في الذكرى السنوية العاشرة لخطف مطراني حلب
مجلس كنائس الشرق الأوسط في ندوة وذكرى حول
قضية المخطوفين والمغيبين قسرًا، انتهاك كرامة الإنسان
غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان:
نناشد المراجع المختصة المحلية والدولية بالبحث والبوح بمصير المطرانين المجهول حتّى يومنا هذا
الأمين العام د. ميشال عبس يعلن يوم 22 نيسان/ابريل من كل عام على أنّه اليوم المسكوني للمخطوفين والمغيبين قسرًا
في الذكرى السنوية العاشرة لخطف مطراني حلب، سيادة المطران بولس يازجي وسيادة المطران غريغوريوس يوحنا إبراهيم، وبناء على قرار اللجنة التنفيذية، عقد مجلس كنائس الشرق الأوسط، يوم الاثنين 24 نيسان/ابريل 2023 ندوة بعنوان
قضية المخطوفين والمغيبين قسرًا
انتهاك كرامة الانسان
برعاية وحضور غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، كاثوليكوس الأرمن الكاثوليك لبيت كيليكيا، ورئيس المجلس عن العائلة الكاثوليكية، وبرعاية غبطة البطريرك يوحنّا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس، ورئيس المجلس عن العائلة الارثوذكسية، وقداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة في العالم، ورئيس المجلس الفخري، وبحضور سيادة المتروبوليت سلوان موسي، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان) للرّوم الأرثوذكس، ومشاركة سيادة المطران دانيال كورية، مطران بيروت للسّريان الأرثوذكس، عن بُعد.
بعد افتتاح الندوة من قبل الدكتورة لور ابي خليل، منسقة الندوات في المجلس، والنشيد الوطني اللبناني، استهلت الندوة بكلمة غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، الّذي قال فيها "ما يؤلم أكثر، هنالك بعض المسؤولين الّذين يعرفون الحقيقة ويخفونها، يخفون الحقائق الإجرامية ويتفاخرون بالعفو والعدالة... ها نحن اليوم نجتمع مرة أخرى في ذكرى أحبائنا المفقودين بحسرة وحزن عميق مناشدين المراجع المختصة المحلية والدولية بالبحث والبوح بمصير المطرانين المجهول حتّى يومنا هذا".
وأضاف غبطته "صرختي اليوم أوجهها إلى الضمائر الدولية التي تعودت منذ زمن بعيد بأن تكتفي بالمشاهدة على الجرائم وتبقى مكتوفة الأيدي، ساكتة على الإجرام. صرختي اليوم تذهب إلى أبعد من الماضي القريب. منذ مائة عام وأكثر بمثمانية أعوام، ذُبح أكثر من مليون ونصف المليون من الأرمن من أجل إيمانهم، ومن ذلك اليوم والضمير الدولي في سكونٍ، لم ينحرك شعرة ولم يقم بإدانة أحد ولا العمل لإحلال العدالة لأي شعب كان".
وتابع غبطته "مهما آلت إليه أنفسنا من ضيقات وصعاب حتّى الموت فلا شيء باقٍ، فيسوع مخلصنا وفادينا بقيامته المجيدة أعطانا الرجاء... أود أن أختم دعائي هذا بأمل ورجاء مستذكرًا ما جاء في الرسالة إلى العبرانيين: لنتمسّك دائمًا بالرجاء. الذي نعترف به، دون أن نشك بأنه سيتحقق، لأن الذي وعدنا بتحقيقه هو أمين وصادق".
بعد ذلك تلا سيادة المطران دانيال كورية، مطران بيروت للسّريان الأرثوذكس، البيان المشترك الصادر عن بطريركيتي انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس، ثم القى غبطة البطريرك ميشال صباح، بطريرك اللاتين السابق في القدس، كلمة مقتضبة حول قضيّة المخطوفين والمغيبين قسرًا.
واختتم الأمين العام للمجلس، الدكتور ميشال عبس بكلمته المحور الأول، حيث كانت بعنوان "خلف ستار الحقد". قال فيها "خلال المعارك، لا يستطيع من اتخذ أسرى، نكران وجودهم لديه، على ضوء المعاهدات الدولية، اما الذي اخذ "أسرى" خارج المعركة، عن طريق الخطف او الاستدراج او نصب المكائد، فما السبيل الى محاسبته؟ مساكين هم المفقودون، خطفا وتغييبا قسريا وغير ذلك من الأساليب. كل مرجعية سياسية او اجتماعية ترمي وزرهم على الأخرين، وتغسل يديها بطريقة بيلاطسية، فلا يصل أهلهم واحباءهم الى نتيجة...".
وتابع "نحن، في مجلس كنائس الشرق الأوسط، وانطلاقا من ايماننا المسيحي، نرفض أي ممارسة من هذا النوع ومهما كانت دوافعها او أسبابها. انها أولا، تجريد للإنسان من انسانيته، وثانيا، امتهان لكرامته الانسانية، وثالثا، إهانة للجنس البشري برمته. ابعد من القوانين والمواثيق الدولية، مرجعنا هو الانسان بقيمه وقيمته الاجتماعية التي لا تعبر عنها كلمات، ولا تحدها نصوص، لا قانونية ولا علمية، بل ممارسات المحبة التي عليها بني ايماننا المسيحي، والإنساني طبعاً".
وأضاف "هذه الندوة التاسعة من ندوات الكرامة الإنسانية، حوّلنا فيها، ببركة وتوجيه قيادات المجلس، ذكرى خطف مطراني حلب الى ذكرى نشمل فيها كل من خُطف او غُيّب قسراً، وعقدناها يوم الرابع والعشرين من نيسان/ابريل، يوم ذكرى الإبادة الأرمنية، التي ترافقت أيضا مع إبادة مجموعات بشرية كبرى من السريان والروم والاكراد والعلويين واليزيديين، في الاناضول وشمال المشرق الانطاكي".
تضمّنت الندوة محاور أربعة، الأول، حول شهادات ونضال، والثاني، مقاربة مفاهيميّة وقانونيّة، والثالث، حقوق المفقودين في ظلّ العدالة الانتقالية، اما الرابع فقد خصص لتلاوة بيان مجلس كنائس الشرق الأوسط حول قضية الندوة. وقد تخلل الندوة عرض اشرطة مصورة لشهادات حول الموضوع.
في المحور الأول تكلمت السيدة رباب الصدر، رئيسة الهيئة الإدارية لمؤسسات الإمام الصدر حول موضوع "رأي الامام موسى الصدر"، إنطلاقًا من تجربتها مع شقيقها الإمام موسى الصدر أعاده الله مع جميع المُغيَّبين قسرًا إلى أهلهم ووطنهم سالمين غانمين، متطرّقة إلى ما هو مطلوب في ظلّ هذا التغييب والإخفاء القسري وهذه المعاناة. ثم تكلم السيد عصام عاروري، من فلسطين، مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، حول موضوع "التغييب واحتجاز الجثامين: جريمة مركّبة – تجربة من فلسطين"، مدينًا هذه الجريمة ومضيئًا على حيثيّاتها في فلسطين.
اما في المحور الثاني فتكلم الدكتور خليل خيرالله، أستاذ القانون في الجامعة اللبنانية، حول الحماية الحقوقية للمخطوفين والمغيبين قسرا، مسلّطًا الضوء بنظرة علميّة وقانونيّة على حقوق هؤلاء الضحايا وسُبل صون كرامتهم. بعدها كانت كلمة الدكتور جورج جبور، الرئيس الفخري – الرابطة السورية للأمم المتحدة، حول موضوع "في قضية المفقودين والمغيبين قسرًا: إشكالات أخلاقية وسياسية وقانونية"، حيث تحدّث فيها عن العوائق الّتي تحول دون حدوث أي تقدّم في مسار هذه القضيّة.
في المحور الثالث، شارك اللواء عباس إبراهيم عبر شريط مصور حول موضوع الندوة متكلّمًا عن خبراته في ملفّات المخطوفين والمغيّبين قسرًا. ثم تلاه البرفيسور جهاد البطش، نائب رئيس جامعة القدس المفتوحة سابقًا، بكلمة تناول فيها تجربته في سجون الإحتلال مركّزًا على انتهاكات حقوق الإنسان ومدينًا قرار عدم الإفراج عن جثامين الأسرى وحتّى سرقة أعضائهم. بعدها كانت كلمة الدكتور محمود عزو، أستاذ في جامعة الموصل في كلية العلوم السياسية، حول "التشريعات العراقية وقضية المفقودين"، حيث تكلّم فيها عن ملفّ المفقودين في الواقع العراقي وعمل السلطات العراقيّة في هذه القضيّة.
اما في المحور الرابع، فقد أعلن الأمين العام للمجلس، الدكتور ميشال عبس، ان يوم 22 نيسان/ابريل من كل عام سوف يكون اليوم المسكوني للمخطوفين والمغيبين قسرًا، كما سوف يصبح هذا الموضوع جزءا من عمل المجلس في مجال التحسيس والتوعية حول مسألة الخطف والتغييب القسري، عبر برامج تشمل ندوات ومحاضرات وورش عمل وابحاث في مختلف بلدان تواجد المجلس في الشرق الأوسط.