إجتماعات تمهيديّة تسبق انطلاق الجمعيّة العامة الـ11 لمجلس الكنائس العالميّ في ألمانيا
نحو ترسيخ الروح المسكونيّة في عالم أكثر عدالة وسلامًا
من كلّ أقاصي الأرض، تجتمع العائلة المسكونيّة العالميّة، بما فيها الشرق أوسطيّة، في كارسلوه في ألمانيا، حيث تنعقد الجمعيّة العامة الـ11 لمجلس الكنائس العالميّ بين 31 آب/ أغسطس و8 أيلول/ سبتمبر 2022، تحت شعار "محبّة المسيح تدفع العالم إلى المصالحة والوحدة". شعار يؤكّد على إيماننا بأنّ محبّة المسيح تحملنا بقوّة الروح القدس إلى عالم أكثر حياة وأمانًا. محبّة المسيح الرحيم والمصلوب والقائم من بين الأموات، تتجسّد في قلب هذا العالم متنصرة على الأهواء والخطيئة وكلّ المصاعب.
في الواقع، تنعقد الجمعيّة العامة الـ11 لمجلس الكنائس العالميّ، في وقت عصيب يمرّ به كلّ العالم جرّاء أزمات حادّة صحيّة واجتماعيّة واقتصاديّة وأمنيّة... لكن حدث يحمل محبّة المسيح اللّامتناهية، ليكون دعوة لكلّ الكنائس للعمل معًا باستمرار وعزيمة مع سائر الديانات وأصحاب النوايا الحسنة من أجل تحقيق السّلام والمصالحة العادلين. إنّها دعوة لوحدة الكنيسة كي تصبح علامة نبويّة وشاهدة أساسيّة لمصالحة هذا العالم مع اللّه، ووحدة البشريّة وكلّ الخليقة.
قبيل انطلاق أعمال الجمعيّة العامة، انعقدت سلسلة من أربعة اجتماعات تمهيديّة تُعرف بـ Pre-Assemblies، شارك في كلّ منها مئات الأشخاص من حول العالم، بهدف مناقشة وتبادل أفكارهم وتحدّياتهم وتطلّعاتهم في أربعة مواضيع رئيسة تتعلّق بالسكّان الأصليّين في العالم، الشّباب المسكونيّ، أصحاب الإحتياجات الخاصّة في العالم المسكونيّ، وبالعمل من أجل مجتمع أكثر عدالة بين الجنسين.
ستُبحث هذه المواضيع في جلسات الجمعيّة العامة إلى جانب مسائل وقضايا أخرى مسيحيّة، مسكونيّة وإنسانيّة، لتنتهي الجمعيّة بتحديد خلاصات وتوصيات للعمل معًا وبطريقة عمليّة في سبيل الوصول إلى عالم أكثر عدالة وأمانًا وسلامًا.
الإجتماعات التمهيديّة للسكّان الأصليّين في العالم
Indigenous Peoples Pre-Assembly
انعقدت الإجتماعات التمهيديّة للسكّان الأصليّين في العالم بين 28 و30 آب/ أغسطس 2022، لتكون تجمّعًا يهدف إلى البحث في مصير ومستقبل الشّعوب الأصليّة، ووقتًا للحلم معًا برؤية مستمرّة لسماء وأرض جديدتين. أيضًا تشكّل هذه الإجتماعات دعوة للإنضمام إلى مجلس الكنائس العالميّ في الإلتزام للعمل برحمة ورأفة نحو تحقيق العدالة، تأكيدًا على وحدتنا في المسيح الّتي تدفعنا إلى استعادة الكمال مع كلّ الخليقة، وبالتّالي تعزيز العلاقات المتناغمة بين الجميع دون العودة إلى الماضي ومشاكل الحاضر.
حملت هذه الإجتماعات موضوع "المصالحة: استعادة الكمال في الخليقة"، حيث شارك فيها وبقيادة أبناء من الشّعب السامي، 97 مندوبًا من السكّان الأصليّين، متّخذين أربعة شعارات وهي عناصر الأرض والماء والنار والهواء، ومرتكزين على نصوص إنجيليّة عدّة وصلوات مختلفة.
خلال هذه الإجتماعات، ناقش المشاركون مواضيع تمحورت حول سُبل التفاعل مع السكّان الأصليّين لا سيّما في أوروبّا وكيفيّة الإستفادة من الدروس المستفادة من زيارات الحجّ الّتي أُقيمت لديهم، خصوصًا وأنّ مجتمعات السكّان الأصليّين تتعرّض إلى الكثير من الصّراعات والتحدّيات الّتي تتهدّد ثقافتهم. كذلك تخلّلت الإجتماعات إضاءة الشّموع كرمز ليتذكّروا أوطانهم الأصليّة، وجلسات تفاعليّة مع أعضاء لجنة الجمعيّة العامة ومندوبي الإجتماعات التمهيديّة... أمّا التوصيات الصّادرة عن هذه الإجتماعات التمهيديّة للسكّان الأصليّين فستُنقل إلى الجمعيّة العامة لتحدّد إطار العمل المستقبليّ لمجلس الكنائس العالميّ في هذا السّياق.
الصور: ألبين هيلرت/ مجلس الكنائس العالميّ
لقاء الشّبيبة المسكونيّ
Ecumenical Youth Gathering
انعقد لقاء الشّبيبة المسكونيّ بين 27 و30 آب/ أغسطس 2022 في كنيسة القدّيس ستيفن في كارسلو تحت شعار "محبّة المسيح تصالح وتعيد الشّباب إلى الكنيسة والمجتمع"، بهدف بناء الجسور بين الشّباب حول العالم وتعزيز التضامن في ما بينهم.
شارك في اللّقاء أكثر من 200 شاب وشابة تشاوروا وتبادلوا أفكارهم واقتراحاتهم وتحدّياتهم بهدف وضع استراتيجيّة مشتركة سُتقدّم للبحث في الجمعيّة العامة. يأتي لقاء الشّبيبة إذًا ليؤكّد على ضرورة الإستماع إلى أصوات الشّباب وعلى أهميّة وجهات نظرهم في عمل الحركة المسكونيّة. هذا واكتشف الشّباب في اللّقاء نقاط قوّتهم كنماذج يُحتذى بها للشّباب المسيحيّ الطموح وكقادة مسكونيّين متفانين اليوم وفي المستقبل. تخلّل اللّقاء جلسات للصّلاة والرقص والغناء تمجيدًا للخالق...
خلال الصّلاة الإفتتاحيّة، أعرب جوسي لوما، 25 عامًا، وهو قسّ جديد من فنلندا، عن مدى حماسه منتظرًا هذا اللّقاء. قال "كأتباع ليسوع المسيح من مختلف الحضارات والثقافات والبلاد، نحتفل معًا بهذا التنوّع الخاصّ الّذي يجمعنا". وأضاف "كجسد حيّ، كلّ واحد منّا له دور أساسيّ".
كما رحّبت منسّقة اللّجنة المركزيّة لمجلس الكنائس العالميّ د. أغنيس أبووم عبر الفيديو بالشّباب المشاركين معبّرة عن سعادتها بهذا اللّقاء. وقالت لهم "تقومون هنا بأدوار متنوّعة وحيويّة بشكل كبير. أنتم الأمل في عالم يسود فيه الإضطراب لا سيّما في السّياق المسكونيّ. هذا اللّقاء يسعى إلى معالجة المشاكل الّتي تتهدّد هذا العالم".
من جهّتها أعربت أيضًا نائبة رئيس مجلس الكنائس العالميّ الأسقف ماري آن سوينسون عبر الفيديوعن سعادتها باللّقاء ومشاركة الشّباب. وقالت: "نحن متحمسّون كثيرًا بالنّسبة إلى هذا اللّقاء. أعرف العديد من الشّباب الّذين عملوا مع مجلس الكنائس العالميّ منذ عمر صغير وما زالو في كلّ حياتهم منخرطين في الحركة المسكونيّة حيث ساهموا معنا في العمل معًا".
وبعد الصّلاة الإفتتاحيّة، رحّب الأمين العام بالنيابة لمجلس الكنائس العالميّ الأب الدكتور يوان سوكا بالمشاركين وأشار إلى أنّه يستمدّ "الشّجاعة من وجوهكم الشّابة. أراكم مشاركين في اللّجنة المركزيّة التالية لمجلس الكنائس العالميّ وأيضًا ربّما موظّفين في المجلس. المستقبل لكم".
وفي رسالة فيديو أخرى، قالت مبعوثة الأمين العام للأمم المتّحدة للشّباب جاياثما ويكراماناياكي أنّ الشّباب يقومون بدور محوريّ في بناء الجسور بين المؤسّسات الدينيّة وكلّ المجتمع...
الصور: ألبين هيلرت/ مجلس الكنائس العالميّ
الإجتماعات التمهيديّة لأصحاب الإحتياجات الخاصّة في العالم المسكونيّ
Ecumenical Disability Advocates Network Pre-Assembly
انطلقت الإجتماعات التمهيديّة لأصحاب الإحتياجات الخاصّة في العالم المسكونيّ في 29 آب/ أغسطس واستمرّت حتّى 30 آب/ أغسطس 2022، كفرصة جديدة تتيح لهؤلاء الأشخاص الإنضمام إلى الشّبكة المسكونيّة في رحلة حجّ في سبيل العدالة والسّلام، رحلة تبدأ مع الجمعيّة العامة الـ11 لمجلس الكنائس العالميّ.
أكّدت الإجتماعات هذه أنّه لا يجب استبعاد أصحاب الإحتياجات الخاصّة من هذه الفرصة المسكونيّة، حيث تبادل خلالها المشاركون انطباعاتهم وآرائهم حول موضوع الجمعيّة العامة "محبّة المسيح تدفع العالم إلى المصالحة والوحدة"، إضافةً إلى توقّعاتهم من هذا الحدث المسكونيّ. كما اكتشفوا معًا التحوّل الإيجابيّ في حياتهم عبر مشاركتهم هذه ومن خلال مناقشتهم لخطوات عمليّة قد تسهم في تعزيز النموّ المستقبليّ للشّبكة المسكونيّة لأصحاب الإحتياجات الخاصّة.
رحّبت القسّيسة كالي باريش لوكاس من الكنيسة التجمعيّة الأولى في روك سبرينغز في الولايات المتّحدة الأميركيّة، بالمجتمعين وعبّرت عن سعادتها بانضمام "أعضاء جدد إلى الحركة المسكونيّة، ما يعني جهود إضافيّة لمواصلة العمل معًا".
كانت الأصداء الصّادرة عن هذه الإجتماعات التمهيديّة لأصحاب الإحتياجات الخاصّة إيجابية ومُفعمة بالأمل حيث أعرب المشاركون عن سعادتهم بانضمامهم إلى الحركة المسكونيّة مؤكّدين على استثمار مواهبهم في سبيل ترسيخ الروح المسكونيّة. كما أشاروا إلى أنّ التجربة الجديدة هذه ممتعة جدًّا وستسهم في التواصل الفعّال مع أشخاص من أصحاب الإحتياجات الخاصّة من مختلف الكنائس.
الصورتان: ألبين هيلرت/ مجلس الكنائس العالميّ
الإجتماعات التمهيديّة الخاصّة بالعمل من أجل مجتمع أكثر عدالة بين الجنسين
Just Community of Women and Men Pre-Assembly
هدفت هذه الإجتماعات الّتي انعقدت بين 29 و30 آب/ أغسطس 2022 إلى البحث في كيفيّة السّعي لتحقيق المصالحة والوحدة بين جميع أبناء الله عبر العمل المتواصل في الحركة المسكونيّة. ناقش المجتمعون خلالها دعوة الإيمان إلى المساواة بين الجنسين وسُبل تعزيز التزامنا في سبيل مواجهة العنف الجنسيّ والعنف القائم على النوع الإجتماعيّ. تخلّل الإجتماعات هذه معرض ضمّ 181 لوحة من تصميم سيّدات من كلّ أنحاء العالم عبّرن فيها ومن خلال إبداعهنّ عن أملهنّ بعالم خال من العنف.
خلال هذه الإجتماعات الّتي ارتكزت على رؤية مسيحيّة لمجتمع عادل بين المرأة والرجل، قدّم المشاركون وجهات نظرهم الجغرافيّة والكنسيّة في موضوع العدالة بين الجنسين. كما ناقشوا المبادرات الّتي أُقيمت سابقًا في هذا الإطار، التحدّيات الراهنة وسُبل القضاء على العنف والظّلم... في الواقع، تأتي هذه النقاشات في وقت تعاني المجتمعات من عدم مساواة بين الجنسين وعلى مختلف الصّعد أكانت في المناصب القياديّة أو في الكنائس والمؤسّسات العامة والإعلام... من دون أن ننسى ظاهرة التمييز والعنف الّتي تفتك في المجتمعات.
أمّا المندوبين المستمعين في هذه الإجتماعات فسيقومون بإعداد تقرير يضمّ الهواجس والمخاوف الّتي تمّ الحديث عنها، كي تُنقل في توصيات من قبل المشاركين إلى الجمعيّة العامة، بغية دعوة الكنائس ومساعدتها في مواجهة الألم الناجم عن التحيّز الجنسيّ والعنصريّة، وتحفيزها على العمل من أجل القضاء على هذه الظواهر المريبة.
في الحقيقة، تمّ تحديد هذه المواضيع وغيرها من المسائل والقضايا كي يتمّ مناقشتها في جدول أعمال الجمعيّة العامة الـ11 لمجلس الكنائس العالميّ، في خضمّ عالم جريح يعاني من أزمات جمّة جرّاء عوامل عدّة كان آخرها تداعيات جائحة كورونا، الطوارئ المناخيّة الراهنة، تفاقم مظاهر العنصريّة وعدم المساواة الإقتصاديّة، التمييز بين الجنسين، وازدياد نسبة الظّلم في مجتمعاتنا وعالمنا... من هنا تأتي الجمعيّة العامة كبصيص أمل وسط كلّ ما يعيشه سكّان العالم من مصاعب تأكيدًا على المسؤوليّة المشتركة تجاه الأجيال المقبلة.