عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في قدّاس ضحايا تفجير مرفأ بيروت (٤ آب ٢٠٢٠)
تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في قدّاس ضحايا تفجير مرفأ بيروت (٤ آب ٢٠٢٠)، يوم الخميس ٣ آب/ أغسطس ٢٠٢٣، في كاتدرائيّة مار جرجس – بيروت. كما تجدون مجموعة صور في أسفل النصّ.
"لا خفيٌّ إلّا سيظهر، ولا مكتوم إلّا سيُعلم" (لو 12: 2)
1. بهذا الكلام يؤكّد الربّ يسوع أنّ لا أحد يستطيع إخفاء الحقيقة، لأنّها نور، "والنّور لا يغشاه الظلام" (يو 1: 5). فمهما حاول الناس إخفاء الحقيقة، يأتي يوم تسقط فيه كلّ الوريقات الّتي تحجبها عن الأنظار.
الحقيقة الّتي يحاولون إخفاءها بتعطيل تحقيقات المحقّق العدلي منذ ثلاث سنوات، تختصّ بهويّة المسؤول عن التفجير، وعن تخزين نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، وبالطبع عن مصدرها وطريقها، وعن احتجازها، وعن إهمال التدبير بشأنها عند العلم بخبرها و عدم إخراجها وإعادتها إلى مصدر إنطلاقها. يصف الربّ يسوع "بالرياء" الأشخاص السياسيّين الّذين يتظاهرون بالبراءة فيما يخدعهم تهرّبهم من المثول أمام قاضي التحقيق. فإذا كنتم أبرياء، لماذا تتهرّبون وتعيقون التحقيق؟
2. ليست هذه الحقيقة مدفونة، وكأنّها ميتة، بل تستصرخ ضمائر كلّ المسؤولين عن كارثة 4 آب 2020، مثلما كان صوت اللّه يستصرخ ضمير قايين قاتل أخيه هابيل، ليل نهار، في النوم وفي اليقظة: "قايين، أين هابيل أخوك؟ ماذا فعلت؟ دم أخيك يصرخ إليّ من الأرض؟" (تك 4: 9-10).
هابييل اليوم هم المئتان وخمسة وثلاثون (235) قتيلًا، وحوالي خمسة آلاف بين جرحى ومعوّقين، وآلاف المنازل والكنائس ودور العبادة والمؤسّسات والمتاجر والفنادق الّتي تهدّمت وطاولت نصف العاصمة وضواحيها. فكيف يمكن السكوت عن هذه الكارثة، والمعنيّون بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، بحكم مسؤوليّتهم، يتهرّبون من القضاء بتغطية سياسيّة؟ فلا ننسى ما جرى ساعة التفجير إيّاها: فهناك من سمع ورأى، وهناك تصريحات قيلت لساعتها ثمّ رُفعت من التداول الإعلامي!
3. إنّنا نقدّم هذه الذبيحة الإلهيّة في الوقت الّذي قدّم أحبّاؤنا ذبيحتهم في تلك الساعة الرهيبة، إنّنا نقدّمها لراحة نفوس الضحايا، وشفاء الجرحى والمعوّقين وعزاء عائلاتهم، وإظهار الحقيقة المخفيّة إلى الآن، وتطبيق العدالة، والحكم بتعويضات عادلة للمتضرّرين. وفي الوقت عينه ننضمّ إلى مئات العائلات الّتي تبكي إلى اليوم أحبّاءها وتصرخ مطالبةً بالحقيقة والعدالة، وإلى آلاف العائلات الّتي تعاني من الدمار الّذي شرّدها من منازلها، وتلك الّتي تعاني من إصابات في أجساد أفرادها. إنّنا معكم نرفع الشكر إلى قداسة البابا فرنسيس الّذي ذكر في صلاة التبشير الملائكي ظهر الأحد الماضي كارثة تفجير المرفأ. "ورفع الصلاة من أجل الضحايا وعائلاتهم الّتي تبحث عن الحقيقة والعدالة. وتمنّى أن تجد الأزمة اللّبنانيّة المعقّدة حلًّا يليق بتاريخ لبنان وبقيم الشعب اللّبنانيّ وختم بالتذكير بأنّ لبنان هو أيضًا رسالة" (23 تمّوز 2023)…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.