مع غزّة: رفضًا للإبادة الجماعيّة
ندوة عن بُعد من تنظيم مجلس كنائس الشرق الأوسط إبان قصف مستشفى المعمداني
شهادات وخبرات من فلسطين ودول المنطقة
الأمين العام د. ميشال عبس: مع ما يجري في غزة، يستذكر الناس كل المجازر التي ارتكبها الاحتلال والذي جعلها أساسا لكيانه، كذلك الاجرام الذي يمارسه بشكل يومي حتى لأصبح ملازما لحياة الفلسطينيين
في ظلّ الظّروف المأساويّة الّتي تتعرّض لها غزّة الجريحة لا سيّما عقب قصف مستشفى المعمداني، نظّم مجلس كنائس الشرق الأوسط إبان هذه الكارثة ندوة عن بُعد بعنوان "مع غزّة: رفضًا للإبادة الجماعيّة". وذلك مساء يوم الأربعاء 18 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، بمشاركة متخصّصين وأكاديميّين وإخوة من فلسطين ومختلف دول المنطقة.
بدأت الندوة الّتي بُثّت مباشرةً على صفحة مجلس كنائس الشرق الأوسط على موقع فيسبوك، بدقيقة صمت عن أرواح الشّهداء الّذين سقطوا في غزّة، وتخلّلت مداخلات عدّة، بإدارة د. لور أبي خليل الّتي أدانت في كلمتها الأحداث الّتي تدور في غزّة، داعية كلّ مواطن وقائد إلى المطالبة بوقف الإعتداءات والحصار القائم على فلسطين من أجل إحقاق الحقّ والعدالة والمحاسبة.
بعدها، استُهلّت الندوة بكلمة الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس الّذي أشار فيها إلى أنّه مع ما يجري اليوم في غزّة "يستذكر الناس كل المجازر التي ارتكبها الاحتلال والذي جعلها أساسا لكيانه، كذلك الاجرام الذي يمارسه بشكل يومي حتى لأصبح ملازما لحياة الفلسطينيين. كل ذلك يجري على الأرض المقدسة التي تجسد فيها السيد، ونشر رسالته، وظلم وحوكم وصلب ومن ثم انتصر على العدم".
وأضاف "ان الذي يجري في غزة قد وصفناه في البيان الذي وزعناه صباحا في مجلس كنائس الشرق الأوسط، لذلك لن نعيد وصفه من جديد، بل سوف نستمع الى شرفاء، رفضوا ان يكونوا كالشيطان الاخرس، فوظفوا فكرهم وقيمهم في مناصرة قضية شعب ما زال صامدا في وجه الظلم، يقاوم المخرز بالعين ويتحمل شظف العيش وهو متمسك بأرضه وتراثه".
من ثمّ بدأت مداخلات الندوة حيث توالى المتحدّثون على الكلام. من هنا، أضاء الأب د. فادي دياب، نائب رئيس مستشفى المعمداني وراعي كنيسة مار اندراوس الأسقفيّة في رام الله، عن الأوضاع في غزّة والظّروف الإنسانيّة الصّعبة في البلاد مقدّمًا لمحة عن المشهد الميدانيّ لا سيّما عقب القصف الّذي تعرّضت له المستشفى إضافةً إلى مستجدّات حول التداعيات الناجمة عن هذه الكارثة.
بدوره، وصف سيادة المطران عطالله حنّا، رئيس أساقفة سبسطيّة للرّوم الأرثوذكس، ما حدث في غزّة بالإستهداف غير المسبوف وبكارثة حقيقيّة حيث تجاوزت بحسب ما قال كلّ الخطوط والحدود. كما دعا سيادته إلى اتّخاذ مواقف أكثر وضوحًا إزاء ما حصل، مذكّرًا بأنّ الربّ يسوع المسيح علّمنا أن نقول كلمة الحقّ وأن نكون جانب كلّ إنسان ومظلوم ومتألّم.
من جهّته، تحدّث سيادة المطران منيب يونان، المطران الأسبق للكنيسة الإنجيليّة اللّوثريّة في الأردن والأراضي المقدّسة، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، عن الظّروف الأليمة الّتي تتعرّض لها الأراضي المقدّسة منذ أعوام وعقود عدّة وصولًا إلى الأحداث الأخيرة. وأسف سيادته إزاء تطوّر الظّروف في غزّة بعيدًا عن الإضاءة على الحقيقة والعدالة، مطالبًا بالصّلاة والعمل من أجل العدالة.
أمّا د. حسن جوني، أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللّبنانيّة، وخبير بالشّؤون الدوليّة فاستنكر أيضًا ما تعرّضت له غزّة وما زالت تتعرّض له من انتهاكات وجرائم بحسب ما وصف، مدينًا كذلك الحقد في قلوب الظّالمين. هذا وقال أنّ النضال والسّعي إلى العدالة يؤدّي إلى الإنتصار.
إلى ذلك، تكلّم د. رمزي عودة، أمين عام الحملة الأكاديميّة الدوليّة لمناهضة الإحتلال، عن دور الأكاديميّين الفلسطينيّين والعرب والدوليّين أمام الأحداث الّتي تدور في فلسطين. كما قال أنّ قصف مستشفى المعمداني يذكّره بمذبحة دير ياسين، مضيفًا أنّ القضيّة الفلسطينيّة أصبحت قضيّة إنسانيّة.
هذا وتحدّث د. مكرم خوري مخول، أستاذ الإعلام السّياسي في جامعة كامبردج، عن الأحداث في غزّة من ناحية العلاقات العامة، الشّؤون العامة، والنضال القضائيّ. إضافةً إلى ذلك، قدّم أمثلة حول ما تكلّم عنه مضيئًا على إطار التفاغل مع هذه الأحداث.
كما قدّم د. رودولف القارح، أستاذ متقاعد في علم الإجتماع والسياسة، ومستشار سابق في البرلمان الأوروبّي، مداخلة قال فيها أنّ ما شهدناه سابقًا في فلسطين هو تحوّل تاريخيّ، أمّا ما حصل أخيرًا هو تحوّل في التحوّل. وأضاف أنّ المطلوب يكمن في أن نضع كلّ قدراتنا لبناء المستقبل وبالتّالي مستقبل فلسطين.
في الختام، كانت كلمة أخيرة للأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس حيث قدّم خلاصات عن الواقع في فلسطين مشيرًا إلى الخطط المستقبليّة الّتي يدرسها مجلس كنائس الشرق الأوسط لا سيّما في ما يخصّ "مشروع الكرامة الإنسانيّة" - "الحوار والتماسك الإجتماعيّ - إعادة تأهيل رأس المال الإجتماعيّ"، الّذي يعمل المجلس على تنفيذه تباعًا.