عظة غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا في الأحد السادس عشر من الزمن العادي، السنة أ
تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، في الأحد السادس عشر من الزمن العادي، السنة أ، الأحد ٢٣ تمّوز/ يوليو ٢٠٣٢.
(متّى ١٣، ٢٤-٤٣)
ما زلنا في الفصل 13 من الإنجيلي متّى، الّذي يقدّم لنا، بعد مثل الزارع، ثلاثة أمثال أخرى: مَثَل الزؤان، ومَثَل حبّة الخردل ومَثَل الخميرة.
تبدأ الأمثلة الثلاث بنفس الإفتتاحيّة: "يشبه ملكوت السماوات..." (متّى 13: 24، 31، 33) ويبدو لي أنّهم يجيبون على سؤال واحد: كيف يأتي ملكوت السماوات، وكيف يكشف ملكوت السموات عن نفسه؟ ولكن أيضًا: كيف يتصرّف الشر، وكيف يحاول إعاقة نموّ الملكوت؟
مختبئًا بين صور المثل، كما أنّ البذرة مخبأة في الأرض، يقدّم لنا الإنجيل إجابات مختلفة.
الأوّل هو أنّ الملكوت عندما ينمو، لا يقضي على الشر: فالبذور الصالحة تُزرع في الأرض، لتعطي ثمارًا جيّدة. ولكن هناك بذور أخرى تُزرع في نفس الأرض، والّتي بدلًا من أن تعطي ثمر، تشغل مساحة فقط في الأرض دون فائدة.
نتوقّع من الزارع أن يمنع البذرتين من النموّ معًا، لكن هذا ليس هو الحال: هذا هو منطق خدّامه، وليس منطقه، وربّما هذا هو المنطق العظيم للمملكة.
بينما يستبعد الخدم إمكانيّة أن يتعايش القمح والزؤان، الخير والشر معًا، فإنّ الأمر عكس ذلك تمامًا بالنسبة للّه: لذا نراه يمنح الإنسان الوقت، حتّى تأتي اللّحظة المناسبة في حياة كلّ فرد لينفتح على الخلاص.
وما هو الوقت المناسب؟
بالضبط اللّحظة الّتي يفتح فيها الإنسان عينيه ويرى أن الزؤان قد نما في مجاله الخاص، كما هو الحال في مجال كل إنسان: عندها فقط تولد الرغبة في الخلاص والتي تصبح صلاة مفعمة بالأمل تؤدي إلى علاقة بنوية وأخوية.
بعد كل شيء، فعل يسوع هذا بالضبط: قلب صورة الله تمامًا، الإله الذي كان ينتظره الجميع في وقته، والذي نتمناه كثيرًا. كان يوحنا المعمدان نفسه قد أعلن قائلاً: "بيده المذرى ينقي بيدره فيجمع قمحه في الأهراء، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ" (متّى 3: 12).
هذا أقل ما يكمن فهمه من الأمثال الثلاثة، ومع ذلك فإن التلاميذ يطلبون تفسيرًا (مت 13 :36): من الصعب علينا قبول أسلوب الله هذا، لأنه من السهل علينا أن نعتقد بأن الله سيقضي على جميع الأعداء دون تأخير. لكن الأمر ليس كذلك: احتمال حدوث أوقات مناسبة للتوبة هو للجميع دون استثناء. هذا هو الارتداد العظيم الذي ينتظرنا، ولكنه أيضًا رجاؤنا الحقيقي والإمكانية الحقيقية الوحيدة لعيش الحرية.
يطلب منّا كلّ هذا أن ننفتح على الفئات المهمشة وغير المرغوبة بين الناس: مثل حبة الخردل (متى 13 ، 31 - 32) يشير مثل القمح والزؤان ألى أن منطق الحياة، يقود إلى إندماج الأنماط الفخمة مع بعضها. لكنه بدلاً من ذلك، يفضل جمال ما هو صغير، الذي لا يفرض نفسه، والذي يعرف القانون المتواضع للنمو والصيرورة، قانون الحياة للإنسان.
أخيرًا، يؤكد مثل الخميرة (مت 13 :33) أن الملكوت ليس مكانًا مغلقًا يدخل فيه الخير والعدل فقط، بل هو أسلوب حياة حيث يكون المرء على اتصال دائم بغموض الحياة وتعقيداتها كما أن الجميع مدعو إلى لقاء المخلص…
هذه العظة نُشرت على موقع البطريركيّة اللّاتينيّة في القدس، لقراءة المزيد إضغط هنا.