مترئّسا القدّاس الإلهي لمناسبة عيد العنصرة قداسة البابا فرنسيس يتحدّث عن عمل الروح القدس
كان عمل الروح القدس في الخليقة وفي الكنيسة وفي قلوبنا محور عظة قداسة البابا فرنسيس يوم الأحد ٢٨ أيّار/ مايو ٢٠٢٣، وذلك خلال ترؤّسه في بازيليك القدّيس بطرس في الفاتيكان القدّاس الإلهي لمناسبة الإحتفال بعيد العنصرة.
ترأّس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأحد ٢٨ أيّار/ مايو ٢٠٢٣ في بازيليك القدّيس بطرس القدّاس الإلهي لمناسبة الإحتفال بعيد العنصرة. وتمحورت عظة الأب الأقدس حول عمل الروح القدس، فأشار إلى أنّنا نجد هذا العمل في ثلاث لحظات، ألا وهي في الخلق، ثمّ في الكنيسة وأخيرًا في قلوبنا. وفي حديثه عن النقطة الأولى قال قداسة البابا فرنسيس إنّ الروح القدس يعمل ومنذ البدء، وذكَّر قداسته بأنّنا نصلّي مع المزمور فنقول: "تُرسل روحَكَ فيُخلَقون"، الروح هو خالق إذن وهكذا تتضرع إليه الكنيسة دائمًا. وتابع البابا أنه يمكن التساؤل هنا عما يمكن أن يكون عمل الروح القدس بشكل محدد، فأصل كل شيء يعود على الآب وقد خُلق كلّ شيء من خلال الإبن، ما هو دور الروح القدس إذن؟ وفي الإجابة على هذا السؤال أشار الأب الأقدس إلى حديث أحد آباء الكنيسة، القدّيس باسيليوس، عن أنّه لا يمكن انتزاع الروح القدس من الخليقة لأنّ ذلك سيعني اختلاط كلّ الأمور وستبدو حياتها بدون قانون أو نظام. دور الروح القدس هو بالتالي جعل كلّ ما هو مخلوق ينتقل من الفوضى إلى النظام، من التشتّت إلى التلاحم، ومن التخبّط إلى الإنسجام، أسلوب العمل هذا، تابع قداسة البابا فرنسيس، نجده دائمًا في حياة الكنيسة. وأضاف أنّ هكذا، وبكلمة واحدة، فإنّ الروح القدس يهب العالم الإنسجام، فهكذا يوجّه مسيرة الأزمنة ويجدّد وجه الأرض.
وواصل قداسة البابا فرنسيس مشيرًا إلى ما يعاني منه عالم اليوم من خلافات وانقسامات، وأضاف أننا جميعا متصلون فينا بيننا إلا أننا منفصلون، تُخدرنا اللامبالاة وتقمعنا الوحدة. وتحدث الأب الأقدس هنا عن الحروب والنزاعات الكثيرة، وقال إن ما يمكن للإنسان أن يفعل من شر يبدو غير قابل للتصديق، إلا أن ما يغذي عداواتنا هو روح التفرقة، الشيطان. وتابع البابا أن جهودنا من أجل بناء التناغم لا تكفي أمام شر الخلافات، وهكذا يفيض الرب في العالم في ذروة فصحه وقمة خلاصه الروح القدس الذي يواجه روح التفرقة وذلك لأنه انسجام وروح وحدة يقود إلى السلام. ثم دعا الأب الأقدس إلى التضرّع يوميًّا طالبين عطيّة الروح القدس في حياتنا.
ثمّ انتقل الأب الأقدس إلى الحديث عن عمل الروح القدس في الكنيسة، فأشار إلى أنّه يجعل الكنيسة تبدأ بالنزول على كلّ رسول حيث ينال كلّ منهم نعمًا خاصّة وكاريزما مختلفة. وأضاف قداسة البابا فرنسيس أنّ مثل هذه التعدّدية يمكن أن تؤدّي إلى التخبّط، إلّا أنّ الروح القدس، وكما في الخلق، يصنع التناغم من التعدّدية. وليس هذا تناغما مفروضا أو تجانسا، بل هناك نظام في الكنيسة يقوم على تنوع العطايا والمواهب، وذلك حسب ما كتب القديس باسيليوس. وعاد البابا هنا إلى العنصرة مذكرا بأن الروح القدس لم يخلق لغة واحدة للجميع بل نزل على الرسل بلغات مختلفة جاعلا إياهم قادرين على التكلم بهذه اللغات، أي أنه لا يلغي الاختلافات والثقافات بل يجعلها متناغمة. لا يبدأ الروح القدس بالتالي العمل انطلاقا من مشروع مخطط كما نفعل نحن، بل يبدأ بتوزيع عطايا مجانية ووفيرة. وقد جاء في سفر أعمال الرسل "فامتلأوا جميعا من الروح القدس"، هكذا بدأت حياة الكنيسة، قال الأب الأقدس، لا من خطة دقيقة ومفصَّلة بل من اختبار محبة الله ذاتها.
هذا وأراد قداسة البابا فرنسيس في سياق حديثه عن عمل الروح القدس في الكنيسة التطرق إلى المسيرة السينودسيّة الّتي انطلقت وتستمرّ، فقال إنّ هذه يجب أن تكون مسيرة حسب الروح القدس، لا برلمانا للمطالبة بحقوق أو احتياجات أو مناسبة للسير إلى حيثما تحملنا الرياح، بل فرصة كي نكون مطيعين لنفخة الروح القدس الذي به فقط تُبحر الكنيسة في بحر التاريخ. وتابع البابا أن بدون الروح القدس يصبح الإيمان مجرد عقيدة والنشاط الرعوي مجرد عمل، أما مع الروح القدس فالإيمان هو حياة، هو محبة الرجاء التي تَكسبنا، ويُولَد الرجاء مجدَّدا. علينا أن نضع الروح القدس في مركز الكنيسة، قال البابا فرنسيس، وإلا فلن تتقد قلوبنا بمحبتنا ليسوع بل لذاتنا فقط.
هذا الخبر نُشر على موقع فاتيكان نيوز، لقراءة المزيد إضغط هنا.