عظة غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا للأحد الرابع عشر للزمن العادي، السنة أ
تجدون في التالي عظة غبطة رئيس الأساقفة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، الأحد الرابع عشر للزمن العادي، السنة أ، الأحد 9 حزيران/ يونيو 2023.
(متّى ١١، ٢٥-٣٠)
في مطلع إنجيل الأحد (متى 11: 25-30) ، أودّ أن أستذكر معكم إنجيل الأحد الماضي وأن نعود خطوة إلى الوراء إلى "الخطاب التبشيري"، حيث رأى (يسوع) الجموع فأخذته الشفقة عليهم، لأنّهم كانوا تعبين رازحين (متّى 9: 36). لاحظنا أنّ الناس كانوا متعبين ومرهقين لأنّه لا يوجد لديهم نقطة مرجعيّة، ودليل، وعلاقة من شأنها أن توفّر أسس الحياة والأمن.
حتّى اليوم نجد مثل هذه المصطلحات الّتي تشير إلى التعب والإرهاق: يسوع يخاطب المرهقون والمثقلون (متّى 11: 28)، وكأنّه يريد أن يخبرنا أنّ تجربة الضعف والتعب هي جزء من الحياة اليوميّة، وهذه هي خبرتنا الشخصيّة.
إنّ مصطلح الإرهاق، في الواقع، يتردّد في الكتاب المقدّس من بدايته: بعد الخطيئة، يلتقي اللّه بالإنسان مرّة أخرى ويحدّثه عن الإرهاق والألم (تكوين 3: 16-19)، تجارب دخلت العالم في الوقت الحالي دقيقة حيث توقّف الإنسان عن الثقة في اللّه؛ يمكننا أن نقول أنّ الإرهاق أصبح جزءًا من التجربة البشريّة في اللّحظة الّتي لم يعد فيها الإنسان يعرف اللّه كأب، ودليل للطريق، وأن نثق بحضوره فينا.
في الحقيقة: إذا كنا لا نعرف الله كأب، تصبح الحياة متعبة، لأننا وحدنا وعلينا أن نبني حياتنا بمفردنا؛ نحن ايضا متعبون ومرهقون مثل غنم لا راعي لها.
إلى كل الناس، المرهقين والمتعبين، وجه يسوع دعوته: تعالوا إلي (مت 11: 28).
رسالته لا تنطبق على من هم أتباعه أو ليس لديهم مشاكل، أو فقط الذين يستطيعون ذلك؛ بل إنه لمن يختبر قسوة الحياة.
ماذا قدم لهم يسوع؟ يكرر مرتين كلمة "الراحة" (متى 11: 28-29): ولكن أي نوع من الراحة بحسب يسوع، الراحة الحقيقية للجسد والنفس؟
حسنًا، يمكننا أن نقول إن الراحة الوحيدة التي يقدمه يسوع هو معرفة الآب، تلك المعرفة المفقودة والمنسية والمختنقة والضائعة بين مخاوف وأخطاء الحياة.
إذن ما هي الراحة الحقة؟ التعرف على الآب.
يسوع وحده يمكن أن يقدم لنا هذه الراحة، لأنه وحده يعرف الآب (متى 11: 27) وهو وحده يستطيع ويريد أن يعلن لنا ذلك.
يمثل هذا المقطع في إنجيل متى وقفة: حتى الآن تحدث يسوع، وقد أجرى الشفاء والمعجزات، والتقى بالناس، ودعا تلاميذه؛ الآن في هذه المرحلة، توقف يسوع وتفكر في عمل الآب. إنه يدرك أن كل ما يفعله ليس عمله، بل عمل الآب. يتأمل يسوع في هذا العمل، ويتوقف مندهشا ليعجب بأسلوبه.
إدراكًا لأسلوب الآب، ومعرفة خطته لخلاص العالم، هذا هو العمل الأول للابن، وأهم شيء يقوم به يسوع، والذي يرغب في مشاركتنا به.
ما هو هذا الأسلوب؟
أوّل ما يميز أسلوب الآب هو أنه أعطى كل شيء للابن (متى 11: 27).
الآب يعطي كلّ شيء، ولا يحتفظ بشيء لنفسه، ويضع نفسه بالكامل بين يد ابنه. إذا أرهقتنا الخطيئة لأنها جعلتنا نفتكر أن الآب لا يعطينا كل ما لديه، على العكس من ذلك، فإن معرفة الآب تجلب لنا الراحة: الحياة هي هديته، التي نثق بها…
هذه العظة نُشرت على موقع البطريركيّة اللّاتينيّة في القدس، لقراءة المزيد إضغط هنا.