يا دنيتي
البروفسور ميشال عبس
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
كم انت جميلة في بهاء عينيك الثاقبتين ومحياك الرحب، ويديك اللتين لا تعرفان التعب،
كم انت رائعة، تختصرين عذاب الإنسانية دون انين ولا شكوى،
كم انت مميزة في رقتك، وذوقك، واحتضانك لمن تعرفين ولمن لا تعرفين،
كم انت صبورة، جلودة، تحملينا أشهرا في احشاءك بفرح وايمان بعطية الرب،
كم انت صلبة لا ترزحين تحت غدرات الزمن وعنف الاقدار،
كم انت مقدامة تعبّدين الطريق لأبنائك وترشدينهم الى سبل النجاح،
كم انت شريفة تضعين فلذات اكبادك على مسالك الاستقامة والحق والكرامة،
كم انت قديرة تجمعين الى عملك المنتج عنايتُك بأسرتك،
كم انت جريئة تدافعين عن الحق في وجه سلطان جائر، فتجسدين وقفات العز،
كم انت لطيفة دمثة تملئين الدنيا فرحا وحبورا،
لولا وجودك لكان الكون معتما بشعا،
لولا وجودك لكان للحضارة والفن والثقافة طعم آخر، طعم اللاطعم،
لولا وجودك لما كان العالم اساساً،
لولا وجودك لانتفى الفرح من العالم،
ليست صدفة ان يختار الرب تجسد ابنه عبرك،
ليست صدفة ان تكوني انت متسلمة البشارة،
ليست صدفة انك انت من طبع صورة الفادي على منديله،
ليست صدفة انك انت من حمل الطيب الى موقع القيامة،
ايتها المدرسة، ايتها المقدسة، يا موضوع مدائحنا، يا عروسا لا عروس لها،
انت التي بكيت المخلص، وجثوت امام صليبه، تشهدين ارتحاله الى عند الآب،
انت التي تجترحين المعجزات البشرية بالمحبة، فقط بالمحبة،
ليست صدفة ان يكون لك في التاريخ البشري أدوارا حاسمة،
ليست صدفة ان تهزي السرير بيمينك فيهتز العالم بيسارك،
انت التي ذكاء عاطفتك غلب العلوم، اذ تدركين بقلبك ما لا يدركه الرجل بعقله،
بين اليوم العالمي للمرأة، وعيد البشارة، وعيد الام، تملئين زماننا املا وتطلعات نحو مستقبل أفضل،
لن تستطيع البشرية تكريمَك بما فيه الكفاية، ايتها الام، ايتها الأخت، ايتها الابنة، ايتها الحبيبة، ايتها الزوجة،
خجلت البشرية حين استفاقت من سباتها الذكوري العميق، فوجدت انها امعنت تنكيلا بالأساس الإنساني الذي امن استمرارها،
خجلت البشرية من التمييز والتهميش الذين مارستهم بحقك،
خجلت البشرية عندما ايقنت انها قد مارست تجاهك خطاب كراهية مقنع بشتى التبريرات،
لن نستطيع ان نعتذر منك بما فيه الكفاية،
لن نستطيع محو ما اقترفته ايدي حضارة التمييز الاجتماعي،
لن نستطيع طلب صفحك الا بالمحبة،
ان نحبُك أكثر، ومن أعماق قلوبنا، وبكل صدق العالم،
وجه امي، وجه امتي، قالها أحد مبدعي هذه الامة،
وانا أقول لك، وجه امي، وجه دنيتي!