بيان صادر عن بطريركيّة الروم الأرثوذكس في القدس
أحد الشعانين في حضرة الحزن: قصف ملاذٍ للشفاء في أرض الشافي
القدس، 13 نيسان/ أبريل 2025
في هذا اليوم المقدّس، أحد الشعانين، حيث يرفع المؤمنون في جميع أنحاء العالم أغصان الزيتون تخليدًا لدخول السيد المسيح إلى القدس، ذلك الدخول الذي اتسم بالوداعة والسلام والرحمة الإلهية، نجد قلوبنا مثقلة بالحزن على الألم الذي تعانيه الأرض المقدسة التي مشى عليها سيدنا المسيح.
في ساعات الفجر الأولى من هذا اليوم المبارك، تعرّض مستشفى الأهلي العربي المعمداني في غزة، وهو مكان مكرّس للشفاء ومتجذّر في رسالة الرحمة المسيحية، لغارة جوية [إسرائيلية] أخرجت أقسامه الحيوية عن الخدمة. وقد أُجبر المرضى والجرحى، بمن فيهم الأطفال، على مغادرة أسِرّتهم إلى الشوارع وسط الفوضى والخوف.
كان هذا المستشفى، الذي أنهكته أشهر من الحصار، أحد آخر منارات العلاج الطبي في غزة، في وقت دُمّرت فيه العشرات من المؤسسات الصحية بشكل منظم. وإن انتزاع هذه الملاذات الإنسانية هو مأساة لا تقف عند حدود السياسة، بل تتجاوزها إلى انتهاك قدسية الحياة ذاتها.
ومع ذلك، وبرغم الخراب، لم ينطفئ نور الإيمان. ففي حي الزيتون بقلب مدينة غزة القديمة، أقامت كنيسة القديس برفيريوس التاريخية صلاة أحد الشعانين، صلاة هادئة، صامدة، ومفعمة بالنعمة، شاهدةً على أن سلام المسيح باقٍ، حتى عندما يطوّق الحزن مذابح العبادة.
وكوننا كنيسة تحرس القبر المُقدس وتسير يوميًا في درب آلام المسيح وقيامته، لا يمكننا أن نُدير ظهرنا لهذا الألم. بل نرفع صلاتنا، ونشهد على حقيقة أن الرحمة أقوى من الكراهية، وأن الإنسانية، وإن جُرحت، لا تُهزم، كما ورد في الكتاب المقدس: “وسيمسح الله كل دمعة من عيونهم، ولا يكون موتٌ بعد، ولا حزن، ولا صراخ، ولا وجع” (رؤيا يوحنا 21: 4).
هذا البيان نُشر على موقع بطريركيّة الرّوم الأرثوذكس الأورشليميّة.