هل ستنجح خطط التطعيم ضد كورونا بتجنيب الشرق الأوسط خطر الموت؟
تقرير: من 1 إلى 15 شباط/ فبراير 2021
على وقع تطوّر جائحة كورونا وتداعيتها الخطرة، بدأت حملة التلقيح الأولى في الشرق الأوسط الّذي يعاني أصلًا من ضائقة شديدة. ربّما تشكّل عمليّة التلقيح هذه بابًا للخروج من دائرة الخطر الإقتصادي الّذي يواجهه معظم دول المنطقة، حيث من المتوقّع أن يعود اقتصادها إلى حال مستقرّ. وعلى الرغم من ذلك، تزداد الأمور سوداويّة في بعض البلدان على صعيد المعايير الإجتماعيّة والاقتصاديّة للمواطنين أو حتّى من ناحية عدم قدرة بعض الحكومات على تأمين اللّقاحات الضروريّة، ما يمنع قسم من سكّان الشرق من الحصول على التطعيم.
الوضع الإجتماعي والإقتصادي
مصر
على الرغم من نجاح مصر في إعادة اقتصاده إلى حال متقدّم وفي التغلّب على تداعيات جائحة كورونا، وعقب إعلان البلاد لمعهد التمويل الدولي (IIF) عن هذه البشرى السّارة، كشفت الحكومة المصريّة عن خطط تسمح فقط لـ 4٪ من أصل 100 مليون شخص من سكّان الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، بالحصول على اللّقاح المجّاني. هذا يعني أنّ ملايين الأشخاص الّذين يعانون من ظروف اجتماعيّة واقتصاديّة صعبة لن يتمكّنوا من تأمين ثمن هذه اللّقاحات. وما زاد الأمور سوءًا هو تصدّر مسؤول مصري عناوين الصحف بإعلانه أنّ شهر آذار/ مارس المقبل يشهد بداية موجة ثالثة من الوباء.ومع ذلك، أعلنت وزارة الصحّة أنّ نسبة الشفاء من فيروس كورونا في مستشفيات العزل قد بلغت 78 %، ما يشير إلى نجاح كبير في مواجهة الوباء والتصدّي لتداعياته. لكن ما زال المجتمع يعاني من تدهور في قوّته الشرائيّة. وهذا يعني أنّه على المدى الطويل، قد لا يرتفع الناتج المحلي الإجمالي لمصر بحسب المعدلات المتوقّعة سابقًا.
الأردن
مع متابعة عملية التلقيح في الأردن التي تشمل أيضًا اللاجئين، توجهت البلاد إلى تعزيز اقتصادها. قام وفد أردني بزيارة غرفة تجارة وصناعة إسلام آباد الباكستانية لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع البلاد. وفي هذه المناسبة، أكد سردار ياسر إلياس خان رئيس غرفة تجارة وصناعة إسلام آباد أنّ على باكستان والأردن توقيع اتفاقية تجارة حرة لإزالة الحواجز التجارية وتعزيز حجم التجارة. كما قال إن هذا هو الوقت المناسب لرجال الأعمال الأردنيين لاستكشاف باكستان للعمل والاستثمار.
يؤكد مؤشر إيجابي آخر أنّ البلاد تسير في الاتجاه الصحيح، فعاد مئات الآلاف من الطلاب في الأردن إلى المدارس بعد حوالي عام من الإغلاق بسبب وباء كورونا. وهذا يعني أن قطاع التعليم بدأ مرة أخرى بالمساهمة في النمو الاقتصادي للبلاد من خلال تقديم الخبرة التي تشتد الحاجة إليها لإدارة الصناعات الوطنيّة.
العراق
وافقت الحكومة أخيرًا على استخدام اللقاحات البريطانيّة والصينيّة المنشأ. ومع ذلك، لا توجد مؤشرات على نجاح الحكومة العراقيّة في تنفيذ خطّة التلقيح التي وضعتها مع استمرار تدهور اقتصاد البلاد. ولا تزال تقارير مختلفة حول ارتفاع مستويات الفقر والعنف الأسري تحتلّ وسائل الإعلام العراقيّة. إضافةً الى ذلك، ارتفع التوتّر الأمني مع تخوّف السلطات من عودة داعش، التي تضم حاليًا 75000 مؤيد، ومن المتوقّع أن يرتفع هذا الرقم إذا لم تجد الدولة حلاً لانخفاض أسعار النفط والإقتصاد الآحادي الجانب.
لبنان
أصبح واضحًا أن اقتصاد البلد في حال يرثى لها. تتّجه البلاد إلى سيناريو الدولة الفاشلة، مع نقص ملحوظ بالدولار والعوائق السياسية والفساد المستشري. هذا ولا تزال البلاد بلا حكومة في الوقت الذي تعاني فيه من تفشّي وباء كورونا الذي سجّل أعلى الأرقام بين دول الشرق الأوسط. وينتظر اللبنانيّون أنباء جديدة عن طلب السلطات السويسريّة أن يتعاون القضاء اللبناني في تحقيق تبييض أموال في البنك المركزي للبلاد. ويتركز التحقيق على 400 مليون دولار من التحويلات التي ارتبطت بحاكم مصرف لبنان طيلة 27 عامًا، رياض سلامة وشقيقه رجا، ومستشارة سلامة ماريان الحوّيك. إنّ تدخل الدول الأجنبيّة في قضيّة لبنان أعطى الأمل لملايين اللبنانييّن الذين يحلمون بالتغيير في البلاد.
خلال نهاية الشهر، وقّع البنك الدوليّ إتفاقيّة مع لبنان تزيد قيمتها عن 246 مليون دولار أميركي كجزء من مشروع شبكة الأمان الاجتماعي لمواجهة الأزمة الطارئة وكورونا. وبحسب البيان الصحفي، سيتلقى لبنان مساعدات نقديّة لمدة عام واحد من خلال المشروع لدعم 147 ألف أسرة لبنانيّة مصنّفة بالأكثر فقرًا. ويأتي ذلك في إطار رسالة واضحة بأن الإدارة الأميركية الجديدة حريصة على مساعدة لبنان باعتماد نهج جديد. ووصل اللقاح أخيرًا إلى لبنان وارتفعت معه المعنويات في البلاد. ويمكن القول إنّ الأمور قد تتغير هذا السنة في هذه الدولة الشرق أوسطيّة.
فلسطين
على الرغم من الوعود بأن السلطات الإسرائيليّة ستؤمّن اللقاحات إلى السلطات الفلسطينيّة، لم يحدث ذلك. حتى أنّ طلب منظّمة الصحّة العالميّة بإعطاء لقاحات لأطباء فلسطينييّن قد رُفض. جاء هذا التطور مع تحذير مسؤولي الصحّة الفلسطينييّن من انتشار سلالة جديدة من كورونا في البلاد.
وأشارت وزيرة الصحّة الفلسطينيّة ميّ الكيلة إلى أنّ "السلالة الجديدة من فيروس كورونا تنتشر بسرعة أكبر بين السكان، كما أنّها قد تصيب جميع الفئات العمريّة".
مع الحصار الذي فرضته السلطات الإسرائيليّة والأمراض المعديّة، وجد الفلسطينيّون أنفسهم مرّة أخرى في ظروف اجتماعيّة واقتصاديّة بائسة. نأمل أن تأتي مع التغييرات الرئاسيّة في الولايات المتحدة سياسات جديدة من شأنها أن تفيد الفلسطينييّن.
سوريا
مع استمرار تدهور الإقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة وإعلان الأمم المتحدة عن وجود 12.4 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، تواجه سوريا أسوأ الظروف الإقتصاديّة في تاريخها. فقد انخفضت قيمة الليرة السورية إلى أضعف مستوياتها مقابل الدولار الأميركي، حيث تراوحت بين 3270 ليرة سورية و 3300 ليرة للدولار في السوق السوداء. عانى قطاع النفط والغاز السوري من خسائر بلغت 91.5 مليار دولار منذ بدء الصراع في 2011، بحسب وزارة البترول والثروة المعدنيّة. وأخيرًا، تراجعت عائدات النفط بنحو الخمس في عام 2020 في حين لا تزال العقوبات مفروضة على البلاد.
أشارت إدارة بايدن الجديدة إلى نهج جديد في التعامل مع الشرق الأوسط والحرب في سوريا. لكن مع الأصداء الجديدة حول عودة محتملة لداعش في المنطقة، قد توضع العلاقات الأميركيّة - السوريّة على لائحة الإنتظار، فقد يتركّز إهتمام الولايات المتحدة في مكان آخر.
قبرص
احتفالًا ببدء حملة التلقيح، عُقدت القمّة القبرصيّة الخامسة للمستثمرين الدولييّن التي استضافتها شركة Invest Cyprus، حيث احتلّت قبرص المرتبة الأولى في أوروبا، والمرتبة الخامسة على حوالي 100 دولة في مؤشر آداء إزاء وباء كورونا، الذي جمعه معهد أبحاث Lowy . وفي هذه المناسبة، صرّح وزير الماليّة كونستانتينوس بيتريدس أنّ من المتوقّع أن ينتعش الاقتصاد القبرصيّ بحلول عام 2021، مدعومًا بالآداء المالي الإيجابيّ للجزيرة خلال السنوات الماضيّة. أضاف: "قبرص تسعى إلى تنويع إقتصادها ورفع مستوى خدماتها ومنتجاتها."
يبدو هذا العام واعدًا للجزيرة الصغيرة. من المتوقّع أن ينتعش الإقتصاد القبرصيّ بنسبة 4.5٪ من الناتج المحليّ الإجماليّ هذه السنة بعد إنكماشه بسبب الوباء بنحو 5.5٪ في عام 2020.
دائرة التواصل والعلاقات العامة