الأربعاء العظيم المُقَدَّس

في يوم الأربعاء العظيم المُقَدَّس فرض الآباء المتوشّحون باللّه أن نصنع تذكار المرأة الزانية التي دهنت الرب بطيبٍ لأن ذلك حصل قبل الآلام ببرهةٍ جزئية.

من هي المرأة الزانية؟ سؤالٌ يُطرح كثيراً، ولا يوجد جوابٌ شافٍ له، لذا يبقى التقليد الشريف ينقل لنا، على لسان الآباء، بعض القصص التي تتوافق أحياناً، وتتضارب أحياناً أخرى، لكن ليبقى الجوهر واحد وهو أن هذه المرأة، وبغض النظر عن هويتها، التصقت بالسيد وأصبحت تلميذةً له.

في توضيحنا البسيط هنا ننقل لكم ما قالته بعض السنكسارات عن ذلك، ونورد في النهاية سيرة القديسة مريم المجدلية للفائدة.

"زعم البعض عن هذه المرأة أنها واحدة بعينها عند جميع الإنجيليين، إلا أن الأمر ليس هو كذلك. بل أمّا عند الثلاثة منهم فهي واحدة بعينها كما قال فم الذهب الإلهي وقد دُعِيَت أيضاً زانية. وأمّا عند الإنجيلي يوحنا فليس هي هذه بل هي امرأة أخرى عجيبة ذات سيرة شريفة وهي مريم أخت لعازر التي لو كانت زانية لما كان يحبها المسيح. فمَن هاتين؟

أمّا مريم فقبل ستة أيام للفصح بينما كان يسوع في بيتها الذي كان في بيت عَنيا مُتكئاً على العشاء صَنَعَت مَسحَة الطيب وأفاضته على قَدَمَيه البَهِيَّتين ومسحتهُما بشعر رأسها مُكَرِّمَةً إيّاه إكراماً بليغاً ومُقَدِّمةً الطيب كإلى إله. لأنّها كانت تعلم بتحقيقٍ أنّه، وفي الذبائح أيضاً كان يُقَدَّم زَيت لله وأنَّ الكهنة كانوا يُمسَحون بطِيب ويعقوب دهن نصباً لله. فقدَّمَت إليه الطيب مسدية إكراماً للمعلم كإله لأجل إعادة حياة أخيها. فلذلك ما وعدها بأجرة وحينئذ تأفف يهوذا وحدهُ بما أنه محب الفضة.

وأما الأخرى أعني الزانية فقبل يومين للفصح عندما كان يسوع أيضاً في بيت عَنيا ذاتها وهو في بيت سمعان الأبرص مُتَّكِئاً على العَشاء أفاضَت ذاك الطيب الجَزيل الثمن على رأسه كما يذكر متى ومرقص الشريفان فاغتاظ التلاميذ على هذه الزانية لعِلمهم بتأكيد حرص المسيح نحو الرحمة فأعطي لها أجرة بأن يُذاع بعملها الصالح في كل المسكونة. فعلى ذلك أما الآخرون فيزعمون أن المرأة هي واحدة بعينها وأما يوحنّا فيقول اثنتين.

فلذلك إذاً قد يلوح كما وبالحقيقة أيضاً أن زعم فم الذهب هو أكثر تحقيقاً أعني أن اثنتين هما اللتان صنعتا هذا العمل أحداهما كما تقدّم القول هي التي ذُكرت من الثلاثة الإنجيليين وهي الزانية الخاطئة التي أفاضت الطيب على رأس المسيح والأخرى هي المذكورة من يوحنا وهي مريم أخت لعازر التي قدَّمت الطيب وأفاضته على قدَمَي المسيح الإلهيتين لا غير. وإن العشاءين اللذين صارا في بيت عنيا هما غير العشاء السري وقد يتضح ذلك من أن بعد حكاية الزانية أرسل تلميذيه ليعدّا الفصح قائلاً: "انطلقوا إلى المدينة إلى فلان وقولوا له المعلم يقول عندك أصنع الفصح مع تلاميذي" وأيضاً "وسيلقاكما رجل حامل جرّة ماء وذاك يُريكُما عِلِّيَة عظيمة مفروشة فأعدّا لنا هناك فانطلقا ووجدا كما قال لهما وأعدّا الفصح". اعني الفصح الناموسي بما أنه كان قريباً. فأتى وأكمله مع تلاميذه كما يقول فم الذهب الإلهي.

+ طروباريّة.

إنَّ الزَّانِيَةَ لَمَّا مَزَجَتْ بالدُّموعِ الطَّيبَ الجَزيلَ الثَّمَن وأَفاضَتْهُ عَلَى قَدَمَيْكَ الطَّاهِرَتَينِ وَقَبَّلَتْهُما لِلْحالِ بَرَّرْتَها، فامْنَحْنا الغُفْرَانَ يا مَنْ تَأَلَّمَ عَنَّا وَخَلَّصْنا. آمين.

Previous
Previous

فيديو - يا يسوع الحياة - تقاريظ الأسبوع العظيم

Next
Next

"صبر أيوب... رجاء لا يخيب"