أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين ينطلق بعد أيّام
مجلس كناس الشرق الأوسط أعدّ كتيّب الصلاة لأسبوع 2022
رسالة من المشرق إلى العالم
"وبكنيسة واحدة جامعة مقدّسة" نهتف في قانون إيماننا المسيحيّ لنؤكّد على أهميّة وحدتنا كمسيحيّين مع ربّنا يسوع المسيح. هذه الوحدة الّتي لطالما سعى إليها رؤساء الكنائس حول العالم تتُرجم اليوم في صلوات وتأملات يوميّة يجتمع عبرها المسيحيّون خلال "أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين" الّذي يمتدّ بين 18 و25 كانون الثّاني/ يناير من كلّ سنة.
إحتفالات هذا الأسبوع تتجلّى في كتيّب خاصّ يضمّ نصوص تأمّل وصلوات من مختلف العائلات الكنسيّة. أمّا السّنة الحالية فقد أوكل المجلس الحبريّ لتعزيز الوحدة المسيحيّة مجلس كنائس الشرق الأوسط بإختيار موضوع أسبوع الصّلاة لسنة 2022 وإعداد مسوّدات لنصوص الكتيّب. من هنا حمل أسبوع الصّلاة 2022 موضوع نجم الميلاد بعنوان "رأينا نَجمَه في المَشْرق، فَجِئنا لِنَسجُدَ لَه" (مت ٢: ٢).
من المشرق إلى العالم: كتيّب وحدة ورجاء
أبصر هذا الكتيّب النّور عقب جهود كبيرة بُذلت عن بُعد في خضمّ أزمة صحّيّة عالميّة غير مسبوقة بسبب تفشّي فيروس كورونا من قبل لجنة مسكونيّة شكّلتها دائرة الشؤون اللّاهوتية والعلاقات المسكونيّة في مجلس كنائس الشرق الأوسط وفريق دوليّ عيّنه المجلس الحبريّ لتعزيز الوحدة المسيحيّة ولجنة إيمان ونظام التابعة لمجلس الكنائس العالميّ.
لاهوتيّون من مختلف العائلات الكنسيّة والدول المشرقيّة والعالميّة والمنظّمات الدوليّة عملوا معًا بقلب واحد رافعين صلواتهم من أجل أن تساهم وحدة أكبر بين المسيحيّين في الشّرق الأوسط وحول العالم في حياة أكثر كرامة وعدالة وسلامًا للنّاس أجمعين. من هم الّذين فكّروا وكتبوا وصلّوا معًا لإنجاز هذا الكتيّب المنتظر سنويًّا؟
المُشاركون في الإعداد مِن مَجلسِ كنائسِ الشّرقِ الأوسَط
الأب الدكتور بولس وهبة، بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس (لبنان)
القسّيسة الدكتورة ريما نصرالله، الكنيسة الإنجيليّة الوطنيّة (لبنان)
الأب الدكتور روجيه أخرس، كنيسة أنطاكية السريانيّة الأرثوذكسيّة (سوريا)
الدكتور جون دانيال، الطائفة الإنجيليّة المشيخيّة (مصر)
الأخت إميلي طنُّوس، الكنيسة المارونيّة (لبنان)
الأب كابي هاشم، كنيسة الروم الملكيّين الكاثوليك (لبنان)
المُشارِكون في الفَريق الدّوليّ
Revd Father Martin Browne, OSB, Glenstal Abbey (Ireland)
Ms Anne-Noëlle Clément, Unité Chrétienne (France)
Revd Anthony Currer, Pontifical Council for Promoting Christian Unity (Vatican)
Dr Ani Ghazaryan Drissi, Programme Executive of the Faith and Order Secretariat at the World Council of Churches (Switzerland)
Revd Dr Jochen Wagner, Arbeitsgemeinschaft Christlicher Kirchen in Deutschland (Germany)
Dr Hanne Lamparter, German Lutheran Church (Germany)
Sr Leticia Candelario Lopez, Verbum Dei Missionary Fraternity (Singapore)
Revd Dr Odair Pedroso Mateus, Director of Faith and Order - WCC (Switzerland)
Revd Father James Puglisi, SA, Friar of the Atonement, Centro Pro Unione (Italy/USA)
Revd Dr Mikie Roberts, Programme Executive for Spiritual Life – WCC (Switzerland)
Dr Clare Watkins, University of Roehampton (England)
نجم الميلاد: مرشدنا إلى الوحدة والصّلاة
بالعودة إلى موضوع "أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين" لسنة 2022 "رأينا نَجمَه في المَشْرق، فَجِئنا لِنَسجُدَ لَه" (مت ٢: ٢) فيتمحور حول نجم الميلاد الّذي قاد المجوس إلى طريق الرّجاء كي يشهدوا على ولادة مخلّص العالم يسوع المسيح ملك الملوك.
يأتي الموضوع هذا وفق ما أشار الفريق العامل على إعداد الكتيّب "في هٰذه الأوقاتِ الصّعبة، وأكثرَ مِن أيّ وَقتٍ مَضى"، حيث "نَحتاجُ إلى نورٍ يُضيءُ في الظّلمَةِ، وهٰذا النور، كما يُعلِنُ المَسيحيّون، قَد ظهَرَ في يَسوعَ المَسيح"، ربّ الأكوان وفادي الإنسان الّذي نستمدّ منه الأمل والعزيمة وسط كلّ ما نعيشه من أزمات ومشاكل.
موضوع لا بدّ من أنّه يشكّل علامة رجاء في ظلّ الأمجاد العابرة الّتي قد تبعدنا غالبًا عن برّ الأمان. ما هي إذًا المعاني الّتي يحملها؟ وما هي أهميّة هذا النّجم؟
تشير المقدّمة إلى موضوع أسبوع الصّلاة والّتي وردت في الكتيّب الخاصّ لسنة 2022 في الصفحة 10 إلى أنّ "النَّجمُ هو عَطيّةٌ وعَلامةٌ لحُضورِ الله المُحبِّ للإنسانيّةِ جَمْعاء. لقَد كانَ للمَجوسِ العَلامةُ على وِلادةِ مَلكٍ. بشُعاعِهِ يَقودُ البَشريّةَ إلى نُورٍ أعظَم، هو يسوع، النورُ الجَديدُ الذي يُنيرُ كلَّ إنسانٍ ويَقودُنا إلى مَجدِ الآبِ وبَهاءِ ضِيائه. يسوعُ هوَ النورُ الذي أنارَ ظلُماتِنا عِندما تَجسَّدَ مِن مَريم العَذراءِ وصارَ إنسانًا. يسوعُ هو النورُ الذي غاصَ في عُمقِ ظُلمةِ العَالمِ عِندما أَخْلى ذاتَه وَصارَ طائعًا حتى المَوتِ مِن أَجلِنا ومِن أَجلِ خلاصِنا".
أمّا المجوس فلهم أيضًا دلالة خاصّة حيث "يَحلو لبَعضِ المُفسِّرين أنْ يَرَوا فيهم رَمزًا إلى تَعدُّدِ الشُّعوبِ وتَمايُزِها في ذٰلك الزّمانِ، وعَلامَةً على شُموليّةِ الدّعوةِ الإلٰهيّة التي تَظهرُ في نورِ النّجمِ السّاطِعِ مِنَ الشّرق. ويَرَون في بَحثِ المَجوسِ الحَثيثِ عَن المَلكِ المَولودِ حديثًا شَوقَ الإنسانِ إلى الحَقِّ والخَيرِ والجَمال. فمُنذُ بِدايةِ الخَلقِ، تَتوقُ البَشريّةُ إلى اللّٰه لِكي تُؤَدّيَ لَه الإكرامَ. لَقد ظَهرَ النَّجمُ لَمَّا وُلدَ الطِفلُ الإلٰهيّ في مِلء الزّمان".
وتضيف المقدّمة "يَكشِفُ المَجوسُ لنا رَغبةَ الله في وَحدةِ جَميعِ الشّعوبِ. لَقَد أتَوا مِن بلادٍ بَعيدةٍ وكانوا يَنتَمونَ إلى ثَقافاتٍ مُختَلفةٍ، لٰكنّهم كانوا مُنقادين بالشّوقِ نفسِه إلى رؤيةِ الطّفلِ المَلِك والتَّعرّفِ إليه، فالتَقَوا في البيتِ الصّغيرِ في بيتَ لحم وٱجتَمعوا بكلِّ بَساطةٍ على أداءِ الإكرامِ وتَقدِمةِ الهَدايا. على المَسيحيّينَ أنْ يَكونوا أمامَ العَالَم عَلامةً لِعمَلِ اللهِ في سَبيلِ تِلكَ الوَحدةِ التي يُريدُها. إنَّ المَسيحيينَ، مَع كَونِهم يَنتَمون إلى ثَقافاتٍ وأعْراقٍ ولُغاتٍ مُختَلفة، يَجمَعُهم البَحثُ المُشتركُ عَن المَسيح والشّوقُ المُشتركُ إلى السُّجودِ لَه".
من هنا تقدّم لنا هدايا المجوس المُختَلفة "صورةً عَن الطرائقِ الخّاصّةِ التي تَنظُر بها كلٌّ مِن التّقاليدِ المُتعدِّدة في المَسيحيّةِ إلى شَخصِ المَسيح وعَملِه. عندما يَلتقي المَسيحيّون مَعًا ويَفتَحون كُنوزَهم وقُلوبَهم لإكرامِ المَسيحِ، يَغْتَنون جَميعُهُم بالمُشاركةِ في الهَدايا التي تُشكِّلها تِلك الآراء".
المشرق في أسبوع الصّلاة
لكن ماذا عن الشّرق؟ تشرح المقدّمة إلى أنّ "تاريخَ هٰذا الشّرقِ كانَ ولا يزالُ صاخِبًا بالصّراعاتِ والنِزاعاتِ، مُضرَّجًا بالدّماءِ، مُظلِمًا بالظُّلمِ والاستِبدادِ... قِصّةُ المَجوسِ أيضًا تَحمِلُ عَناصرَ ظَلاميّةً كثيرةً، بخاصَّةٍ الأمرُ الذي أصْدَرَه الطّاغيةُ هيرودسُ بِقَتْلِ أطفالِ بيتَ لحمَ مِن عُمرِ السّنتَين وما دُون (مت ٢: ١٦-١٨). فَظاعَةُ رِواياتِ الأحداثِ هٰذه تَجِدُ صَدًى لها في تاريخِ الشّرقِ الأوسَطِ الطويلِ كما في حاضِرِه الصّعب.
في الشّرقِ الأوسَطِ تَجذَّرَت كلمةُ اللهِ وأثمَرت ثلاثينَ وستّينَ ومِئة. ومِن هٰذا الشّرقِ أيضًا انطَلقَ الرّسُلُ حامِلينَ بُشرى الإنجيلِ حتى وصَلَت إلى أقاصي الأرضِ (اع ١: ٨). لقَد أعطى هٰذا الشّرقُ آلافَ الشُّهودِ المَسيحيين وآلافَ الشُّهداءِ المَسيحيين. أمّا اليوم، فَوجودُ الجماعةِ المَسيحيةِ الصغيرةِ نفسُه مهدَّدٌ بسَببِ اضْطِرارِ الكَثيرينَ إلى البَحثِ عَن حَياةٍ أكثرَ أمْنًا وهَناءً في مَكانٍ آخَر".
وكذلك هي أورشليم الّتي "كانَت مدينةَ المُلوكِ، المَدينةَ التي سيَدخُلُها المَسيحُ ظافرًا، مُعلَنا كمَلكٍ (لو ١٩: ٢٨-٤٤). كانَ المَجوسُ بالطّبعِ يَتوَقّعونَ أنْ يَجِدوا المَلكَ المَولودَ الجَديد، الذي دَلَّ عَليه النّجمُ، في تلكَ المَدينةِ المَلَكيَّة. ولٰكن، كما تُخبِرنا الرِّوايةُ، بَدَلًا من أنْ تَتَباركَ أورشَليمُ بِولادةِ المُخلِّصِ المَلِك، اضْطَربَت كلُّها أكثرَ مِمَّا هي مضْطَربةٌ اليوم".
برجاء كبير تتابع المقدّمة "في أيّامِنا، وأكثرَ مِن أيِّ وَقتٍ مَضى، يَحتاجُ الشَّرقُ إلى نورٍ سَماويٍّ يُرافِقُ الشَّعبَ. إنَّ نَجمَ بيتَ لحمَ هو عَلامةٌ بأنَّ اللهَ يَسيرُ مع شَعبِه، يَشعُرُ بألَمِهم، يَسمَعُ صُراخَهم ويَرأفُ بهم. هو يؤكِّدُ لنا أنَّ الكَوارثَ قد تَحدُث والظُّروفَ قد تتَغيّر وأمَّا أمانةُ اللهِ فلَنْ تتزعزعَ أبدًا. الرَّبُّ لا يَنعسُ ولا يَنام. إنَّه يَسيرُ إلى جانبِ شَعبِه ويُعيدُه عِندما يَضيعُ أو يكونُ في خَطر".
الطريق إلى المسيح نور العالم
لماذا إختير لِأسبوعِ الصَّلاةِ هذه السّنة موضوع النّجم الّذي ظهر في الشّرق؟ تشير المقدّمة إلى أسباب عدة، "في حينِ يَحتِفلُ كُثرٌ مِن مَسيحيي الغَربِ بِعيدِ الميلاد، فالعيدُ الأقدَم، وما زال الأبرزُ للكُثُرِ مِن مَسيحيي الشَّرقِ هو عيدُ الظّهور، الحَدَثِ الذي ظَهرَ فيه خَلاصُ اللهِ للأمَمِ في بيتَ لَحمَ وعلى ضِفافِ الأردُن. هٰذا التَّركيزُ على الظُّهورِ الإلٰهيِّ (الإعتلان) هو بمعنًى ما كَنزٌ يُمكِنُ مَسيحيي الشّرقِ الأوسَطِ أنْ يُقدِّموه إلى إخوَتهم وأخَواتِهم حَول العَالَم".
أينَ هو إذًا النَّجمُ الذي يَقودُ إلى الملك المولود؟ "رِسالةُ الكنيسةِ هي أنْ تكونَ النّجمَ الذي يُضيءُ الطّريقَ إلى المَسيح الذي هو نورُ العَالَم. وبكونِها كالنّجمِ، تُصبِحُ الكنيسةُ علامةَ رَجاءٍ في عالَمٍ مضْطَربٍ وعَلامةً لِحُضورِ اللهِ مَع شَعبِه، يُرافقُه في مَصاعِبِ الحَياةِ. المَسيحيّونَ مَدعوّونَ إلى إضاءَةِ الطّريقِ بالقَولِ والفِعلِ، عَلَّ المَسيحَ يَظهَرُ للأممِ مَرّةً جديدة".
لذا "يُقدِّم مَسيحيّو الشّرقِ الأوسَطِ هٰذه النّصوص لِأسبوع الصّلاة لأجلِ وَحدَةِ المَسيحيّين، وهُم يُدرِكون أنَّ العالَم يَتقاسمُ مَعهم صُعوباتٍ ومَشاكلَ جمَّة يُعانونَها، وأنّه يَتَطلّعُ إلى نورٍ يُرشِدُه في الطّريق إلى المُخلِّص الذي يُبدِّدُ الظّلُمات. إنَّ جائجةَ كورونا العالَميّة، وما تَبعَها مِن أزَماتٍ اقتصاديّة، وفَشَلِ الهَيكلياتِ السّياسيّةِ والاقتِصاديّةِ والاجتِماعيّةِ في حِمايةِ الأكثرَ ضَعفًا والأكثرَ هَشاشةً، كلّ ذٰلك أكَّدَ على الحاجَةِ الكَونيّةِ إلى نورٍ يُضيءُ في الظّلمات".
ووفق المقدّمة "ينبغي للشَّركة التي تَجمَعُنا في الصّلاة مَعًا، أنْ توحي إلينا أنْ نعودَ إلى حَياتِنا وكنائسِنا وعالَمِنا في طُرقاتٍ جديدة. السَفرُ عَبر طُرقاتٍ جَديدةٍ هو دَعوةٌ إلى التَّوبةِ والتّجديدِ في حَياتِنا الشّخصيّة، في كنائسِنا وفي مُجتَمعاتِنا. اتّباعُ المَسيحِ هو طَريقُنا الجديدُ، وفي عالَمٍ مُتقلِّبٍ وفي سِياقٍ مُتبدِّلٍ، على المَسيحيّين أنْ يَبْقَوا ثابتينَ كالنّيّراتِ والكواكبِ المُضيئَة".
وفي الختام تتطرّق مقدّمة موضوع أسبوع الصّلاة 2022 إلى دعوة الكنائس في "العمل معًا حتى يَتمكّنَ الشّبابُ مِن بِناءِ مُستقبلٍ يكونُ على حَسَب قلبِ الله، مُستَقبلٍ يكونُ فيه لِجَميعِ البَشرِ هَناءُ العَيشِ والسّلامُ والعَدالةُ والمَحبّة. الطّريقُ الجَديدُ بين الكنائسِ هُو طريقُ الوَحدةِ المَنظورةِ، نَسْعى إليها بكلِّ تَضحيةٍ وشَجاعةٍ وإقْدام، لِيَصيرَ اللهُ، يَومًا بَعد يومٍ، "الكُلَّ في الكُلِّ" (١كور ١٥: ١٥-٢٨)".
لنصلّ إذًا كي نسير معًا في طريق الوحدة بعيدًا عن كلّ الإنقسامات والأزمات الّتي قد تزعزع بناء الجسور في ما بيننا. ولننطلق من أسبوع الصّلاة، من هذه المحطّة المسيحيّة التاريخيّة كي نجعل صلاتنا مرتكزة على الوحدة والأخوّة خلال كلّ أيّام السّنة لأنّ بالصّلاة والإتّحاد نعيش محبّة المسيح ونعبر معًا نحو الملكوت.
.الصّلوات والتأمّلات اليوميّة لأسبوع الوحدة 2022
.الصّلاة الخاصّة من أجل وحدة المسيحيّين
دائرة التواصل والعلاقات العامة