهذه الغاية ترسم خطّة العمل…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.