غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يحتفل بعيد شفيع الكنيسة السريانيّة وملفان الكنيسة الجامعة في كاتدرائيّة مار جرجس التاريخيّة، الخندق الغميق - الباشورة، بيروت

في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم السبت 25 شباط/ فبراير 2023، احتفل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقدّاس الإلهي الحبري الرسمي لمناسبة عيد مار أفرام السرياني شفيع الكنيسة السريانيّة وملفان الكنيسة الجامعة، وذلك في كاتدرائيّة مار جرجس التاريخيّة، الخندق الغميق – الباشورة، بيروت.

عاون غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان في القدّاس صاحبا السيادة المطرانان: مار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشيّة بيروت البطريركيّة، ومار اسحق جول بطرس مدير إكليريكيّة سيّدة النجاة البطريركيّة بدير الشرفة ومنسّق رعويّة الشبيبة، بحضور ومشاركة صاحبي السيادة مار ربولا أنطوان بيلوني، ومار فلابيانوس يوسف ملكي، والآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان الأفراميين والراهبات الأفراميات والإكليريكيّين طلّاب إكليريكيّة دير سيّدة النجاة – الشرفة، وجموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعايا السريانيّة في أبرشيّة بيروت البطريركيّة، ومن إرساليّة العائلة المقدّسة للنازحين العراقيّين والسوريّين في لبنان.

وحضر القدّاس صاحب السيادة المطران باولو بورجا السفير البابوي في لبنان، وصاحب النيافة مار ثيوفيلوس جورج صليبا مطران أبرشيّة جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس، وصاحب السيادة المطران بولس عبد الساتر رئيس أساقفة أبرشيّة بيروت المارونيّة، وصاحب السيادة المطران جورج أسادوريان المعاون البطريركي للأرمن الكاثوليك، والمونسنيور جيوفانّي بيكّيرّي القائم بالأعمال وسكرتير السفارة البابويّة في لبنان.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان موعظة بعنوان "أطلبوا أوّلًا ملكوت اللّه وبرّه" (متّى 6: 33)، تحدّث فيها غبطته عن دعوة الربّ يسوع لنا في موعظته الشهيرة على الجبل إلى "أن نتحرّر من ربقة المادّة، وننطلق في عالم الروح، حيث يعدنا خالقنا ومدبّرنا بالسعادة والبرارة، وهو يحثّنا على السعي نحو الملكوت كهدفِ حياتنا الأسمى. وهذا هو معنى الصوم، مسيرةٌ روحية نحو الملكوت، تحثّنا عليها الكنيسة كي ننقّي أفكارنا ونلطّف أقوالنا ونمارس المسامحة وأعمال المحبّة والرحمة، فنحيا حياة البرّ والسلام والفرح في الروح القدس... فإن كانت غاية حياتنا ملكوت اللّه وبرّه، فلا بدّ من أن نعيش القناعة في سعينا للطعام والكساء، وأن نبقى دومًا متّحدين مع الرب، وأن نسعى لخدمة كنيسته، ناثرين حولنا البسمة والرجاء، لا سيّما في زمن التحدّيات والآلام".

واستفاض غبطته في الكلام عن سيرة القديس مار أفرام السرياني "شفيع كنيستنا، واحد من أشهر آباء الكنيسة الأولين، الذي سمّاه البابا بنديكتوس الخامس عشر عام 1920، ملفانًا أي معلّمًا للكنيسة الجامعة شرقاً وغرباً"، متناولاً سيرته منذ ولادته في مدينة نصيبين، وتلمذته على يد أسقفها مار يعقوب النصيبيني الذي وشّحه بالإسكيم الرهباني ورسمه شمّاساً، ثمّ مغادرته نصيبين إلى الرها حيث أسّس مدرسةً لاهوتية، وعاش تكرّسه كاملاً للرب والكنيسة.

ولفت غبطته إلى أنّ الرهبانية لدى مار أفرام لم تكن "صلاةً وعبادةً ونسكاً فحسب، بل أيضاً خدمةً متفانيةً للقريب، تذكّرنا بما نسمّيه اليوم ب"الحركات الرسولية" المتعدّدة المواهب من تكرُّسٍ للحياة الروحية والتأمّلية والرسالة وأعمال الرحمة. كما نجده يجمع الصدقات والمعونات من الأغنياء لمساندة المعوزين، لا سيّما بين الذين أُرغِموا على النزوح معه. وبتفشّي وباء الطاعون، بادر إلى إنشاء ملجئٍ، وشرع يعتني بالمرضى، حتّى أصيب هو نفسه بهذا الوباء. وكان أوّل من أسّس جوقة ترتيل من العذارى، ممّا يدلّ على تقديره لمكانة المرأة في الكنيسة، وعلى سعة فهمه العميق للكتاب المقدس".

وأشار غبطته إلى أنّ مار أفرام هو "شمس السريان" و"كنّارة الروح القدس"، "وها هي الكنيسة تترنّم بالألوف المؤلَّفة من أناشيده وأشعاره، وتغتني بمؤلّفاته وعظاته وتفاسيره للكتاب المقدس، حتّى قال أحدهم: لو فُقِدت نسخة الكتاب المقدس بالسريانية، لاستطعنا جمعها ثانيةً من مؤلّفات مار أفرام".

وتوقّف غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان عند التكرّس والدعوة الرهبانية، متحدّثاً عن الرهبانية الأفرامية الرجالية وجمعية الراهبات والأفراميات بنات أمّ الرحمة، والخدمة التي تقوم بها كلٌّ من الرهبانيتين، رافعاً الصلاة "من أجل الدعوات الكهنوتية والرهبانية، نحن نعلم كم هي الدعوات في تناقُص، وذلك بسبب روح العلمنة، وانتشار المادّية والنظرة الخاطئة للحرّية، وهذه تيّارات مضلِّلة تأتينا بشكل خاص من الغرب الذي يبتعد عن روح الإنجيل، بادّعائه أنّه من الضروري التأقلم مع روح العالم".

وتناول غبطته الأوضاع الراهنة في لبنان، فقال: "لا يمكننا أن نغفل عن التحدّيات التي نجابهها في لبنان، حيث الأزمة المخيفة معيشيًّا وسياسيًّا، لا سيّما إحجام النوّاب المنتخَبين من الشعب عن القيام بدورهم وواجبهم الوطني بانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة على الفور، ومن ثمّ تشكيل حكومة جديدة تنهض بالبلاد، اقتصاديًّا وحياتيًّا. فللأسف كلّ مسؤول يتغنّى بحزبه ويعتبر أنّه الحزب الأفضل والوحيد الذي يدافع عن خير لبنان".

وتابع غبطته متطرّقًا "بألم إلى ما تعانيه أغلبية الموطنين في لبنان من المعيشة الموجعة، إذ أنّ هناك من استطاع أن يهرّب بشطارة أمواله، وبقينا للأسف ننتظر الرحمة، خاصّةً وأنّ المصارف تستغلّ الذين أودعوا أموالهم لديها، وهي لا تزال مغلقة حتّى اليوم"، مناشدًا "جميع المسؤولين أن يحكّموا ضميرهم وحسّهم الوطني، كي ينتظم عمل المؤسّسات، ويعود لبنان إلى سابق عهده من التطوّر والازدهار، هذا البلد الذي كان يوماً صلة الوصل بين الشرق والغرب وسويسرا الشرق".

وتكلّم غبطته عن الوضع في سوريا، حيث "جاءت نكبة الزلزال المروّعة لتزيد المآسي والصعوبات التي يعانيها الشعب، اقتصادياً ومعيشياً"، وفي العراق "حيث نلمس تحسُّن الأوضاع، راجين أن يستمرّ هذا الانفراج فيه، وينعكس على حياة المواطنين"…

هذا الخبر نُشر على صفحة بطريركيّة السريان الكاثوليك الأنطاكيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

عظة غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا في الأحد الأوّل من الزمن الأربعيني، السنة أ

Next
Next

قداسة البابا تواضروس الثاني يوجّه عظته الأسبوعيّة ضمن اجتماع الأربعاء