الكنيسة تحتفل بعيد مؤسّسيها بطرس وبولس

"... عَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا"

(متّى 16:18)

sts-peter.jpg

تقرير ايليا نصراللّه

يشكّل عيد القدّيسين بطرس وبولس مكانة خاصّة في تاريخ الكنيسة وترسيخ المسيحيّة على مرّ العقود، حيث تحتفل بتذكارهما الكنيستين الأرثوذكسيّة والكاثوليكيّة في 29 حزيران/ يونيو من كلّ سنة، ليطلب المؤمنون شفاعتهما إلى السيّد المسيح كي يمنح السّلامة للمسكونة والرّحمة العظمى لنفوسنا.

ألقاب كثيرة مُنحت لهما: هامتي الرّسل، مؤسّسي الكنيسة، المتقدّمان في كراسي الرّسل، ومعلّمًا المسكونة... بطرس كان أوّل من إعترف بأنّ يسوع هو إبن الله الحيّ بحسب إنجيل متّى 16:16، لكنّه أنكر المسيح ثلاث مرّات وعاد وتاب فأعاد له الربّ بالتّالي رسوليّته. أمّا بولس فكان إسمه شاوول، ظهر له الربّ على طريق دمشق حيث أراد أن يقتل المسيحيّين... وأخذ إسم بولس عقب عمادته على يد يسوع في هذه البلاد ليهتدي ويتّجه إلى جميع الأمم ويبشّر بالسيّد المسيح. 

 

unnamed.jpg

ما هي مميّزات القدّيسين الرّسولين بطرس وبولس؟

تقليديًّا يُطلق على القدّيس بطرس لقب زعيم الرّسل الإثني عشر لا سيّما وأنّه كان من أشدّ المقرّبين من السيّد المسيح خلال تبشيره على الأرض. أمّا عقب موت المسيح ثابر بطرس في الحفاظ على الميراث الّذي سلّمه السيّد لتلاميذه. وخلال رحلاته الكرازيّة أنشأ كنيسة أنطاكية حيث دُعي التلاميذ فيها مسيحيّين أوّلًا. لذا يُعتبر البطريرك الأنطاكيّ اليوم خليفة الرّسول في هذه الكرسيّ.

أمّا القدّيس بولس فيُعتبر من أبرز المبشّرين، حيث عُرفت عظامته عبر قصّة اهتدائه العجيب على طريق دمشق (لوقا 1:9-22) ولها أهميّة كُبرى بالنّسبة لما أمضاه من حياته في التبشير المستمرّ. كما يحمل العهد الجديد حصّة مهمّة من جولاته التبشيريّة إضافةً إلى ما دوّنه من رسائل للكنائس الّتي أسّسها، خصوصًا أنّه جال في مختلف أنحاء العالم الرّوماني بهدف التبشير بالمسيح وإعلان الإيمان المسيحي وترسيخه لدى النّاس. علمًا أنّه سمّى نفسه رسولًا وتميّز بعظاته كما تذكر مراجع عدّة، وذلك رغمًا أنّه لم يكن من صفوف التلاميذ الإثني عشر.

 

لماذا يقام تذكارهما في 29 حزيران/ يونيو؟

بحسب روايات تاريخيّة عدّة لا يشكّل 29 حزيران/ يونيو تاريخ استشهاد القدّيسين بطرس وبولس، وإنّما يُذكر أنّه كان "تعميدًا" لذكرى رومانيّة تختصّ بشخصيّتى رومولوس وريموس "المؤسّسان الأسطوريّان" للمدينة الخالدة، روما. من هنا، يُعتبر القدّيسين بطرس وبولس "عموديّ الكنيسة" و"والديّ روما" بالكلمة والدمّ أي بالتبشير والإستشهاد.

في هذا الإطار يُقال أنّ الكنيسة حدّدت عيد القدّيسين بطرس وبولس في يوم واحد كي تدفع النّاس إلى تناسي مؤسّسي روما، عام 753 ق.م خلال الحقبة الوثنيّة، الأخان رومولوس وريموس. لذا قرّرت تذكار القدّيسين بطرس وبولس مؤسّسي روما في الفترة المسيحيّة، بدلًا عنهما.

 

لماذا يُحتفل بهما في اليوم عينه؟

يُعتبر عيد القدّيسين بطرس وبولس حدثًا بارزًا في الكنيسة وخصوصًا بالنّسبة لبطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس. علمًا أنّ الكنيسة تقيم تذكارهما في يوم واحد على عكس معظم القدّيسين حيث يخصّص لكلّ منهم تذكار فرديّ خلال مختلف أيّام السّنة.

أمّا ما يجمع هذين القدّيسين فيكمن في إندفاعهما الكبير وغيرتهما وطول أناتهما في تحمّل المشقّات والمعوقات الّتي تقع أمامهما من أجل تحقيق البشارة ونشر الكلمة المقدّسة. كما يتميّزان بمحبّتهما الكبيرة خصوصًا لبعضهما وإستشهادهما في سبيل إيمانهما. من هنا تخصّص الكنيسة تذكارهما في يوم واحد حيث تُقام الصّلوات تمجيدًا لعظمتهما.

من جهّة أخرى يختلف القدّيسين بطرس وبولس في نقاط عدّة. الأوّل كان يهوديًّا رومانيّ الجنسيّة من عائلة ذات نسب رفيع يملك ثقافة كبيرة لا سيّما في مجال الشّريعة. أمّا الثّاني فكان يهوديًّا بسيطًا من عائلة متواضعة، شبه أمّي ويمارس مهنة صيد السّمك.

 

هل من أيقونات للقدّيسين بطرس وبولس؟

كُتبت أيقونات عدّة من أجل تجسيد عظمة القدّيسين بطرس وبولس. في إحداها يظهر بطرس من جهّة اليسار، في يدٍ يحمل مفتاح ملكوت السّموات ورسالته الشّهيرة، وفي يدٍ ثانية مجسّمًا للكنيسة. أمّا على اليمين فيقف القدّيس بولس الرّسول بلباس تقليديّ وذات شعر يرمز إلى أنّه فرّيسي كما هو يقول عن نفسه، وجبهة مكشوفة دلالةً على حكمة الفلسفة؛ في يدٍ يحمل إنجيل الربّ يسوع المسيح الّذي بشّر به في كلّ أقاصي الأرض، وفي يدٍ أخرى يسند الكنيسة.

علمًا أنّ الكنيسة هذه تعبّر عن كنيسة العهد الجديد الّتي أرادها الآب أن تكون مبنيّة على صخرة الإيمان القويم. إنّها بيزنطيّة، لها قبّة كقبّة السّماء، ثلاث نوافذ إشارةً إلى الثّالوث الأقدس، نافذتان تعبيرًا عن طبيعتي المسيح البشريّة والإلهيّة، وثلاثة أبواب ذات دلالات عدّة في الكنيسة الأرثوذكسيّة.

القدّيسين بطرس وبولس.PNG

أمّا في أيقونة أخرى للقدّيسين بطرس وبولس فنجدهما يتعانقان، بطرس من جهّة اليمين وبولس من اليسار دلالةً على عناق المسيح واحتضان المحبّة؛ عيناهما لا تتلاقى لأنّها مصوّبة باتّجاه الرّبّ يسوع المسيح محور حياتهما. فوق رأسيهما هالتين مزيّنتين بالورود وأغصان الكرمة، واسمهما مكتوبان باللّون الخمريّ في خلفيّة الأيقونة.

 

عقب مسيرة مفعمة بالإيمان المستقيم والمحبّة والكرازة، إستشهد القدّيسان بطرس وبولس في زمن الإمبراطور نيرون، الّذي كان قد أحرق روما واتّهم المسيحيّين بهذه الجريمة، بغية إيجاد حجّة لمحاكمتهم وقتلهم وإبادتهم. لذا كان هذين القدّيسين من عدّاد الشّهداء فقُتل بطرس مصلوبًا منكّس الرأس وأعُدم بولس بحدّ السّيف.

 

دائرة التواصل والعلاقات العامة


المراجع:

موقع أبونا: https://bit.ly/3dmGs5h

 https://bit.ly/2UdrNmd

موقع اليوم السابع: https://bit.ly/3ActMb2

موقع الأيقونة الأرثوذكسيّة: https://bit.ly/3jp4QqU

صفحة الرعيّة الأنطاكيّة الأرثوذكسيّة على موقع فيسبوك: https://bit.ly/3job4aD

صفحة القدّيس شربل – فاريا على موقع فيسبوك: https://bit.ly/3h3uoIL

Previous
Previous

في عيد القديسين بطرس وبولس هامتي الرُسُل

Next
Next

مستجدّات فيروس كورونا كوفيد-19 في الشرق الأوسط