عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في الأحد التاسع من زمن العنصرة
تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في الأحد التاسع من زمن العنصرة، يوم الأحد 23 تمّوز/ يوليو 2023، في المقرّ الصيفي للبطريركيّة المارونيّة في الديمان، لبنان. كما تجدون صور في أسفل النصّ.
"روح الربّ عليّ: مسحني وأرسلني" (لو 4: 18)
1. نبوءة أشعيا الّتي كتبها عن يسوع، إبن اللّه المتجسّد، ستماية سنة قبل ميلاده، تمّت عندما دخل يسوع هيكل الناصرة ذات سبت كعادته، وقرأها: "روح الربّ عليّ: مسحني وأرسلني" (لو 4: 18). بهذا الإعلان إنكشفت هويّة يسوع المسيح، ورسالته.
هويّته هي مسحة الروح القدس الّذي ملأ بشريّته. هذه المسحة جعلته بحسب مفهوم الكتب المقدّسة، نبيًّا وكاهنًا وملكًا؛ أمّا رسالته فهي:
نبويّة: "أرسلني لأبشّر منكسري القلوب، وأعيد البصر للعميان"(لو 4: 18).
وكهنوتيّة: "أرسلني لأشفي منكسري القلوب التائبين، وأحرّر المأسورين" (المرجع نفسه).
وملوكيّة: أرسلني لأعلن زمنًا مرضيًّا للربّ(لو 4: 19).
لقد أشركنا المسيح الربّ بهويّته ورسالته، فأصبحتا هويّة كلّ مسيحي ورسالته. نصلّي لكي نكون مخلصين لهما، وملتزمين بهما.
2. يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة، وإذ أرحبّ بكم جميعًا، أودّ توجيه تحيّة خاصّة إلى عائلة المرحوم شفيق نعمةالله افرام الذي ودّعناه الثلاثاء الماضي مع زوجته السيّدة ميراي توفيق طويلي وابنيه، ومنهما الأخ ماريانو في الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، مع ابنتيه وشقيقيه وعائلة شقيقه المرحوم الوزير جورج افرام وشقيقاته وأهالي حارة صخر والكثيرين من الأصدقاء والمعارف في لبنان والخارج. نصلّي في هذه الذبيحة المقدّسة لراحة نفسه، ولعزاء اسرته.
ونرحّب بالهيئة التنفيذيّة لرابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة اللبنانيّة الذين يحملون همَّ الجامعة وتقدّمها وتطوّرها، وهمّ طلّابها السبعين ألفًا، والإعتناء بمستواهم العلميّ الظاهر في الداخل اللبنانيّ وفي الخارج، على الرغم من رواتبهم الهزيلة، وفقدان تغطيتهم بضمانهم الصحيّ والإستشفائي، ورزوحهم تحت عبء أقساط أولادهم في المدارس والجامعات.
وقد رفعوا إلينا سبعة ملفّات سنسعى مع المعنيّين إلى تلبيتها وهي:
1. دعم موازنة الجامعة التي تدنّت بشكل خطير.
2. دعم صندوق التعاضد وتمويله.
3. دخول الأساتذة المتفرّغين إلى الملاك.
4. إعادة النظر في الرتب والرواتب.
5. ملفّ التفرّغ.
6. تحصيل أموال فحوصات الكورونا (PCR) العائدة لإدارة الجامعة.
7. تعيين عمداء أصيلين.
ونرحّب أيضًا بمجلس إدارة إرساليّة القدّيسة رفقا للرجاء والرحمة، مقدّرين ما تقوم به من مبادرات وأعمال المحبّة الإجتماعيّة لدى الأفراد والجماعات. كافأهم الله بفيض من نعمه وبركاته.
4. لقد آلمنا القرار الذي اتّحذه رئيس جمهوريّة العراق السيّد عبداللطيف رشيد، بسحب المرسوم الجمهوريّ من غبطة البطريرك الكردينال مار لويس روفائيل الأوّل ساكو، ظلمًا واتّهامًا. وهذا انتهاك لكرامته ولكرامة الكنيسة والمسيحيّين في العراق. ومعلومٌ أنّ من واجب الدولة احترام أنظمة الكنيسة وقوانينها التي تحصر بقداسة البابا حقّ النظر في أيّ قضيّة جزائيّة تختصّ بالبطاركة والكرادلة والأساقفة، إذا ما وُجدت.
فإنّا نضمّ صوتنا إلى جميع المطالبين من فخامة رئيس الجمهوريّة العراقية الرجوع عن قراره، من أجل عيش مشترك سليم في دولة العراق العزيزة، حيث المسيحيّون جزء لا يتجزّأ من مكوّناتها التاريخيّة ولهم الفضل التاريخي الكبير في ثقافتها وحضارتها. إنّ تاريخ بطاركتهم خير شاهد على نضالهم من أجل وطنهم وعزّته وكرامته. إنّ قرار رئيس الجمهوريّة العراقي بالنتيجة لا يخدم أمّته العراقية.
5. بالعودة إلى إنجيل اليوم، نتذكّر أن بالمعموديّة والميرون أشرك الربّ يسوع المسيحيّين بهويّته ورسالته. فكونه الرأس أشرك أعضاء جسده بذات الهويّة والرسالة، ولهذا السبب نصبح مسيحيّين بالمعموديّة والميرون.
أ- يشارك المسيحيّون في رسالة المسيح النبويّة بقبول كلمة الإنجيل، والعيش بمقتضاها، وإعلانها بالكلمة والأعمال شاهدين لأولويّة الله في حياتهم، وللحقيقة وكرامة الإنسان، ولقدسيّة الحياة البشريّة. وبهذه الصفة يعمل المسيحيّون على بناء ملكوت الله، بحيث تُبنى مدينة الأرض بقيم السماء، ويندّدون بالشرّ بجرأة، أيًّا يكن نوع هذا الشرّ. وهم مدعوّون بحكم هذه المشاركة، لتجسيد جدّة الإنجيل في حياتهم العائليّة والإجتماعيّة وفي الثقافة والشأن السياسي العام. وهكذا يصمدون، برجاء وطيد، بوجه المشقّات والمحن والمصائب.
ب- ويشارك المسيحيّون في رسالة المسيح الكهنوتيّة بصفتهم أعضاء في جسده السرّي. تقتضي منهم هذه المشاركة أن يتّحدوا بذبيحة المسيح الخلاصيّة عندما يتعبون ويبذلون الجهود من أجل القيام بالواجب في العائلة والكنيسة كما وفي المجتمع والدولة، وعندما يتألّمون من المرض أو الفقر أو الفشل أو أي صعوبة. وقد إعتدنا أن نقول في هذه الحالة، وبهذه النيّة: "مع آلامك يا يسوع".
وبهذه المشاركة الكهنوتيّة يضمّون إلى قربان يسوع المسيح في ذبيحة القدّاس قرابين أعمالهم الصالحة ومبادراتهم الخيّرة، وآلامهم الجسديّة والنفسيّة، والجهود التي يبذلونها في سبيل الحقيقة والخير والعدل والسلام والتفاهم بين الناس. إنّ قرابينهم الروحيّة هذه يرفعونها إلى الله الآب مع قربان إبنه الوحيد، بكلّ تقوى…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.