أيّها الضمير... إستيقظ

الإنسانيّة باتت في خطر!

خاصّ: إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط

وسط عالم منغمس بالأمجاد العابرة وخطاب الكراهية والعنف والعداء والتمييز... وفي خضمّ كلّ الضجيج الّذي يحيط بالإنسان نتيجة الحروب والصراعات والأزمات اللّامتناهية، تبقى المساعي لتحقيق التغيير غير واضحة أمام المآسي الّتي يشهدها العالم، فحقوق الإنسان باتت مسلوبة وكرامته مفقودة!

أين الضمير الإنساني اليوم؟ متى سيصحو من غيبوبته؟ وهل من آذان صاغية إلى وجع الإنسان وأنينه؟

إرادة الحياة هي الأقوى! هذا ما يقوله الكثير من المسؤولين وصنّاع القرار والجهات المعنيّة بحقوق الإنسان... لكن هل إرادة الحياة هي فعلًا الأقوى في ظلّ غياب قوانين وتشريعات تحمي الإنسان وتضمن مستقبله؟

أسئلة كثيرة قد تدقّ جرس الإنذار اليوم! الإنسانيّة بحاجة ماسّة إلى بارقة أمل نحو برّ الأمان... هناك حيث تُزرع قيم المحبّة والحوار والسلام تحت راية الإحترام المتابدل بين جميع الإخوة والأخوات على كوكب الأرض.

من هنا، يأتي اليوم العالمي للضمير الّذي اعمتدته الأمم المتّحدة في رزنامتها العالميّة يوم 5 نيسان/ أبريل من كلّ عام، بغية التذكير بضرورة تطوير الجهود من أجل تحقيق التسامح والسلام حول العالم، والتأكيد على احترام حقوق الإنسان في كلّ المجالات، إضافةً إلى تعزيز التنمية المستدامة.

بدوره، يسعى مجلس كنائس الشرق الأوسط، عبر مختلف برامجه ونشاطاته في المنطقة، إلى العمل المشترك في سبيل الخدمة الإنسانيّة والمجتمعيّة بما يوافق المبادئ الإنسانيّة، وكذلك العمل من أجل تحقيق العدالة والدفاع عن حقوق الإنسان للتمكّن من العيش بحريّة ومساواة وسلام.

 

مسيرة عمل من أجل السلام

اليوم العالمي للضمير يذكّرنا بأهميّة ترسيخ ثقافة السلام بين جميع شعوب العالم، فجهود عديدة ضمن هذا المسار كانت قد بدأت منذ عقود عدّة علّ يعيش الإنسان في عالم مُفعم بالاستقرار والأمان. ليس الحديث هنا عن ثمار هذه الجهود وإنّما عن بعض المبادرات لتحقيق السلام والّتي شهدت زخمًا، خصوصًا في العام 1989 خلال مؤتمر اليونسكو الدولي الّذي عُقد في ساحل العاج  تحت عنوان "سلام في عقول الرجال". الملفت في هذا المؤتمر التاريخي كان الحوار العالمي الّذي بدأ من أجل دمج مفاهيم السلام في حياتنا اليوميّة.

أمّا في العام 1999، فرسّخت الأمم المتّحدة هذه الرؤية عبر إصدار "الإعلان وبرنامج العمل بشأن ثقافة السلام"، الّذي قدّم خطوات عمليّة تهدف إلى بناء مجتمعات يسودها السلام. يركّز هذا الإعلان على التعليم من أجل السلام من خلال تعليم مهارات حلّ النزاعات وتنمية التعاطف وروح المواطنة العالميّة، وكذلك التنمية الإقتصاديّة والإجتماعيّة عبر الحدّ من الفوارق الّتي قد تؤدّي إلى توتّرات اجتماعيّة.

كما يحثّ هذا الإعلان على العمل في سبيل حماية حقوق الإنسان وكرامته، وأيضًا ضمان المساواة بين الجنسين من خلال تمكين المرأة وتوفير فرص متكافئة للجميع. هذا إضافةً إلى المشاركة الديمقراطيّة و إشراك الجميع في تشكيل مجتمعاتهم، وأيضًا التسامح والتضامن عبر تعزيز الإحترام والتفاهم. وذلك من دون أن ننسى حريّة التواصل وتحقيق السلام والأمن الدوليين.

 

تطلّعات وآفاق

مع تقدّم العالم الحديث على ضوء تقنيّات وإجراءات عالميّة جديدة، تطرح الأمم المتّحدة بعض التطلّعات لترسيخ رؤيتها واستراتيجيّاتها لعالم يسوده السلام. لذا شرحت أنّ المستقبل يتّجه إلى توظيف التقنيّات الحديثة وابتكار أساليب تعليميّة جديدة لتعزيز ثقافة السلام. من هنا، باتت الأدوات الرقميّة ومنصّات الإنترنت تسهم في الإضاءة على مبادئ السلام بشكل أكثر جاذبيّة وسهولة.

هذا وترى الأمم المتّحدة أنّ تحقيق السلام يتطلّب جهودًا جماعيّة بحيث تؤدّي إلى تبادل الممارسات بشكل أفضل وتوحيد الموارد ممّا يسمح بتنفيذ مبادرات أكثر فعاليّة. وتشدّد على أنّ بناء السلام يستدعي تبنّي حلول شاملة أساسيّة من أجل الإستدامة والعدالة الإجتماعيّة والتقدّم المشترك خصوصًا في ظلّ عالم يواجه تحدّيات ناشئة مثل تغيّر المناخ والتفاوت الإقتصادي وانتشار المعلومات المضلّلة، فعدم معالجتها يؤجّج النزاعات والخلافات.

 

 

في الحقيقة، ان رؤية الأمم المتّحدة في ترسيخ ثقافة السلام تدعو جميع سكّان الأرض إلى الإحتفاء بغنى التنوّع وتحمّل المسؤوليّة بغية بناء عالم أفضل. لكن درب جلجلة السلام بات طويلًا أمام ما يشهده العالم من تقلّبات ومستجدّات خطرة، فمتى ستبصر الإنسانيّة ثمار الجهود الدوليّة؟ وأين القيادات العالميّة أمام الواقع المرير الّذي يعيشه الإنسان؟

ليس هناك من جواب، لا بل أسئلة نضعها برسم المعنيّين!

Previous
Previous

مؤتمر مسكوني في وادي النطرون لمناسبة الذكرى الـ1700 لمجمع نيقية

Next
Next

مجلس كنائس الشرق الأوسط يصدر الرزنامة المسكونيّة لشهر نيسان/ أبريل 2025