أيام التشجير
هذه الكلمة متوفّرة أيضًا باللّغة الإنكليزيّة.
د. ميشال أ. عبس
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
الى بجة كان القدوم، الى القرية اللبنانية الهانئة الرابضة على هضاب منطقة جبيل حيث مخرت عباب البحر اول المراكب المعروفة في التاريخ الجلي حاملة الحرف الى العالم.
كان القدوم يوم الاحد السادس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر بمبادرة من دائرة اللاهوت في مجلس كنائس الشرق الأوسط ولجنة العدالة البيئية وبالتنسيق مع رعية القرية وناديها الرياضي الثقافي.
مئات الشتول وُزعت على شباب القرية وكانوا بانتظار ساعة الصفر من اجل غرسها في نواحي مختلفة من المنطقة وقد تجندت مختلف فئات مجتمع بجة من اجل إنجاح هذا الحدث الذي سوف يصبح علامة فارقة في تاريخ عمل المجلس في مجال التنمية الزراعية-الريفية التي طالما كان رائداً فيها.
بعد صلاة في كنيسة القرية حضرها وترأسها مدير دائرة اللاهوت والعلاقات المسكونية في المجلس، وبعد القاء كلمات امين عام المجلس ومدير وزارة الزراعة ورئيس نادي بجة، عمد الجميع الى غرس أشجار في براح الكنيسة في رمزية صمود الزرع والخضار في وجه الإهمال والتصحر والهجرة.
لقد شكلت الزراعة تاريخيا العمود الفقري للاقتصاد اللبناني والمشرقي والجميع يعرف ان منطقة البقاع كانت تلقب ب "أهراء روما" وقد عاش اللبنانيون والمشرقيون على الزراعة لمئات السنين لأجيال عديدة جدا وكمية الامثال المتعلقة بالزراعة التي نجدها في أمثال لبنان وبلاد الشام عامة لهي الدليل على ذلك.
ولكن دخول المنطقة، ولبنان خصوصا، أتون الثورة الصناعية وهو غير مهيأ لها، جعله عنصرا تابعا لما يجري في العالم الصناعي وجعله يفقد زراعته تدريجيا لدرجة انها أضحت تشكل نسبة مئوية هزيلة من الدخل القومي في لبنان. كل ذلك في غياب سياسة تنمية زراعية ناجعة على مستوى الدولة اللبنانية كما في غياب أي مجهود للخروج بالزراعة من المستنقع الذي اوقعتها السياسات الحكومية المتتالية فيه.
لقد شهد لبنان نهضة زراعية في بداية سبعينات القرن الماضي ولكن الحرب أدت الى اضمحلال هذه النهضة اذ كانت الكثير من المناطق الزراعية الخصبة مسرحا للعمليات العسكرية كما ان العصابات المتحاربة قامت بنهب الاستثمارات الزراعية التي كانت مجهزة أفضل تجهيز.
الجدير ذكره ان خطط النهوض الاقتصادي المزعومة المتتالية طيلة عقود بعد انشاء الدولة اللبنانية لم تكن تحتوي على أي مخطط زراعي شامل للوطن ولا حتى على شيء يذكر بالنسبة الى الزراعة الامر الذي قضى على هذا القطاع بشكل شبه تام. يقابل هذا الإهمال المقصود للزراعة دعم هائل للقطاعات الخدماتية والريعية على حساب القطاعات المنتجة والتي تؤمن قيمة مضافة للاقتصاد اللبناني.
ان غياب مصارف التسليف الزراعي وتدني نسبة القروض الزراعية الى القروض الخدماتية والريعية لهو امر فاضح كما تدل عليه إحصاءات المصارف وغرف التجارة والصناعة.
إزاء كل ذلك، يجد مجلس كنائس الشرق الأوسط نفسه، كونه معني بالتنمية وبالعدالة الاجتماعية وبمحاربة الهجرة، في مواجهة مباشرة مع النزعة المستشرية في القطاعين العام والخاص في اهمال الزراعة الى حد القضاء عليها.
ليس صدفة ان اول مدير لبرنامج الإغاثة والتأهيل والاعمار في المجلس كان مهندسا زراعيا، وان يكون المجلس من أوائل المؤسسات التي ساندت الانماء الزراعي طيلة فترة ثمانينات القرن الماضي. لقد اخذت البرامج الزراعية حيزاً كبيراً من عملنا آنذاك وقمنا بتوظيف خمسة مهندسين زراعيين في شتى مناطق لبنان وذلك من اجل الوقوف على حاجات المزارعين وتنسيق مشاريع الدعم لهم. لقد ترافق ذلك مع برامج تنمية ريفية اثرت على المجتمعات الريفية ايما تأثير.
نحن اليوم، كما ورد في الإطار الاستراتيجي الذي أقرته اللجنة التنفيذية للمجلس والذي عرضناه مع شركائنا الدوليين، نتهيأ لأطلاق حقبة جديدة من العمل الكنسي الزراعي وذلك في مناطق شتى من الشرق الأوسط، تبعا لتوفر القيادات المحلية والتجاوب الأهلي.
في هذا السياق، نربط ما بين الانماء الزراعي وحماية البيئة من جهة والتنمية الريفية من جهة أخرى. لذلك فان الأقسام المعنية بالامر هي إدارة المشاريع الزراعية ولجنة العدالة البيئية وذلك ان غياب مصارف التسليف الزراعي وتدني نسبة القروض الزراعية الى القروض الخدماتية والريعية لهو امر فاضح كما تدل عليه إحصاءات المصارف وغرف التجارة والصناعة.
إزاء كل ذلك، يجد مجلس كنائس الشرق الأوسط نفسه، كونه معني بالتنمية وبالعدالة الاجتماعية وبمحاربة الهجرة، في مواجهة مباشرة مع النزعة المستشرية في القطاعين العام والخاص في اهمال الزراعة الى حد القضاء عليها.
ليس صدفة ان اول مدير لبرنامج الإغاثة والتأهيل والاعمار في المجلس كان مهندسا زراعيا، وان يكون المجلس من أوائل المؤسسات التي ساندت الانماء الزراعي طيلة فترة ثمانينات القرن الماضي. لقد اخذت البرامج الزراعية حيزاً كبيراً من عملنا آنذاك وقمنا بتوظيف خمسة مهندسين زراعيين في شتى مناطق لبنان وذلك من اجل الوقوف على حاجات المزارعين وتنسيق مشاريع الدعم لهم. لقد ترافق ذلك مع برامج تنمية ريفية اثرت على المجتمعات الريفية ايما تأثير.
نحن اليوم، كما ورد في الإطار الاستراتيجي الذي أقرته اللجنة التنفيذية للمجلس والذي عرضناه مع شركائنا الدوليين، نتهيأ لأطلاق حقبة جديدة من العمل الكنسي الزراعي وذلك في مناطق شتى من الشرق الأوسط، تبعا لتوفر القيادات المحلية والتجاوب الأهلي.
في هذا السياق، نربط ما بين الانماء الزراعي وحماية البيئة من جهة والتنمية الريفية من جهة أخرى. لذلك فان الأقسام المعنية بالامر هي إدارة المشاريع الزراعية ولجنة العدالة البيئية وذلك بتنسيق تام مع دائرة اللاهوت والعلاقات المسكونية كوننا نتعامل مع الخليقة، عطية الخالق للمخلوق.
لقد شكل يوم بجة، تالي يوم الميلاد، يوما نموذجياً لاطلق حملة "أيام التشجير" التي بدأت في منطقة جبيل في جبل لبنان والمطلوب منها ان تعم المشرق برمته وصولا الى وادي النيل.
لقد كان هذا "اليوم"، بما اعطانا من عبر، يوما نموذجيا ومثلاً يُقتدى من جهة حماية البيئة، تعميم الخضار و، اهم من كل ذلك، تحريك المجتمعات المحلية في إطار عمل جماعي يهدف الى نتائج بعيدة المنال، طويلة الأمد.
في خضم هذه الحملة المباركة الموحِدة للجماعات المحلية، لا ننسى اوقاف الكنائس كما اوقاف غير المسيحيين واهميتها في دفع النهضة الزراعية الى الامام وتمتين الاشتراك في الحياة عبر الاشتراك في العمل الجماعي والإنتاج.
ان النهضة الزراعية هي احدى أسس حماية الأوطان اذ انها الوسيلة الفضلى للأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.
نحن اذ نتهيأ في المجلس لإطلاق باكورة العمل الزراعي-البيئي نضع كل هذه الوقائع والاهداف نصب اعيننا ونتوقع ان نحصل على الدعم المادي والتقني الكافيين من اجل إنجاح هذا المشروع.