الشرق الأوسط ينزف أمام مستقبل مجهول
آذار/ مارس 2022: شهر التقلّبات والتطوّرات العالميّة
ما أن دقّت طبول الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتصاعدت العمليّات العسكريّة الروسيّة على العاصمة كييف، حتى اتجهت أنظار العالم نحو الواقع الإنسانيّ الصّعب شرقي أوروبا. بدورها منطقة الشرق الأوسط أطلقت ناقوس الخطر نتيجة تداعيات هذه الحرب الّتي أرخت بظلالها على غالبية دول المنطقة التي ترزح أصلًا ومنذ أعوام تحت وطأة الحروب والصّراعات والإنهيارات الإقتصاديّة والإجتماعيّة.
الحرب الدائرة في أوكرانيا فاقمت إذًا الأوضاع الإنسانيّة خصوصًا أنّ النظام الإقتصاديّ العالمي مترابط. أمّا الأمن الغذائيّ فحدّث ولا حرج! فمعظم دول المنطقة باتت تتخبّط لإيجاد حلول لمعضلة جديدة تجلّت في مواجهة نقص الموادّ الغذائيّة لا سيّما القمح المستورد من أوكرانيا.
على وقع كلّ هذه الأحداث حمل شهر آذار/ مارس 2022 تطوّرات وتقلّبات سياسيّة وأمنيّة واقتصاديّة واجتماعيّة طالت الشرق الأوسط برمته، فالأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة باتت من سيّء إلى أسوأ: معطيات التقرير التالي توضح الصّورة وتسلّط الضوء على الواقع المرير الّذي يعيشه المشرقيّون.
مصر في استعداد دائم لمواجهة التحدّيات الجديدة
مع بداية العمليّات العسكريّة الروسيّة في أوكرانيا عَلِق العديد من السّياح الأوكران في مصر. ما دفع السّلطات المصريّة إلى اتّخاذ إجراءات عدّة لرعايتهم، وذلك عبر تمديد إقامتهم وتسديد التكاليف الإضافيّة للفنادق التي ينزلون فيها. كما أعلن المتحدّث الرسميّ لرئاسة مجلس الوزراء المصريّ السّفير نادر سعد أنّ مصر تحمّلت تكاليف الرحلات الّتي نُظّمت مع شركتي مصر للطيران وإير كايرو من أجل نقل السّياح الأوكران إلى دول الجوار الأوكرانيّ.
كما كان للحرب على أوكرانيا تداعيات في الداخل المصريّ، وقد أكد وزير البترول المصريّ طارق الملا أنّ اقتصاد بلاده سيتأثّر سلبًا جرّاء ارتفاع أسعار النفط. هذا عدا عن أنّ أسعار البترول تتغيّر بشكل يوميّ أو بالحري على عدد الدقائق. في هذا الإطار أشار الملا إلى أنّ مصر هي من المصدّرين للغاز الطبيعي المسال، لذا تستطيع أن تستغلّ زيادة أسعار الغاز الطبيعي لتطوير صادراتها وبالتّالي التخفيف من التأثير السّلبي لزيادة أسعار النفط.
توازيًا شهدت مصر منذ بداية آذار/ مارس ارتفاعًا في أسعار بعض السّلع الغذائيّة نتيجة لتداعيات الحرب الأوكرانيّة. كما سجّل السّوق المصريّ ارتفاعًا في سعر طنّ القمح بنحو ألف جنيه حيث تراوح بين 6 آلاف إلى 6500 جنيه.
وفي ظلّ مخاوف من أزمة إقتصاديّة خطرة، قرّرت وزارة التجارة والصّناعة المصريّة حظر تصدير الفول الحصى والمدشوش، والعدس، والقمح، والدقيق بكلّ أنواعه، وأيضًا المعكرونة بأنواعها كافّة لمدّة 3 أشهر، وذلك منذ 11 آذار/ مارس. كما منح الرّئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي حافز توريد إضافيّ لسعر إردب القمح المحليّ للموسم الزراعي الحالي بغية تشجيع المزارعين على توريد أكبر كميّة ممكنة منه.
ماليًّا، أفاد وزير الماليّة المصريّ محمد معيط أنّ البرنامج الجديد مع صندوق النقد الدوليّ لا يشمل أي أعباء إضافيّة على المواطنين، فالحكومة المصريّة تعمل على خطط لمواجهة أسوأ السّيناريوهات الّتي قد تحصل بحسب تطوّر الأزمة في أوكرانيا.
من جهّة أخرى، أقرّ مجلس النوّاب المصريّ مشروع قانون يتعلّق بالفحص الطبيّ الشّامل للزوجين قبل زواجهما بهدف حماية الصّحّة العامة للمجتمع والحدّ من ارتفاع نسب الطلاق، وذلك للمحافظة على العائلة المصريّة وصحّتها وتنميتها.
وفي خطوة متقدّمة، نفّذت مصر أوّل مشروع نموذجيّ في الشرق الأوسط لاحتضان وعلاج المصابين بمتلازمة داون، ودمجهم في المجتمع. حمل المشروع إسم سفينة نوح "الفُلك" حيث تمّ اختياره في مدينة طنطا، وبتصميم فنّي يريح الأطفال ويشبه السّفينة.
الأردن يتّخذ إجراءات تراعي المستجدّات
على وقع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، إستقبل الأردن في بداية آذار/ مارس وفودًا من الأردنيّين المقيمين في أوكرانيا حيث غادروا ساحات الحرب عبر المعابر الحدوديّة متّجهين إلى بلادهم في رحلة شاقّة، بحسب ما أفادت الخارجيّة الأردنيّة. كما عملت السّلطات الأردنيّة على إجلاء رعاياها الذين انتقلوا من أوكرانيا إلى بولندا بطائرات تابعة لسلاح الجوّ الملكيّ الأردنيّ، وذلك بعد التنسيق الحثيث بين وزارة الخارجيّة والجهات والمؤسّسات الأردنيّة المعنيّة والسّفارة الأردنية في برلين (المُعتمدة لدى بولندا) ومندوبي الوزارة.
هذا وقد سجّلت أسعار الزيوت النباتيّة في الأسواق الأردنيّة ارتفاعًا إضافيًّا ناهز 70% ما أدّى إلى زيادة حال الرّكود في الأسواق وبالتّالي التأثير سلبًا على ميزانيّة المستهلكين. هذا إضافةً إلى ارتفاع في أسعار بعض البقوليّات.
في المقابل، أشار رئيس الوزراء الأردنيّ بشر الخصاونة إلى أنّ حكومته تتدخّل بسلطة القانون للحدّ من ارتفاع الأسعار ومواجهة الإحتكار، والعمل على تأمين السّلع بأسعار عادلة. وعلى الرّغم من ارتفاع أسعار القمح عالميًّا، أعلنت الحكومة الأردنيّة أنّها لن ترفع أسعار الخبز، حيث أفاد وزير الصّناعة والتجارة الأردنيّ أنّ المملكة لديها احتياطي من مادّة القمح يكفي لأشهر عدّة.
صحّيًّا، رفعت الحكومة الأردنيّة في أواخر آذار/ مارس معظم القيود المفروضة في مواجهة جائحة كورونا، وذلك عقب انخفاض في أعداد الإصابات وتحسّن الوضع الوبائيّ حيث جاء هذا القرار بهدف تحقيق التوازن بين المتطلّبات الصّحيّة والإعتبارات الإقتصاديّة والإجتماعيّة وفق الخصاونة. أمّا الآن فتسمح الحكومة الأردنيّة بالتواجد في الأماكن المفتوحة دون اشتراط ارتداء الكمامة. كما تسمح أيضًا للمطاعم والصّالات والمنشآت بالعمل واستقبال الزّوار بكامل طاقتها الإستيعابيّة. إضافةً إلى إقامة التجمّعات الداخليّة والخارجيّة، وكذلك الصّلوات في دور العبادة دون التقيّد بمسافات التباعد مع الإلتزام بارتداء الكمامة...
على خطّ آخر، تمّت في شهر آذار/ مارس انتخابات أعضاء المجالس البلديّة والمحليّة وأمانة عمان... حيث اختار النّاخبون أعضاء بإمكانهم تقديم الخدمات للمواطنين.
العراق بين التقلّبات السياسيّة وتداعيات الحرب الأوكرانيّة
أفاق العراقيّون في بداية آذار/ مارس على خبر أمنيّ خطر تجسّد في قصف صاروخيّ شنّته الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة على مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، ما دفع السّلطات إلى تشكيل لجنتي تحقيق، حكوميّة وبرلمانيّة، للتحقيق في القصف. أمّا رئاسيًّا فتفاقمت الأزمة السياسيّة في البلاد بعد فشل المباحثات وإخفاق الكتل النيابيّة في انتخاب رئيس للجمهوريّة.
من جهّة أخرى وبعد اندلاع الحرب الروسيّة – الأوكرانيّة، أفاد المتحدّث بإسم وزارة الخارجيّة العراقيّة أحمد الصحاف عن وجود 5537 عراقيًّا يقيمون في أوكرانيا بينهم 450 طالبًا في 37 جامعة. منهم من تمكّن من العودة إلى بلاده بعد صعوبات كثيرة ومنهم من توجّه إلى القارة الأوروبيّة. وكانت الوزارة الخارجيّة العراقيّة قد أعلنت أنّها ستصدر جوازات سفر للعراقيّين الّذين فقدوا جوازات سفرهم.
في سياق متّصل، حذّر مراقبون من أن تؤدّي البطالة إلى دفع الشّباب العراقيّ إلى التطوّع في الحرب الأوكرانيّة، خصوصًا بعدما فتحت كييف باب التطوّع للأجانب من أجل المشاركة في القتال بأوكرانيا. إلّا أنّ المتحدّث الرسمي بإسم وزارة الخارجيّة العراقيّة د. أحمد الصحاف شدّد على أنّ العراق بلد فيه حكومة سيادة وقانون، ويرفض زجّ الشّباب العراقيّ في حروب خارجيّة. كما كان قد لفت إلى أنّه يقف في جانب متوازن ومعتدل من قضيّة الحرب الروسيّة في أوكرانيا، مشيرًا إلى أنّ بغداد تدعو إلى الحوار لحلّ الأزمة بين البلدين.
أمّا على صعيد التداعيات الإقتصاديّة للحرب الأوكرانيّة فسجّلت الأسواق العراقيّة ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الموادّ الغذائيّة حيث ازداد سعر ليتر الزيت إلى أكثر من 4 آلاف دينار عراقيّ، وسعر كيس الطحين الـ50 كيلوغرامًا 50 ألف دينار عراقيّ، ما أدّى إلى غضب في الشّارع العراقيّ.
وبعد توجيه من رئيس الوزراء العراقيّ مصطفى الكاظمي عمدت الأجهزة الأمنيّة إلى متابعة موجة ارتفاع الأسعار ومحاسبة المتلاعبين والمقصّرين داخل الأسواق المحليّة. في هذا الإطار، أقرّت الحكومة العراقيّة مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى الحدّ من الأزمة الإقتصاديّة كدعم رواتب المتقاعدين والموظّفين الّذين يتقاضون راتب 500 ألف دينار أو أقلّ شهريًّا بـ 100 ألف دينار لمرّة واحدة. وكذلك تصفير الرسم الجمركيّ على البضائع الأساسيّة من موادّ غذائيّة وموادّ بناء وموادّ استهلاكيّة ضروريّة لمدّة شهرين...
على مقلب آخر، نُظّم المؤتمر الدوليّ الثّاني للمياه في بغداد تحت شعار "المياه والتغيّرات المناخيّة"، برعاية رئيس الحكومة العراقيّة مصطفى الكاظمي ومشاركة دول عربيّة وأجنبيّة. وفي كلمة له ألقاها نيابة عنه وزير التخطيط خالد البتال، أشار الكاظمي إلى أنّ "العراق أكثر البلدان تعرّضًا لتأثير التغيّر المناخيّ"، لافتًا إلى أنّ "تحسين إدارة الموارد المائيّة وتقاسمها بشكل منصف يحقّق أهداف التنمية المستدامة". لذا "يجب التأكيد على التنسيق بين الدول المتشاطئة لإدارة الأزمات وتقاسم الضرر".
لبنان في قلب المأساة الإجتماعيّة
فيما لبنان يستعدّ لخوض الإنتخابات النيابيّة في أيّار/ مايو المقبل وسط تفاقم الأزمات القضائيّة والإقتصاديّة والمصرفيّة والإجتماعيّة...، عملت السّلطات بالتنسيق مع الجهات المعنيّة على إجلاء اللّبنانيّين العالقين في أوكرانيا عبر المعابر الحدوديّة وذلك من خلال طائرات خاصّة كانت قد نقلتهم إلى برّ الأمان. علمًا أنّ أكثر من 4 آلاف لبنانيّ يقيمون في أوكرانيا من بينهم أكثر من ألف طالب، بحسب رئيس الجمعيّة اللّبنانيّة لأولياء الطلّاب في الجامعات الأجنبيّة ربيع كنج.
أمّا معيشيًّا فمخاوف اللّبنانيّين من مستقبلهم المجهول في ازدياد مستمرّ:
أنوار المنازل بدأت تنطفئ شيئًا فشيئًا بسبب التقنين القاسي إثر قرار بعض أصحاب مولّدات الكهرباء بخفض ساعات التغذية، نتيجة ارتفاع أسعار المازوت جرّاء تداعيات الحرب الدائرة في أوكرانيا.
أسعار القمح والمواد الأوليّة الصناعيّة والموادّ الغذائيّة أيضًا في ازدياد متواصل لا سيّما وأنّ الحرب الأوكرانيّة أثّرت سلبًا على الأمن الغذائيّ في لبنان خصوصًا وأنّه يستورد نحو 80% من القمح من أوكرانيا، حيث حذّر مسؤولون معنيّون من نفاد مخزون القمح وتوقفت بعض الأفران.
في الوقت نفسه، قرّر لبنان منع تصدير لائحة طويلة من السلع الغذائيّة المصنّعة وطنيًّا، وذلك للحدّ من تداعيات العمليّات العسكريّة في أوكرانيا. كذلك تسعى الحكومة اللّبنانيّة إلى مواجهة غلاء الأسعار ومنع الإحتكار، من خلال لجنة من وزراء الصّناعة والزراعة والماليّة والدفاع والثّقافة. من دون أن ننسى ارتفاع أسعار الأعلاف الحيوانيّة، ما انعكس سلبًا على أسعار اللّحوم والدواجن ومشتقّات الحليب.
تربويًّا لم ينجو القطاع التعليميّ من تداعيات الأزمات الإقتصاديّة، فالأهل باتوا عاجزين عن تسديد الأقساط المدرسيّة الباهظة، والمدارس تعاني بدورها من معضلة في توفير المتطلّبات الأساسيّة للتعليم وتأمين رواتب الأساتذة. واقع مرير يتهدّد مصير المدارس حيث أقفلت مدرسة "لويز فيغمان" الخاصّة أبواب فرعها في منطقة بشامون بعد أن خرّجت أجيالًا ونشرتهم في لبنان وكلّ أنحاء العالم.
على خطّ متوازٍ، نفذّت المصارف اللّبنانيّة إضرابًا شاملاً على مدى يومين وذلك احتجاجًا على الإجراءات القضائيّة التي استهدفت القطاع المصرفيّ من خلال تجميد أصول سبعة بنوك ومنع ستة من مسؤوليها التنفيذيين من السّفر.
من جهّة أخرى، عطّل وزير الثّقافة اللّبنانيّ محمد المرتضى قرار الحكومة القاضي بهدم صوامع القمح في مرفأ بيروت والّتي دمّرها انفجار 4 آب/ أغسطس بشكل شبه كامل، معتبرًا أنّ ما تبقّى من هذه الصّوامع يشكّل معلمًا حضاريًّا للأجيال المقبلة. لذا أصدر المرتضى قرارًا قضى بإدخال الصّوامع إلى لائحة الجرد العام للأبنية التاريخيّة، وعدم جواز القيام بأي عمليّة هدم من دون الرجوع إلى وزير الثّقافة.
فلسطين في مواجهة خطر أمنيّ يهدّد كيانها
ما زال الفلسطينيّون يعانون من أعمال العنف الّتي كان الاحتلال قد بدأ بشنّها في مناطق عدّة لتعود القضيّة الفلسطينيّة إلى الواجهة من جديد. من هنا، حذّر رئيس الوزراء دولة فلسطين محمد اشتية من التداعيات الخطرة الناجمة عن تصعيد عمليّات القتل والإعدامات الميدانيّة في الأراضي المحتلّة معتبرًا أنّ قوّات الإحتلال "تستفيد من انشغال العالم بالحرب المستعرة في أوكرانيا" لتزيد من عمليّاتها العسكريّة في فلسطين. كلام اشتية جاء بعد استشهاد الطفل يامن نافز جفال، 16 عامًا، برصاص قوّات الإحتلال الإسرائيلي في القدس.
في هذا الإطار، عقدت القيادة الفلسطينيّة اجتماعًا برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقرّ الرئاسة بمدينة رام الله، حيث تمّ التأكيد على مواصلة الحوار مع منظّمات المجتمع المدنيّ والقطاع الخاصّ الفلسطينيّ باعتبارهم شركاء أصيلين في "معركة التحرير والبناء والإستقلال". كما أكّدت القيادة على دور الجاليات الفلسطينيّة في العالم وأهميّة وحدتها تحت راية فلسطين. هذا ودعت أيضًا كلّ القوى السياسيّة والمنظّمات الشعبيّة إلى تكثيف اتّصالاتها مع الأحزاب والمنظّمات العربيّة والدوليّة بغية حشد الطاقات لدعم الموقف الفلسطينيّ.
إلى ذلك تستمرّ قوّات الإحتلال بتنفيذ حملة اعتقالات عدّة استهدفت 16 مواطنًا فلسطينيًّا من مدن الضفة، بينهم تسعة من محافظة الخليل. كما واقتحم مستوطنون إسرائيليّون ساحات المسجد الأقصى، بحماية قوّات الإحتلال. وكذلك اقتحم جيش الإحتلال بلدة يعبد الفلسطينيّة شمالي الضفّة الغربيّة، وداهم منزل شاب فلسطينيّ. إضافةً إلى تنفيذ عمليّات إطلاق نار شرق مدينة تل أبيب، أدّت إلى مصرع 5 إسرائيليّين وإصابة 6 آخرون. كما اقتحم مستوطنون متطرّفون فندق "البتراء" الّذي تملكه الكنيسة الأرثوذكسيّة اليونانيّة، وصادروا جزءًا منه بوجود شرطة الإحتلال. على الإثر احتجّ رجال دين مسيحيّون وشخصيّات فلسطينيّة ودبلوماسيّون على أعمال العنف هذه.
في سياق متّصل، أطلقت الجمعيّة العربيّة لحماية الطبيعة في الأردن حملة "إزرع صمودك" بموسمها الرّابع في الأردن بالتعاون مع إذاعة "حُسنى" المحليّة، بهدف جمع التبرّعات وتقديمها عبر مشاريع زراعيّة أبرزها استصلاح الأراضي وزراعة الأشجار المثمرة للفلسطينيّين في المناطق المهدّدة بالمصادرة والإستيطان كالضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.
أمّا على صعيد التداعيات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا فيعاني الغزّيون من موجة ارتفاع كبير في أسعار السّلع والبضائع والموادّ الأساسيّة كالطحين والأرزّ والسكّر والزيت، رزحت تحت وطأتها الفئات الهشّة والعائلات الأكثر فقرًا. وفي هذا الإطار، تواجه أيضًا مشاريع البناء والإنشاءات خطر التوقّف الإجباريّ بسبب الإرتفاع الكبير في أسعار موادّ البناء، ما يؤثّر سلبًا على عمليّة إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإسرائيليّة الأخيرة في قطاع غزة.
سوريا أمام كارثة إنسانيّة كبيرة
مع اندلاع الحرب الروسيّة الأوكرانيّة ازدادت حدّة الأزمات الماليّة والمعيشيّة الخانقة في سوريا، وذلك على وقع تحذيرات من مواجهة نقص حادّ في مخزون القمح ومشتقّات الزيوت وارتفاع أسعار الموادّ الغذائيّة.
إلّا أنّ أزمة القمح والخبز في البلاد قد تفاقمت بشكل كبير حيث ارتفعت أسعارها مرّتين خلال ثلاثة أيّام. وفي 25 آذار/ مارس سجّلت الأسواق السوريّة بيع ربطة الخبز بـ4500 ليرة سوريّة في العاصمة دمشق، حيث توقّع الإقتصاديّون تضاعف أسعار الخبز بشكل أكبر خصوصًا وأنّ دمشق تستورد القمح والشّعير من موسكو، ما سيدفعها إلى استيراد حاجاتها من المادتين بأسعار عالميّة.
هذا وتعاني الأسواق السوريّة من شحّ في الموادّ الغذائيّة وارتفاع في أسعارها مع غياب للرقابة وجشع التجّار. إضافةً إلى شحّ في مادة الغاز وظهور طوابير الإزدحام على مراكز بيع جرار الغاز الّتي ارتفعت أيضًا أسعارها.
صحيًّا، ارتفعت أسعار الدواء في سوريا بنسب تتراوح بين 30% و40% للعديد من الأصناف الدوائيّة، حيث تنشط ظاهرة بيع الدواء بالسّوق السّوداء بأسعار مضاعفة. هذا إضافةً إلى إنخفاض سعر صرف اللّيرة مقابل العملات الأجنبيّة وانقطاع مئات الأصناف الدوائيّة من الصيدليّات.
أمّا إنسانيًّا، فأشارت لجنة الإنقاذ الدوليّة في بيان إلى أنّ "الإحتياجات الإنسانيّة للسّوريّين تستمرّ في بلوغ مستويات قياسية بعد 11 عامًا من النزاع، حيث يتفاقم الصّراع والنزوح على مدى أكثر من عقد من الزمن بسبب تأثير فيروس كورونا والجفاف، إضافة إلى الإقتصاد المنهار حاليًّا، ممّا يجعل الملايين من السّوريّين الضعفاء يكافحون من أجل البقاء".
وأضافت أنّ "في كلّ أنحاء البلد الّذي مزّقته الحرب، يواجه أكثر من 60% من السكان السوريّين -12 مليون شخص- الجوع ويتساءلون عن كيفيّة توفير الطعام لأسرهم... ووفقًا لمكتب الأمم المتّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة (الأوتشا)، فإنّ متوسّط إنفاق الأسرة في سوريا يتجاوز الآن الدخل المتاح بنسبة تصل إلى 50%". من هنا، دعت لجنة الإنقاذ الدوليّة المجتمع الدوليّ إلى تقديم التمويل الكافي لخطّة الإستجابة الإنسانيّة المقبلة والّتي ستستمرّ لمدة سنتين.
من جهّة أخرى، أفادت وكالة الأنباء السّوريّة سانا أنّ 13 جنديًّا من الجيش قُتلوا، و18 آخرين أصيبوا في "هجوم إرهابيّ" على حافلتهم في بادية تدمر. كما أشارت وسائل الإعلام السّوريّة نقلًا عن مصدر عسكريّ إلى أنّ هجومًا إسرائيليًّا استهدف محيط العاصمة السوريّة دمشق حيث أسفر عن مقتل مدنيّين، إضافةً إلى أضرار ماديّة.
أحوال اللّاجئين في مشرق جريح
صحيح أنّ العالم منشغل بتطوّرات لجوء الأوكرانيّين إلى مختلف دول العالم نتيجة للعمليّات العسكريّة الّتي تدور في أوكرانيا، الّا أنّ الشرق الأوسط يعاني أيضًا من أزمة اللّجوء في مختلف دوله. لذا تعمل الجهات والمنظّمات العالميّة اليوم بكلّ طاقاتها لتوزيع المساعدات بشكل عادل على الدول المضيفة للّاجئين.
مصر: جهود متواصلة لدعم اللّاجئين
نبدأ جولتنا على حال اللّاجئين مع مصر حيث نظّمت مفوضيّة الأمم المتّحدة لشؤون اللّاجئين مع وزارة الخارجيّة المصريّة طاولة مستديرة مشتركة بين 13 و14 آذار/ مارس 2022 بهدف دعم صياغة قانون اللّجوء في مصر. وفي هذا الإطار ألقت الوزيرة المفوّضة السيّدة نيفين الحسيني، نائبة مساعد وزير الخارجيّة لشؤون اللّاجئين والهجرة ومكافحة الإتجار بالبشر بوزارة الخارجيّة المصريّة كلمة إفتتاحيّة شدّدت فيها على الدور الّذي تقوم به مصر في استضافة اللّاجئين وتقديم الخدمات خصوصًا في مجالات الصحّة والتعليم، مضيئة على أهميّة التعاون بين المفوضيّة والوزارة.
الجدير ذكره أنّ الطاولة المستديرة هذه تأتي كاستمرار لسلسلة من أنشطة تنمية القدرات المشتركة الّتي تُنفّذ بالتعاون المشترك بين مفوضيّة اللّاجئين والحكومة المصريّة.
هذا وقد أعلنت المفوضيّة الأوروبيّة في وقت سابق عن تقديم 5 ملايين يورو في مصر لمساعدة اللّاجئين وطالبي اللّجوء الأكثر ضعفًا الّذين يعيشون في أحياء فقيرة في المدينة. من هنا سيتيح هذا التمويل بالوصول الآمن والمستدام إلى التعليم وخدمات الحماية والإحتياجات الأساسيّة.
الأردن: واقع اللّاجئين مهدّد بالخطر
أمّا في الأردن فلفتت بيانات جديدة صادرة عن المفوضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللّاجئين في تقرير نُشر في 30 آذار/ مارس إلى الصّمود الملحوظ للّاجئين على الرّغم من تداعيات جائحة كورونا. لكن ما زال واقع معظم اللاجئين مهدّد بالوقوع في الفقر المدقع، حيث يعيش 64% من اللّاجئين على أقلّ من 3 دينار أردنيّ في اليوم. علمًا أنّ 90٪ من عائلات اللّاجئين تشير إلى أنّها تستخدم استراتيجيّة واحدة على الأقلّ لمواجهة الواقع المأساويّ مثل الحدّ من تناول الطعام أو شراء السلع المنزليّة عبر الدين الآجل، في سبيل الإستمرار في حياتهم اليوميّة.
توازيًا، تعاونت المفوضيّة السّامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين في الأردن مع فريق البنك الدولي المعني بالفقر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أجل تحديد الفقر للمرّة الأولى بين اللّاجئين في الأردن. في هذا الإطار، تشير البيانات إلى أنّ ثلاثة أرباع اللّاجئين معرّضين للفقر مع غياب المساعدة، وذلك انطلاقًا من خطّ الفقر الدوليّ البالغ 5.5 دولار أي ما يعادل حوالي 3 دنانير في اليوم.
وتجدر الإشارة إلى أنّ 760 ألف لاجئ مسجّلون لدى المفوضيّة السّامية للأمم المتّحدة لشؤون اللّاجئين في الأردن، حيث يعيش 17% فقط منهم في مخيّمات اللّاجئين، بينما يعيش معظمهم في بلدات ومدن في كلّ أنحاء المملكة الأردنيّة.
العراق: مساع دوليّة لرعاية اللّاجئين
في العراق جدّدت المفوضيّة العليا لشؤون اللّاجئين في الأمم المتّحدة، وبرنامج الأغذية العالميّ، واليونيسف، وصندوق الأمم المتّحدة للسكّان، الإلتزام الكامل بدعم اللّاجئين والمجتمعات المضيفة لهم في العراق حيث حثّت المجتمع الدوليّ على القيام بمثل تلك الخطوة. وقالت "بتجديدنا لالتزاماتنا، نتعهّد بالإستمرار بدعم اللّاجئين في العراق للوصول بهم إلى مستقبل مشرق وحياة كريمة عبر توفير التعليم وفرص العمل والرعاية الطبيّة". علمًا أنّه لا يزال حوالي ربع مليون لاجئ وطالب لجوء من السوريّين يعيشون في العراق وسط ظروف معيشيّة صعبة منذ اندلاع الأزمة الإنسانيّة في سوريا.
وفي سياق متصل، أفادت 60% من عائلات اللّاجئين في العراق بأنّها خفّفت من المقادير الإجماليّة لاستهلاك الغذاء، حيث باتت تعتمد على الديون وكذلك على المساعدات الإنسانيّة النقديّة. كما تناقصت فرص الرعاية الصحيّة الأوليّة خصوصًا الرعاية الإنجابيّة للنساء والفتيات مع تزايد خطر انعدام الأمن الغذائي. إضافةً إلى خطر حرمان الأطفال من التعليم بنوعيّة جيّدة.
على هذا النحو، بحث الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مع وزير خارجيّة لوكسمبورغ جان أسيلبورن، في سُبل تعزيز التعاون بين البلدين وأوضاع اللّاجئين العراقيّين في أوروبا، وذلك في لقاءين منفصلين بالعاصمة بغداد.
لبنان: حال اللّاجئين من سوء إلى أسوأ
أمّا في لبنان، فتساعد المفوضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللّاجئين كلّ اللّاجئين السوريّين الّذين يريدون التسجيل في لبنان، وذلك كخطوة تسهم في التخفيف من التحدّيات الّتي يواجهونها للوصول إلى حقوقهم، ومساندتهم أيضًا في الحصول على مختلف المساعدات.
هذا وقد بدأ تنفيذ مشروع "دعم سبل العيش في البقاع وشمال لبنان الّذي يستهدف اللّاجئين السوريّين" بالتعاون بين صندوق قطر للتنمية والمنظّمة الدوليّة للهجرة، ومدّته سنة واحدة، بهدف الوصول إلى 604 من اللّبنانيّين والسّوريّين الأكثر ضعفًا في شمالي لبنان والبقاع الأوسط. يأتي هذا المشروع أيضًا بغية خلق فرص منتجة للدخل، وتعزيز سبل العيش الرياديّة وفرص العمل للمجتمعات المهدّدة بنقص الخدمات البلديّة، لا سيّما الّتي تعيش في أحياء مضطربة في الشمال وعكّار ووادي البقاع.
على صعيد آخر، زارت المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان يوانّا فرونتسكا مخيّم برج البراجنة القريب من العاصمة بيروت حيث اطّلعت على أوضاع اللّاجئين الفلسطينيّين. وقالت "إستمعت إلى الصّعوبات الّتي يواجهونها، لا سيّما تزايد الفقر والبطالة، والوصول إلى السلع الأساسيّة، وارتفاع التكاليف المعيشيّة، والبنية التحتيّة التالفة في المخيّم، وازدياد اليأس عند الشّباب". كما جدّدت فرونتسكا التأكيد على ضرورة التمويل الدوليّ الإضافيّ لنداء الوكالة الطارئ لسنة 2022، من أجل تغطية الـ 85 مليون دولارًا أميركيًّا للإستجابة الإنسانيّة الطارئة في لبنان.
سوريا: تدهور أوضاع النازحين
ظروف النازحين في سوريا ليست أحسن حالًا إذْ حذّرت منظّمة حقوقيّة من تدهور أوضاع النازحين في مخيّم الركبان على الحدود السوريّة الأردنيّة "إلى درجة لم يسبق لها مثيل". لذا أشارت اللّجنة السوريّة لحقوق الإنسان، ومقرّها في لندن، في بيان إلى أنّه "يعاني قاطنو المخيّم من انعدام ماء الشّرب النظيف والدواء وشحّ المواد الغذائيّة الأساسيّة وسط حصار محدق من كلّ الجهات". كما يعاني النازحون السوريّون في مخيّم قسطون بمنطقة سرمدا الجبليّة بريف إدلب الشّمالي من تحدّيات كبيرة جرّاء العاصفة الثلجيّة الّتي حلّت في المنطقة، خصوصًا وأنّ العائلات النازحة لا تملك ثمن حطب التدفئة. لذا يواجه سكّان المخيّم ظروف قاسية مع كلّ منخفض جويّ، لا سيّما وأنّ الخيم تتطاير ويتسرّب الماء إلى داخلها. ومع انخفاض نسبة المساعدات، لفت المسؤول عن المخيّم إلى وصول 3 أكياس فحم فقط للمخيّم المكوّن من 350 عائلة.
في الذّكرى الـ11 على اندلاع الأزمة في سوريا قال الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش "يكافح الملايين من النازحين داخليًّا واللّاجئين من أجل البقاء على قيد الحياة في أصعب الظّروف... الدمار الّذي عانى منه السوريّون واسع النطاق ومميت لدرجة أنّه ليس له مثيل في التاريخ الحديث".
أمّا أعداد النازحين السوريّين في وطنهم فيصل إلى نحو 6.9 ملايين نازح بحسب ما قدّرت منظّمات الأمم المتّحدة، مقابل نحو 5.5 ملايين لاجئ فرّوا إلى دول الجوار وأوروبا.
قبرص: نداءات لمساندة اللّاجئين
تعاني قبرص كذلك من تدفّق اللّاجئين حيث طلبت من الدول الأعضاء في الإتّحاد الأوروبي مساعدتها في التعامل مع الأعداد الكبيرة للّاجئين الّذين يدخلون الجزيرة القبرصيّة. مع العلم أنّ قبرص تتلقّى أعلى عدد من طلبات اللّجوء مقابل الفرد في الإتّحاد الأوروبّي، حيث يأتي معظم المهاجرين من تركيا.
أمّا الرئيس القبرصيّ نيكوس أناستاسياديس فتعهّد بالعمل على جعل الأوضاع في مركز "بورنارا" لاستقبال اللّاجئين "أكثر إنسانيّة"، وذلك عقب تسجيل انتقادات على الظّروف الصّعبة الّتي يعيشها أكثر من 350 قاصرًا هناك. وأشار أناستاسياديس أنّ "الصّعوبات متوقّعة عندما يكون نحو 5% من سكّان الجزيرة المنقسمة عرقيًّا من طالبي اللّجوء".
من جهّته أفاد وزير الداخليّة القبرصيّ نيكوس نوريس بنقل 92 طفلًا من أصل 356 طفلًا في بورنارا إلى فنادق، لإيجاد بالتّالي أماكن إقامة لنحو 150 آخرين. وأكّد أنّ نسبة الإكتظاظ في بورنارا ستنخفض مع نقل المهاجرين إلى مركز استقبال شيّد حديثًا على بعد 50 كيلومترًا جنوبي العاصمة.
دائرة التواصل والعلاقات العامة
المراجع:
- سكاي نيوز عربيّة
- الجزيرة نت
- العربي الجديد
- اليوم السابع
- RT Arabic
- وكالة الأناضول
- الأمم المتّحدة
- مفوضيّة الأمم المتّحدة لشؤون اللّاجئين
- اليونيسف
- Info Migrants
- European Commission