عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في خميس القربان
في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في خميس القربان، يوم الخميس 16 حزيران/ يونيو 2022، في معهد الرسل في جونيه، لبنان.
"خذوا كلوا هذا هو جسدي! إشربوا هذا هو دمي" ( متّى 26: 26 و 28).
1. إنّ المسيح الربّ، لكي يكون حقًّا ودائمًا عمّانوئيل، أي اللّه معنا، أسّس بفيض من حبّه سرّي القربان والكهنوت، قبل أن يتألّم ويموت ويقوم من بين الأموات. فسلّم كهنة الكنيسة الإحتفال بتقدمة ذاته ذبيحة لفدائنا من خطايانا، تحت شكلي الخبز والخمر الحوّلين إلى جسده ودمه، وبتقدمة ذاته وليمة سرّيّة للحياة الإلهيّة فينا، إذ قال لهم: "إصنعوا هذا لذكري" (لو 22: 19).
2. تحتفل الكنيسة في هذا الخميس الذي يلي عيد الثالوث الأقدس، بعيد القربان، لكي نتذكّر أنّ ربّنا يسوع تمّم ذبيحة الفداء، مرّة وإلى الأبد على الجلجلة. في هذه الذبيحة نتذكّر آلامه وموته وقيامته، ونؤمن بأنّه حاضر سرّيًّا في الذبيحة المتجدّد فيها سرّ فصحه، وننتظر مستقبلًا مجيئه في آخر الأزمنة. هذه النظرة إلى ما بعد الزمن تولّد فينا شعلة الرجاء. ويطيب لنا جريًا على العادة ان نحتفل معكم في معهد الرسل الزاهر بعيد خميس الجيد وقد تميز هذه السنة بان سبقه مؤتمر قرباني عقد في هذا المعهد بمبادرة من اصدقاء القربان برئاسة سيادة اخينا المطران شارل مراد رئيس اللجنة الاسقفية للمؤتمرات القربانية وبمشاركة سيادة اخينا المطران انطوان نبيل العنداري نائبنا العام على منطقة جونية.
3. في سرّ القربان، ندخل في شركة عميقة مع يسوع، فيمنحنا النعمة لكي نثبت فيه، بحسب رغبته: "اثبتوا فيّ كما أنا فيكم" (يو 15: 4). هذه الشركة تصبح محبّة متبادلة بين الربّ وبيننا ولأنّ الخبز القربانيّ الواحد، نحن على كثرتنا واحد. ما يعني أنّ الإفخارستيا – سرّ القربان – يولّد الكنيسة، جسد المسيح، وإنّنا بقدر ما نسير مع المسيح في الشركة، بقدر ذلك نكون في شركة مع جسده الذي هو الكنيسة، التي نحبّها ونعيش في وحدة دائمة معها ومع بعضنا البعض.
من عمق سرّ القربان، جسد المسيح ودمه، ومن صميم جوهر الكنيسة التي هي جسد المسيح الكلّيّ، تنطلق الشركة والمحبّة التي اتخذتهما شعارًا لخدمتي البطريركيّة، منذ ساعة انتخابي، كلّنا بحاجة إليهما: نحتاج إلى الشركة التي تعني في بعدها العاموديّ الإتحاد باللّه؛ وفي بعدها الأفقيّ الوحدة بيننا. لكنّ هذا الإتحاد وهذه الوحدة يحتاجان إلى المحبّة، لكي تشدّ روابط الإتحاد والوحدة. من لا يوجد حبّه في قلبه لا يستطيع أن يعيش الشركة ببعديها.
4. هذه هي حاجتنا الأساسيّة اليوم في لبنان: إنّها حاجة كلّ إنسان في العائلة والكنيسة والمجتمع والدولة. إنّها حاجة المسؤولين المدنيّين والسياسيّين. هم بحاجة لأن يرفعوا قلوبهم وعقولهم إلى اللّه، لكي يستمدّوا منه النور والهداية في ممارسة سلطتهم، فتكون لصالح الخير العام، لا لمصلحتهم الشخصيّة. إذا فعلوا ذلك مجّدوا اللّه وأرضوه. ليست السياسة تجارةً وتقاسم حصص على حساب الشعب المغيّب والمهمل، بل هي فنّ الخدمة العامّة، خدمة كلّ مواطن، أيًّا يكن انتماؤه السياسيّ أو الحزبيّ أو الطائفيّ…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.