في العلاقات المسكونيّة والتقارب بين الناس والتضامن الإجتماعيّ
د. ميشال أ. عبس
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
من ضمن المفاهيم المتعلّقة بالرأسمال الإجتماعي، تأتي مقولة مدّ الجسور كمرحلة أساسيّة في بناء الرأسمال الإجتماعي أو ما يسمّونه بالإنكليزيّة Bridging .
إحدى الأهداف الأساسيّة لمجلس كنائس الشرق الأوسط هي بناء الجسور بين الناس، وقد إتّخذ هذا الهدف شعارًا له منذ سنوات عدة وما زال.
كلّما ازداد التعارف بين الناس بشتّى الوسائل، وبناء الجسور أهمّها، كلّما قويَت الروابط الإجتماعيّة وتصاعدت علاقات الثقة بين أبنائه وازداد المجتمع تماسكًا فتضامنَا.
ما نقوله عن المجتمع ينطبق على الكنائس، إذّ أنّ مؤمنيها على الصعيد الإجتماعي هُم جزء من المجتمع. العكس يصحّ أيضًا بمعنى أنّ ما يصحّ ضمن الجماعة المؤمنة يصحّ للمجتمع أيضًا.
إستعمال صورة الجسور بالشكل المجازي الذي ورد في شعار مجلس كنائس الشرق الأوسط يحمل معانٍ ودلالات معبّرة، إذ أنّ الجسر يوْصل مكانين كان من الصعب جدًا، حتى المستحيل، الوَصْلَ بينهما. أمّا الرمزيّة الثانيّة لمفهوم الجسور فتكمن في جعل التفاعل بين "المناطق" المتباعدة، جغرافيًّا واجتماعيًّا وثفافيًّا ونفسيًّا، أمرًا هينًا وميّسرًا.
في دائرة اللاهوت والعلاقات المسكونيّة في المجلس برنامج يعنى بمدّ الجسور بين الكنائس، اسمه "برنامج العلاقات المسكونيّة". دور هذا البرنامج هو رفع مستوى التعارف والمعرفة بين الكنائس من أجل تقوية الروابط الإجتماعيّة والثقافيّة بين أبناء الإيمان الواحد. كما أنّ هناك برنامج موازٍ يعنى بالعلاقات مع غير المسيحيّين.
من منظور علوم الإنسان والمجتمع إنّ أيَّ أمر من شأنه أن يقوّي الروابط بين الناس وإرساء العروة الوثقى بينهم هو عمل حميد.
من الناحية الإيمانيّة أيضًا، مدّ الجسور بين أبناء المعتقد الواحد، على تنوّعهم، هو عمل مبارك من الباري ويشكّل عملاً وقائيًّا على الصعيد الإجتماعي عبر رفع سويّة التضامن بين الناس ودفعها إلى التعاضد في الملّمّات.
عندما يقَرِّب مجلس كنائس الشرق الأوسط بين الناس ويقوم بخدمتهم دون النظر إلى انتمائهم الدينيّ والسياسيّ والعرقيّ، فإنه يجسّد إرادة الخالق في خليقته.
هذه ثقافة المجلس منذ انشائه وهو يبرُّ بتاريخه في كل قرار يتخّذه وكل خطوة يخطوها.