عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في الأحد الخامس عشر من زمن العنصرة

تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في الأحد الخامس عشر من زمن العنصرة، يوم الأحد 25 آب/ أغسطس 2024، في المقرّ الصيفي للبطريركيّة المارونيّة في الديمان، لبنان.


"مغفورة لها خطاياها الكثيرة لأنّها أحبّت كثيرًا" (لو 7: 47) .

1. إيمان وحبّ وتوبة. ثلاثة مترابطة يعلّمها الربّ يسوع في حادثة الإنجيل. امتدح يسوع إيمان المرأة الخاطئة وحبّها وتوبتها، وبادلها غفران خطاياها بحبّ أكبر.

آمنت المرأة بيسوع، وأدركت أنّه قادر على أن يغفر خطاياها ويشفيها، لكي تبدأ حياة جديدة. ولهذا قصدته في بيت سمعان الفريّسي. استعدّت للتوبة، وقصدته بحبّ وثقة.

2. يسعدني أن أحيّيكم جميعًا، وأن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة. وأرحّب بنوعٍ خاص برابطة كاريتاس بشخص رئيسها الاب ميشال عبود ونائبه على رأس اقليم كاريتاس-الجبّة المشاركة معنا، رئيسًا وهيئة إداريّة وأعضاء. إنّ رابطة كاريتاس هي جهاز الكنيسة الراعوي الإجتماعيّ في لبنان. وتعمل باسم الكنيسة في خدمة المحبّة. والكنيسة تساندها وتوجّه إليها جميع المساعدات، وكاريتاس توزّعها من خلال أقاليمها ومراكزها على جميع الأراضي اللبنانيّة. أمّا الكنيسة فتتفرّغ لخدمة الكلمة وتوزيع نعمة الأسرار، وتقديس النفوس. إنّنا نصلّي على نيّة كاريتاس والمحسنين وجميع العاملين فيها إدارةً وأعضاء ومتطوّعين كشبيبة كاريتاس ومحسنين من داخل لبنان وخارجه، لكي تعضدها العناية الإلهيّة في مهمّتها الصعبة والكبيرة والمتشعّبة.

كما أرحّب بكشّافة لبنان-فوج مار يوسف قرنة شهوان. إنّهم ينتمون إلى مدرسة القدّيس يوسف التي نقّدرها لمستواها العلميّ الرفيع. نتمنّى للكشافة ولطلّابها الخير والنجاح وضمانة مستقبل أفضل.

3. لقد قامت تلك المرأة بمبادرة تعبيريّة مزدوجة، غنيّة بالمعاني:

أ- المبادرة الأولى، وقفت باكية عند قدمَي يسوع تبلّلها بالدموع. هي علامة انسحاق القلب والندامة. ندمت عن حياتها الماضية وعن الخطايا التي شوّهتها. بكت على حالها وماضيها، وأسفت وقرّرت تغيير مجرى حياتها. وبكت خجلًا على ما فعلت، وفي قلبها إيمان بأنّ يسوع سيتفهّمها ويغفر لها. الندامة هي هذا الإنسحاق في القلب والأسف على الحالة السيئة وعلى الماضي، وفي طيّات الندامة قرار حاسم بتغيير مجرى الحياة وطريقة عيشها، وإصلاح الحال.

ب- المبادرة الثانية، راحت تنشّف قدميه بشعرها وتقبّلها وتدهنها بالطيب. هي علامة حبّها الكبير ليسوع، وجعلت حبّها له فوق كلّ الأشياء والأشخاص. بفعل الحبّ الصامت والتعبيري في آن، كانت تقرّ بخطاياها وتلتمس المغفرة.

أمّا يسوع فبادرها بغفران خطاياها قائلًا: "مغفورة لك خطاياكِ ... إيمانكِ خلّصكِ! إذهبي بسلام!" (لو 7: 49-50).

4. تساءل الجالسون إلى مائدة سمعان الفريسي في أنفسهم: "من هو هذا الذي يغفر الخطايا أيضًا؟" (لو 7: 49).

يسوع الكاهن الأزليّ، الإله الذي صار إنسانًا، له سلطان ليغفر الخطايا. لكن الحاضرين لم يكونوا يعرفون يسوع إله متجسّد. صحيح أنّ الله وحده يغفر الخطايا، كما أقرّ مرّة علماء الشريعة، عندما قال يسوع لمخلّع كفرناحوم "مغفورة لك خطاياك" (مر 2: 5-7). هذا الإقرار مهمّ بحدّ ذاته وأساسيّ، لأنّه أوّلًا إقرار بالخطيئة، التي فقد معناها كثيرٌ من الناس، حتى أنّهم لا يقرّون بها، على الرغم من الشرور والاعتداءات على الله والإنسان التي يقترفونها، وعلى الرغم من مخالفة وصايا الله المتمادية والمتكرّرة. والسبب هو أنّهم فقدوا معنى الله، لدرجة إقصائه عن حياتهم، وعدم الاعتراف بأنّه وضع للبشر، كلّ البشر، وصايا ورسومًا لاتّباعها في حياتهم…

إضغط هنا للإطّلاع على الصور.

هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

رئيس الأساقفة حضرة الدكتور سامي فوزي يثبت خلال صلوات القدّاس الإلهي 13 عضوًا جديدًا في كنيسة عين شمس، مصر

Next
Next

تأمّل غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا:  الأحد الحادي والعشرون من الزمن العادي ب