رسالة عيد الميلاد المجيد الرعويّة 2022 من سيادة المطران حسام الياس نعوم

"كيف نجد الرجاء في الميلاد؟"

تجدون في التالي رسالة عيد الميلاد المجيد الرعويّة 2022 الّتي وجّهها سيادة المطران حسام الياس نعوم، رئيس الأساقفة الأنجليكاني في القدس ورئيس المجمع الكنسي لمطرانيّة القدس الأسقفيّة.

"الْمَجْدُ للّهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ" (لوقا 2: 14)

 

أخواتي وإخوتي في المسيح،

تحية ميلادية طيّبة وسلام الطفل يسوع يكون معكم جميعًا،

 

منذ بشارة ملاك الرّب للرّعاة بميلاد المخلّص وظهور الجند السّماوي (لوقا 2: 10-14)، وحتّى يومنا هذا، ما تزال الرسّالة الإلهيّة ترنّ في أعماقنا، داعيةً إلى تقديم المجد لله وتحقيق السّلام على الأرض، حتمًا سيتحقّق. لنسأل أنفسنا: كيف نمجّد اللّه في حياتنا وهل نساهم في تحقيق السّلام؟ نحن بحاجة دائمة إلى عمل نعمة الله فينا، لنبحث عن يسوع وندعوه ليسكن في قلوبنا. بحضور يسوع نستطيع أن نمجّد الله وأن نكون صانعي سلام.

بسرّ التجسّد والميلاد أصبح اللّه حاضرًا معنا وفينا وأكّد أنّه معنا وقريب منّا "هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ" الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللّهُ مَعَنَا. (متى 23:1) هذه الآية الإنجيليّة وخاصةً كلمة "عمانوئيل" هي مصدر قوّة وتعزية واطمئنان لكلّ واحد منّا. "الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا" (يوحنا 14:1) وهذه، حقيقة ايمانيّة تذكّرنا كيف أراد الله تعالى أن يتصالح مع البشرية فتجسّد وصار مثلها في كلّ شيء ما عدا الخطيئة، حتّى كلّ من يؤمن به ويقبله تكون له حياة النّعمة، والسّلطان أن يصير ابن الله. ما أعظم إلهنا الحيّ وما أعظم محبّته ورحمته لنا، ترك عرش النعمة السّماوي "وأَخْلَى نَفْسَهُ آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ" (فيلبي 7:2). ما أعظمك وما أروع أعمالك يا ربّ "فلاَ مِثْلَ لَكَ بَيْنَ الآلِهَةِ يَا رَبُّ" (مزمور 8:86).

بعد أن عشنا حالة الاستعداد والانتظار بترقّب لمجيء السيد المسيح في فصل الأدفنت، يحلّ علينا عيد الميلاد المجيد، وما زال عالمنُا مليئاً بالتحدّيات الصّعبة والفقر والشّر والكراهية والتطرّف والحرب والإحتلال والعنف المستشري أيضاً في المجتمع والأسرة. لنستذكر أحداث عيد الميلاد الأوّل وأوضاع البلاد في ذلك الوقت، نجد فيه الاحتلال الرّوماني والعنف والقتل والفقر واللاجئين، وشعبٌ سالكُ في ظلمة، ينتظر مخلّصاً ويبحث عن الأمل والرّجاء والنّور، وهكذا كان: "اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا" (إشعياء 2:9). كان الطّفل يسوع هو الأمل والرّجاء والنّور، واليوم هو المخلّص والفادي هو النّور والأمل والرّجاء. فيبقى يسوع هو صاحب العيد وسبب الفرح والإحتفال. يأتي الرّب يسوع المسيح له المجد والتّسبيح من جديد ليقدّم لنا الأمل والفرح والخلاص والمحبّة والرّحمة والسّلام. إنّها دعوة لكلّ منّا ألّا يتوقف الميلاد عند الشعور بالبهجة الخارجيّة والزّينة والشّجرة، بل أن نعيش عمق معانيه متأمّلين بصاحب العيد طفل المغارة وبميلاده العجيب وبفقره الذي أغنانا وبتواضعه الذي رفعنا. فنجدّد إيماننا ونكون على مثال مريم العذراء أمّ يسوع متفكرين ومطيعين لكلمة الرّب ومنفتحين على أعماله ومخطّطاته الخلاصيّة. (لوقا 38:1).  

في هذا الوقت نحن قلقون على شبابنا، حاضر ومستقبل الكنيسة، نريد أن نزرع في قلوبهم وحياتهم الأمل والفرح، حتّى يجدوا دائماً في شخص المسيح كلّ ما يحتاجونه، نريد أن نزرع في أذهانهم محبّة الأرض المقدسّة ونعزّز إنتمائهم لها ولكنيسة وطن يسوع الأرضيّ. هذا العيد هو فرصة للتغيير، ندعو الشبيبة إلى تجديد ايمانهم والإلتزام به ويختاروا يسوع صديقاً ومرشداً لهم.

عيد الميلاد هو عيد العطاء وعيد الهدايا، والله الذي بادر أوّلاً ومنحنا أعظم هدية ألا وهو ابنه الوحيد يسوع المسيح، لنشكر الله على هذه العطيّة العظيمة ودعونا نقبل ونستقبل يسوع من جديد في قلوبنا وبيوتنا وكنائسنا وعائلاتنا ومجتمعنا بفرح حقيقيّ، ثمّ نقدّمه نحن بدورنا هديّة عظيمة وخلاصيّة للآخرين.

عندما نتأمل بمشهد الميلاد، لا يسعنا إلّا أن نجثو خاشعين أمام المذود، لله الظاهر بالجسد رافعين الصّلاة والحمد والتّسبيح على مثال الرّعاة وساجدين على مثال المجوس:

هلمّ بنا معشر المؤمنين                  إلى بيت لحم نسر منشدين

هناك لدى سيد العالمين                لنسجد بحبّ له عابدين

 

أتمنّى لكم ولعائلاتكم عيدًا مباركًا وسعيدًا، يبارككم ويمنحكم فيه ربّ المجد يسوع، الأمل والرجاء والفرح.

 

ميلاد مجيد وسنة جديدة مباركة

وُلد المســـــــــــيح، فـمـجّــدوه        هـلّـلـويـــــــــــــا

 

 

مع بركتي ومحبتي وصلواتي لكم جميعًا،

 

+ سيادة المطران حسام الياس نعوم

رئيس الأساقفة الأنجليكاني في القدس

رئيس المجمع الكنسي لمطرانيّة القدس الأسقفيّة

 

القدس في عشيّة عيد الميلاد

 24/12/2021

Previous
Previous

رسالة غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان لمناسبة عيد الميلاد

Next
Next

الآلاف من الشباب يشاركون قداسة البابا تواضروس الثاني التسبيح في سينرچيا 4