وداعًا الزميل والأخ والصديق هايل أبو جمرا
هذا الخبر متوفّر أيضًا باللّغة الإنكليزيّة.
بدعوة من مجلس كنائس الشرق الأوسط وبحضور الأمين العام للمجلس د. ميشال عبس، شاركت أسرة الأمانة العامّة للمجلس في بيروت، قبل ظهر اليوم 23 تشرين الثّاني/ نوفمبر 2021، في صلاة جنّاز لراحة نفس الفقيد الغالي الزّميل والمدير الماليّ لمكتب المجلس في سوريا هايل أبو جمرة الرّاقد على رجاء القيامة والحياة ومتممًّا واجباته الدينيّة، في كنيسة نياح السيّدة للرّوم الأرثوذكس في شارع المكحول - رأس بيروت.
ترأّس الصّلاة كاهن كنيسة نياح السيّدة الأب نقولا سميره إلى جانب مدير دائرة الشؤون اللّاهوتيّة والعلاقات المسكونيّة في المجلس الأب د. أنطوان الأحمر. ورفع فريق الأمانة العامّة الصّلاة على نيّة هايل راجيًا من الربّ يسوع أن يشرِكه بقيامته ويكافئه بالأكاليل السّماويّة.
في نهاية الصّلاة ألقت المديرة الماليّة في المجلس منال بشارة بو حبيب كلمة المدير الإقليميّ لدائرة الخدمة والإغاثة في المجلس ومدير مكتب سوريا المهندس سامر لحام الّذي تحدّث فيها عن أبرز المسؤوليّات الّتي تولّاها أبو جمرا في حياته متجذّرًا في إيمانه المستقيم. وقال "على الرغم من مرض هايل واضّطراره للسفر إلى الخارج للعلاج، لم يتوان عن متابعة عمله وواجباته بدقّة وإحترافيّة ولم يبخل في نقل خبراته الماليّة للعاملين معه لأنّه كان يؤمن بأنّ القائد الناجح يترك قيادات ناجحة وراءه ممّا ساهم في عدم تأثّر العمل الماليّ طيلة مدّة علاجه الحرجة.
وأضاف "كثر من العاملين في فريق سوريا كانوا يلجأون إليه طالبين النُصح في بعض القضايا الشّخصيّة فكان أخًا كبيرًا للجميع. صحيح أنّنا نفقد اليوم أخًا عزيزًا ولكنّنا نؤمن بأنّ اللّه يختار دومًا الأفضل للجميع وهو اليوم يمضي ليلاقي وجه ربّه بعد أن إستثمر الوزنات الّتي أُعطيت له بأمانة إذ كان أمينًا على القليل وسيُكافأ على الكثير".
بدوره تقدّم الأمين العام د. ميشال عبس بإسم الأمانة العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط وأعضاء المجلس كافّة من عائلة الفقيد بأحرّ التعازي ووجّه كلمة نوّه فيها برصانة هايل ومهنيّته وخبرته الواسعة، جاء فيها:
عندما يرحل الأبرار
الأبرار يضيئون محيطهم، يشّعّون فيه مِن قيمِهم وما تربّوا عليه من سلوكيّات الحياة والمجتمع.
الأبرار هم أبناء البيعة المؤمنون الصادقون، الذين لا يعملون عكس ما يقولون ولا يضمرون عكس ما يظهرون، ولا يريدون الشرّ لأحد، لا بل أنّ أقوالهم وأفعالهم تنضح بكلّ خير ومحبّة. البيعة هي التي تربّي أبرارها على كلّ ما هو خيّر وهم يبرّون بها. إنه نظام الحياة والمجتمع.
الزميل هايل، لم ألتقه مباشرة إلّا مرّة واحدة خلال جلسة لم تكن قصيرة وكنت وقتها أمينًا للمال، ولكن لقاءاتي معه بالمداورة كانت عديدة عبر ما يقوم به من أعمال داخل المجلس وفي كنف البيعة الأنطاكيّة المباركة.
لن أعدّد مزايا له، فالكثير يعرفها أكثر منّي بحكم مجانبتهم الطويلة له، ولن اسأل أحدًا عنها، فهم يعَبّرون عنها عن تجربة، لذلك هو باق في ذاكرة من عمل معه وأحبّه، ولن أذكر خدماته الكثيرة في الكنيسة فقد وردت في بيان المجلس. كل ما أستطيع أن أقوله، هو أنّ لهفة رفاقه في العمل وقلقهم على صحّته ومحبّتهم عند ذكره، لَهيَ أدلّة كافية على ما كان عليه الرجل من خُلق ومناقب. أقلّ ما سمعته عنه أنّه شهم، عميق الإنتماء لكنيسة المسيح ويقوم بعمله باحتراف.
لقد حزّنا كثيرًا عند مرض هايل وتابعنا الأمر باهتمام وقلق، وعندما علمنا أنّه قد عاد إلى بيته ظننا أنّه قد تخطى مرحلة الخطر، لذلك فوجئنا جدًا عند إعلان رقاده.
لقد عمل هايل من ضمن فريق عمل كبير، أدار مشاريع المجلس في الشام، وهذا الفريق مميّز لما يكتنزه من دراية ومناقب. لقد قام هذا الفريق بإنجازات أساسيّة لخدمة المجتمع السوري في الشام، وحاز على تقدير الشركاء الدوليّين وقيادات الكنيسة على حد سواء. في هذا البناء المتراص، كان هايل لبنة أساسيّة حيث أشرف على ماليّة المشاريع بكل الأمانة والحرفيّة المطلوبتين. لذلك استحق ثقة وثناء الجميع. هايل كان أيضًا من قادة الرأي في محيطه.
الآن، إذ جدّ هايل بالرحيل، نقول أنّ الكنيسة والمجلس قد خسرا عضاضة من عضاضاتهم وأن الزملاء قد خسروا صديقًا صدوقًا كانوا يركنون إليه.
عندما يرحل الأبرار يتركون وراءهم دفئًا من الصعب إيجاد نظيره وفراغًا من الصعب ملؤه، ويَبقون في البال ذكرى وفي الذاكرة الجماعيّة سمعة حسنة وأفضل ما فيهم أنّ ما قاموا به يُقتدى.
عندما يرحل الأبرار، نصلّي لهم ونقول لأسرته العزيزة ولبعضنا بعضًا: المسيح قام!