عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في الأحد الخامس بعد عيد الصّليب
"في منتصف اللّيل صارت الصيحة: هوذا العريس أخرجوا للقائه"
في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في الأحد الخامس بعد عيد الصّليب، يوم الأحد 16 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2022، في كاتدرائية القدّيس يوسف المارونيّة، الظاهر في القاهرة.
أخي سيادة راعي الأبرشيّة المطران جورج شيحان
الأباء والراهبات
سعادة سفير لبنان السيّد علي الحلبي وأصحاب المقامات
أيّها الأخوة والأخوات الأحباء،
في إنجيل اليوم العريس هو الربّ يسوع، فادي الإنسان ومخلّص العالم. هو عريس لأنّه صديق كلّ إنسان ورفيق كلّ إنسان في دروب الحياة. مجيئه المفاجئ هو ساعة موت كلّ واحد منّا. فيه يطلب أن نكون مستعدّين لهذا اللّقاء. تنبسط معاني هذا الإنجيل إلى مجيئ الربّ في حياتنا اليوميّة عندما ينتظر منّا موقف أو عمل أو مبادرة خيرة بنّاءة فعّالة، ويدعونا لنكون مستعدّين لمجيئه اليومي وللقائنا معه في نهاية حياة كلّ واحد وواحدة منّا.
1- يسعدني أن نحتفل معًا بهذه اللّيتورجيّة الإلهيّة، وكما ذكر سيادة راعي الأبرشيّة، أنا هنا لتلبية دعوة للمشاركة في المؤتمر الّذي تنظّمه جامعة الدول العربيّة بالتعاون مع المجلس العالمي للتسامح والسلام في مقرّ الأمانة العامة للجامعة بين 17 و18 تشرين الأوّل/ أكتوبر الجاري، وقد طُلب إليّ الكلام في جلسة الإفتتاح بموضوع: "التسامح في المسيحيّة ودوره في ترسيخ أسس السلام الإجتماعي".
نحن نرجو أن يكون هذا المؤتمر من سلسلة اللقاءات الّتي فيها يتحاور الجميع من اجل بناء السلام. وخاصة الحوار الّذي يبنى على القيم الدينية والقيم الروحية خلافًا لما يقول البعض أن الأديان مصدر خلافات ونزاعات، هذا غير صحيح بل الأديان تعطي روح، ومعنى وقيمة لكل حوار دبلوماسي بين الشعوب. الأديان تعطي الأساس لكل تفاوض بين الناس، أساسًا خلقيًا، أساسًا روحيًا، وبدون هذا الأساس تبنى المفاواضات على المصالح والنزاعات، كأننا نبني على الرمل. الحمدلله في هذه السنوات الأخيرة هناك سعي حول حوار الأديان، كل الأديان من أجل إستعادة هذه الأسس الروحية وهذه القيم. المؤتمر هذا الّذي نشارك فيه يندرج في هذا الخط.
2- الإنجيل اليوم كما قلت هو إنجيل لقاء المسيح الرب مع كل إنسان في حياته اليومية يستعمل الرموز. الرمز الأول أن يسوع هو العريس لأنه رفيق الإنسان، فادي كل إنسان، صديق كل إنسان كما ظهر في حياته التاريخية. يأتي في يومنا الأخير ولا يسمي هذا اللقاء موتًا، الموت طبيعي كل من يولد يموت. نعرف هذا. سنموت ويجب أن نموت لأننا بدأنا مسيرة تاريخية. لكن يعنيه أن يقول عند ساعة الموت هو الّذي يتقبل كل واحد منا. هو الّذي يعطي معنى لحياتي بعد التاريخ. هو الّذي يسعدني إن كنت عشت معه ومع الله، و بكل أسف لا يعرفني لأنني لم أعرفه في هذه الدنيا. يستعمل صور العرس. العذارى هم النفوس هم الناس. الحكيمات هم الّذين يفكرون في عمق الحياة ومعانيها، يفكرون بالموت بمعنى الموت، بالألم، بمعنى الوجود ويحطاطون له بحياة صالحة، ويضعون امامهم القاعدة الّتي تقول: إذكر يا إنسان أواخرك فلن تخطأ. الجاهلات هم الناس السطحيون الّذين يعيشون لهذه الدنيا فقط . اما المصابيح فهي العقل، الطاقة لمعرفة الحقيقة، الارادة لفعل الخير، القلب للمشاعر الانسانية. والزيت هو الايمان للعقل والرجاء للارادة والحب للقلب. لا احد يعرف ساعة موته وكيف سيموت لكن ينبغي ان اكون مستعدًا. في حياتي اليومية ينتظر مني الرب موقفًا في لحظته، يجب ان اقول الحقيقة الآن، يجب ان احمي العدالة الآن، ينبغي ان ابني السلام الآن. ان اقول لا عندما يجب ان اقول لا ونعم عندما يجب ان اقول نعم. لا استطيع ان اعيش فاترًا. فلا معنى للحياة بدون موقف. الكثير من الناس يهربون من قول الحقيقة ومن الدفاع عن العدالة ومن اتخاذ موقف بوجه الظلم. فلا قيمة لحياتهم ولا معنى لوجودهم.
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.