رسالة اختتام مسيرة أحد الشعانين لغبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا

"هوشَعْنَا لِابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ. هُوشَعْنَا فِي الْأَعَالِي" (متى 21: 9) 

أيها الأحباء،  

ليكن سلام الرب معكم!  

أوجّه تحية قلبية إلى جميع الحاضرين هنا، من مؤمني أبرشيتنا، وللحجاج القلائل الحاضرة معنا. كما أخصّ بتحية محبة أولئك الذين تعذّر عليهم الحضور، لكنّهم متّحدون معنا في الصلاة. اليوم، أبرشيتنا بأكملها، كنيسة القدس، متّحدة معنا وتصلي معنا. من غزة إلى الناصرة؛ من بيت لحم إلى جنين. الأردن وقبرص يصلّون معنا، وقد دخلوا معنا بشكل رمزي إلى المدينة المقدسة.  

وأخصّ بالتحية مسيحيي القدس في هذا اليوم المكرّس لكم، الذي هو في المقام الأول يومكم، لأنكم أنتم من تحافظون على شعلة الإيمان المسيحي متوهجة في القدس، وأنتم من يبقي حضور المسيح حيًا بيننا.  

لا أريد أن أكرر نفس الكلام كل مرة. نحن نعلم أن الأوقات التي نعيشها صعبة، لكن لا يمكننا، ولا نريد، أن نقتصر فقط على وصف هذه الصعوبات. اليوم يجب أن نتذكّر شيئًا آخر وأهم. نحن هنا اليوم، مسيحيون محليون وحجاج، جميعنا معًا، لنعلن بقوة أننا لا نخاف. نحن أبناء النور والقيامة، أبناء الحياة. نحن نرجو ونؤمن بالمحبّة التي تنتصر على كل شيء.  

نحن على أعتاب أسبوع الآلام. سنعيش في الأماكن عينها التي وقعت فيها أحداث آلام يسوع. وباتحادنا معه، سنتّحد أيضًا مع جميع الذين يعيشون اليوم في وسطنا، وفي العالم، آلامهم الخاصة.  

لكننا نعلم أيضًا أن آلام يسوع ليست الكلمة الأخيرة التي قالها الله للعالم. إن القائم من بين الأموات هو كلمته الأخيرة، ونحن هنا لنعلنها من جديد. لقد التقينا به. ونحن هنا لنعلنها، بكل قوة، وبثقة، وبكل حب ممكن، حب لا يمكن لأحد أن يُطفئه. لا شيء يمكنه أن يفصلنا عن محبة المسيح، وسنشهد لذلك بوحدتنا، وبمحبتنا المتبادلة، ودعمنا وغفراننا بعضنا لبعض.  

فرشَت الجموع ثيابها على الأرض لاستقبال يسوع، وحملوا أغصان الزيتون والنخيل. فلنضع نحن أيضًا أمام المسيح القليل الذي لدينا، صلواتنا، دموعنا، عطشنا إليه، وكلمته المعزية. وهنا، اليوم، بالرغم من كل شيء، على أبواب مدينته ومدينتنا، نعلن مرة أخرى أننا نريد أن نستقبله حقًا كملكنا ومسيحنا، وأن نتبعه في طريقه نحو عرشه، أي الصليب، الذي لا يرمز للموت، بل للمحبّة.  

يجب ألا نخاف من أولئك الذين يريدون التفريق، أو من يريدون الإقصاء، أو من يسعون للاستيلاء على روح هذه المدينة المقدسة، لأن القدس منذ الأزل وإلى الأبد، ستبقى بيت صلاة لجميع الشعوب (إشعياء 56: 7)، ولا أحد يمكنه أن يمتلكها. كما أكرر دومًا، نحن ننتمي إلى هذه المدينة، ولا أحد يمكنه أن يفصلنا عن محبتنا للمدينة المقدسة، كما لا أحد يمكنه أن يفصلنا عن محبة المسيح (رومية 8: 35).  

الذين ينتمون إلى يسوع سيبقون دائمًا من الذين يبنون لا من يهدمون، ومن الذين يردّون على الكراهية بالمحبّة والوحدة، ويقابلون الرفض بروح الترحاب والانفتاح.  

لأن القدس هي مكان موت وقيامة المسيح، مكان المصالحة، مكان محبة تُخلّص وتتجاوز حدود الألم والموت. وهذه هي دعوتنا اليوم: أن نبني، أن نوحّد، أن نهدم الحواجز، أن نؤمن راجين على غير رجاء (راجع رومية 4: 18). هذه هي قوتنا، التي ستبقى دائمًا، وستظل شهادتنا، رغم كل ما لدينا من محدوديات.  

فلنثبُت إذًا. لا نسمح لليأس أن يتسلل إلينا. لا نفقد الرجاء. ولا نخاف، بل لنرفع أعيننا بثقة، ولنجدّد مرة أخرى التزامنا الصادق والملموس من أجل السلام والوحدة، بثقة راسخة (راجع عبرانيين 3: 14) في قوة محبة المسيح! 

أتمنى لكم جميعاً أسبوعاً مقدّساً مباركاً!  

*ترجمة مكتب الاعلام البطريركي  

هذا الرسالة نُشرت على موقع بطريركيّة القدس للّاتين، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

بيان صادر عن بطريركيّة الروم الأرثوذكس في القدس

Next
Next

مسيرة درب الصليب تجمع كنائس يافة الناصرة في شهادة إيمانية مؤثرة