آكت الليانس تعقد جمعيّتها العامة الرابعة في إندونيسيا
فيديو - حديث خاصّ مع الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي حضرة القسّ البروفسور د. جيري بيلاي:
"الحوار يشكّل عنصرًا أساسيًّا للسير قدمًا ونحن بحاجة للتلاقي مع جميع الناس
صوت الشباب ضروري وأساسي لإحداث التغيير"
مجلس كنائس الشرق الأوسط - إندونيسيا
الصورة: ألبين هيلرت/آكت
"لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي" (مت 25: 35). إنطلاقًا من دعوة يسوع المسيح هذه، باتت الخدمة بمحبّة عاملًا أساسيًّا وضروريًّا اليوم أكثر من أي وقت مضى من أجل زرع الرجاء في قلوب ذاقت مرارة الحروب والصراعات والأزمات. دعوة يسعى الكثير إلى تجسيدها بالعمل والتضامن معًا والوقوف إلى جانب الأكثر ضعفًا وعوزًا في سبيل بلسمة جراحهم وإعادة الطمأنينة إلى حياتهم.
في الحقيقة، دعوة حملتها الجمعيّة العامة الرابعة لهيئة "آكت الليانس" الشريكة الرئيسيّة لمجلس الكنائس العالمي، الّتي انعقدت تحت شعار "الرجاء في العمل، معًا من أجل العدالة"، وذلك بين 28 تشرين الأوّل/ أكتوبر و1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، في منطقة يوغيّاكارتا – إندونيسيا.
مجلس كنائس الشرق الأوسط شارك في هذا الحدث المسكوني والتنموي العالمي حيث كان لقاء مع الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي حضرة القسّ البروفسور د. جيري بيلاي الّذي تطرّق في مقابلة خاصّة لموقع مجلس كنائس الشرق الأوسط إلى أهميّة الخدمة بكرامة وضرورة تضافر الجهود من أجل تحقيق العدالة المرجوّة منذ عقود.
خدمة الله ورسالته
في مستهلّ حديثه، أضاء حضرة القسّ بيلاي على أعمال الجمعيّة العامة لـ"آكت"، موضحًا أنّها "حملت قضايا عديدة متعلّقة بالتنمية والمساعدات الإنسانيّة والمناصرة والبحث في سُبل تقديم الدعم". ولفت إلى أنّ "هذه المواضيع مهمّة جدًّا بالنسبة لهيئة آكت الليانس، وكذلك لمجلس الكنائس العالمي، حيث يعملان معًا لتحقيق نتائج مجدية من أجل عالم أفضل، وذلك من خلال السعي لخدمة الله ورسالته في هذا العالم".
في هذا السياق، شرح حضرة القسّ بيلاي أنّ "هذه المواضيع تتكامل في ليتورجيّة كلّ من مجلس الكنائس العالمي وهيئة آكت الليانس. لذا، يجب أن تكون اللّيتورجيا متّصلة بعملنا. يجب أن تتحدّث في حياة الناس وتجاربهم. يجب أن تقدّم الرجاء والشعور بالاطمئنان أنّ الله حاضر وسط النزاعات والحروب والتحدّيات والصعوبات. لذلك، اللّيتورجيا مهمّة جدًّا في الفترة الراهنة".
مساع دوليّة لإنقاذ الشرق الأوسط
بالعودة إلى أعمال الجمعيّة العامة، تجدر الإشارة إلى أنّ منطقة الشرق الأوسط كانت فاعلة بشكل كبير في فعاليّات هذا الحدث العالمي، فما هي رؤية حضرة القسّ البروفسور د. جيري بيلاي إزاء ما يحدث من مستجدّات أليمة في المنطقة؟
يشير بيلاي إلى أنّه "مع تفاقم الأحداث في المنطقة لا سيّما مع الهجوم [الإسرائيلي] على العديد من البلدات في غزّة، أصبحت منطقة الشرق الأوسط أكثر تقلّبًا وسط مخاوف عديدة. وكذلك هي الحال في لبنان وإيران، حيث بات ضروريًّا وضع حدّ للأحداث المستجدّة، تجنّبًا لأي حرب إقليميّة. ونحن في مجلس الكنائس العالمي نأمل ونصلّي على نيّة إنهاء الأحداث المؤلمة. لذا، نسعى في عملنا إلى بذل الجهود والتعاون مع الكنائس والسلطات السياسيّة لإيجاد حلول تمنع وقوع أي حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط. نحن قلقون جدًّا إزاء ما يحدث".
وتابع "يجب أن يتمّ مراقبة عمل السلطات السياسيّة الّتي تتّخذ إجراءات متهوّرة من دون الأخذ بعين الإعتبار الأضرار الناجمة عنها، من دمار وإهمال ووقوع شهداء وتدمير الممتلكات. كما يجب على القيادات السياسيّة المتمكّنة في قدراتها وسلطاتها التدخّل بشكل سريع لضبط عمل بعض القيادات السياسيّة، خصوصًا وأنّ الوضع في الشرق الأوسط غير مقبول. لذا يجب مواصلة العمل من أجل تحقيق السلام ووقف إطلاق النار".
الحوار والتلاقي في سبيل عالم أفضل
ما هي إذًا الحلول الرئيسيّة الّتي قد تؤدي إلى تحقيق السلام والعدالة؟
يوضح حضرة القسّ البروفسور د. جيري بيلاي أنّ "الحوار يشكّل عنصرًا أساسيًّا للسير قدمًا. نحن بحاجة للتلاقي مع جميع الناس لمواصلة الحديث عمّا يحدث والبحث في سُبل تخطّي التحدّيات، وإيجاد حلول من أجل تحقيق السلام في مجتمعاتنا. نحن حقًّا بحاجة إلى التلاقي والعمل معًا.
في الواقع، بات العنف وسيلة لحلّ النزاعات بالنسبة لكثر من الناس، الّا وأنّ الحوار هو ما نحتاج إليه اليوم. لذا، ما نراه ضروريّ للحدّ من العنف وتحقيق سلام عادل يكمن في التلاقي بين جميع الناس، والقادة السياسيّين، وقادة الكنائس، وقادة المجتمعات، وجميع الأطراف المعنيّة للبحث في سُبل العمل معًا من أجل هذا السلام".
الشباب، أمل المستقبل
الّا وأنّه مقابل كلّ المباحثات الإقليميّة والدوليّة، لا يمكننا أن ننسى دور الشباب في صناعة التغيير عبر طاقاتهم وقدراتهم المتنوّعة. وهذا ما أكّد عليه حضرة القسّ بيلاي مشدّدًا على إرادة الشباب في "بناء عالم مُفعم بالسلام، عالم يتميّز بقبول الآخر والتنوّع، عالم أفضل يشمل الجميع. كما يولي الشباب اهتمامًا بقضايا رعاية الخلق والقضايا البيئيّة، ويعزمون على العيش في عالم يسوده السلام".
وفي رسالة إلى الشباب قال بيلاي: "عليكم الاستمرار في تعزيز مهامكم. قفوا وتحدّثوا وواصلوا عملكم من أجل عالم أفضل لجميع الناس. استمرّوا في الإيمان بالله. استمرّوا في تجسيد إيمانكم عبر الأنشطة التي تغيّر العالم وتحوّله إلى مكان أفضل. صوت الشباب ضروري وأساسي لإحداث التغيير. نتعلّم من الشباب أساليب جديدة للسير قدمًا، وهذه هي رسالتنا لهم. حافظوا على رؤيتكم، اعملوا من أجل عالم أفضل، وأحبّوا الله".
مجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الأوسط
في نهاية حديثه، أشاد الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي حضرة القسّ البروفسور د. جيري بيلاي بالعلاقة الّتي تربط مجلسه بمجلس كنائس الشرق الأوسط وقال: "إنّنا نعمل معًا بشكل وثيق، ونتكاتف في ما بيننا خصوصًا في ظلّ الصراعات والأوضاع المتقلّبة الّتي تعيشها منطقة الشرق الأوسط. وهي فرصة رائعة أن أتعاون مع الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط، حيث عملنا معًا من أجل تنفيذ زيارة عن بُعد إلى غزّة والقدس، وكذلك بحثنا معًا في كيفيّة إجراء محادثات لمعالجة الظروف المستجدّة وتحقيق وقف إطلاق النار في مختلف المناطق. أعتقد أنّ الظروف الراهنة قد ساهمت بتعزيز العلاقة الّتي تجمعنا وأنا أقدّر جدًّا هذه العلاقة القريبة مع مجلس كنائس الشرق الأوسط والتواصل الحثيث معه".