غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يحتفل بقدّاس عيد الميلاد المجيد في كنيسة مار اغناطيوس في الكرسي البطريركي في المتحف، بيروت
في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد ٢٥ كانون الأوّل/ ديسمبر 2022، إحتفل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الأنطاكي، بقدّاس عيد ميلاد الربّ يسوع بالجسد، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.
عاون غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركيّة وكاهن إرساليّة العائلة المقدّسة للنازحين العراقيّين في لبنان، بحضور ومشاركة الأب سعيد مسّوح قيّم دير الشرفة وإكليريكيّة سيّدة النجاة البطريركية، والأب طارق خيّاط الكاهن المساعد في إرساليّة العائلة المقدّسة للنازحين العراقيّين وفي رعيّة مار يوسف - طرابلس، والشمامسة، والراهبات الأفراميّات، وجمع من المؤمنين الّذين قَدِموا ليشاركوا في القدّاس ويهنّئوا غبطته بالعيد.
في بداية القدّاس، أقام غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان الرتبة الخاصّة بعيد الميلاد بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، وفي نهايتها، رنّم غبطته الإنجيل المقدس من بشارة القديس لوقا، ثمّ أضرم ناراً في موقدة وُضِعت في وسط الهيكل، وزيّح فوقها الطفل يسوع. بعدئذٍ طاف غبطته في زيّاح حاملاً الطفل يسوع، يتقدّمه الكهنة والشمامسة، فيما الجوق ينشد تسبحة الملائكة "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر"، وترانيم الميلاد، ليوضَع بعدها الطفل يسوع في المكان المرموز به إلى المذود في المغارة التي نُصِبَت داخل الكنيسة.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بتحيّة المعايدة الميلادية "وُلِدَ المسيح... هللويا"، وجاءت الموعظة بعنوان "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر"، فاعتبر غبطته أنّ "عيد الميلاد هو عيد الفرح، عيد البهجة، عيد العائلة التي تلتقي معاً، كباراً وصغاراً، كي يحتفلوا بهذا الحدث الأعجوبي الذي نؤمن به، ميلاد الرب يسوع في بيت لحم".
ونوّه غبطته إلى أنّ "الملائكة الذين بشّروا الرعاة بميلاد الرب يسوع، أنشدوا السلامَ للعالم والرجاءَ الصالحَ للناس أجمعين، ونحن مع الكنيسة منذ أجيال وقرون نحتفل بهذا العيد وننشد هذا النشيد الرائع. موضوع السلام هو حنين الناس منذ القدم، وللأسف عرف تاريخ البشرية الكثير من العنف جراء خطايا البشر، ما يؤدّي إلى غياب السلام بين الناس. أمّا الرجاء فهو فضيلة مسيحية، وهو أعمق من الأمل، لأنّه فضيلة مؤسَّسة على إيماننا بأنّ الرب يسوع قادر أن يخلّصنا، هذا الرجاء الذي نحاول جميعنا أن نعيشه في هذه الأيّام الصعبة حيث الأوجاع والأزمات الكثيرة التي يمرّ بها لبنان وبلدان الشرق الأوسط، وبخاصّة سوريا والعراق".
وأكّد غبطته على أنّه "إذا كان المسيحيون يعانون ويتحمّلون شتّى أنواع الصعوبات والضيقات والاضطهادات في بلدان الشرق الأوسط بسبب إيمانهم، كما في سوريا والعراق حيث حدث الكثير من أعمال العنف والفوضى تجاه ما يُسمَّى مكوِّنات صغيرة كالمسيحيين، فعلينا اليوم أن نقرّ أنّ فقدان السلام والتعرُّض لانعدام الرجاء في لبنان ليس من تدخُّل ومن جرائم الغير. بل للأسف يجب أن نقولها اليوم بكلّ وضوح: إنّ للمسيحيين الدور الأكبر في ما يحدث في لبنان، وعليهم تقع المسؤولية حتّى يرجع هذا البلد الحبيب إلى سابق عهده، كما يتغنّى به المُنشِدون ويغنّون: لبنان قطعة سماء، لبنان رسالة، لبنان حضارة".
وأشار غبطته إلى أنّنا "قلنا ولا نزال نردّد أنّ المسيحيين هم المسؤولون عن عودة السلام الحقيقي إلى هذا البلد، فلا نتّهم الشرق والغرب والشمال والجنوب، بل علينا قبل كلّ شيء، نحن المسيحيين، أن نوحّد قلوبنا ونفوسنا، ونبرهن على أنّنا نريد أن يبقى لبنان هذا الإشعاع في المنطقة. فلنتذكّر أنّ لبنان بحسب دستوره وقوانينه ومبادئه هو للجميع، لكن للأسف هناك من يُعتبَرون أقلّية ويتمّ حرمانهم من حقوقهم"، متضرّعاً "إلى الرب يسوع، الطفل الإلهي، أن يجعل هذا العيد حقيقةً مرحلة تحوُّل نحو السلام الحقيقي، لأنّه يكفي ما يعانيه اللبنانيون من مآسٍ مخيفة، وأغلبيتهم لا يستطيعون أن يسدّوا أبسط حاجات العيش الأساسية".
ولفت غبطته إلى أنّه "البارحة مساءً في قداس ليلة عيد الميلاد في كاتدرائيتنا، كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد، بعد 12 سنة من تلك الهجمة الإرهابية عليها، والتي أدّت إلى وقوع 48 شهيداً، صغاراً وكباراً، وأكثر من 80 جريحاً. في هذا القداس البارحة، حضر الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب، وجميعهم مسلمون. أمّا نحن في لبنان، فنتوسّل أن يحضر أحدهم يمثّل هؤلاء الذين نسمّيهم رؤساء. وعندما يحضر، يحمّلنا منّةً، في الوقت الذي يجب أن يكون هؤلاء الرؤساء والمسؤولون للجميع بالتساوي. صحيح نحن كنيسة صغيرة، لكنّ الجميع يعلم أنّ تاريخ لبنان لا يُفهَم إلا من خلال السريان، وها هي قرى وبلدات لبنان، أساسها ولغتها سريانية. وإذا كنّا كنيسة صغيرة منتشرة في الشرق والغرب، فهذا لا يعني أنّه ليس لنا الحقّ، كغيرنا الذين يُسَمّون الطوائف الكبرى، أن نتمتّع بحقوقنا المدنية الوطنية كاملةً"…
هذا الخبر نُشر على صفحة بطريركيّة السريان الكاثوليك الأنطاكيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.