الإعلام المسيحي... نحو القيامة
كتبت ماري تيريز كريدي
أرخى العام 2020 بثقله على لبنان، البلد المتوسطي الصغير، الذي لطالما إعتبر نموذجاً للعيش المشترك والتعددية والحوار. وفي ذكرى المئوية الأولى على إعلان دولة لبنان الكبير، يواجه اليوم أسوأ أزمة إقتصادية وإنسانية في تاريخه، تهدد هويته الفريدة ورسالته في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
وقد أتى إنفجار الرابع من آب 2020 ليضيف فصلاً كارثياً جديداً على حياة اللبنانيين، فتسبب بمقتل قرابة المئتي شخص، وإصابة حوالي 6500 و تهجير 300 ألف وفق الإحصاءات الرسمية، وأصاب أحياءً تنتشر فيها أبرز الكنائس والمستشفيات والمدارس وغيرها من المؤسسات المسيحية. وقد نال الإعلام حصته من الإصابات البشرية والبنيوية، ومن أكثر المؤسسات تضرراً كانت استوديوهات مجموعة تيلي لوميار-نورسات التي أصيبت بدمار هائل في منطقة مار مخايل مقابل مرفأ بيروت.
هذه المؤسسة التي ناضلت لسنوات وجمعت فلس الأرملة من أجل تطوير أستويوهات حديثة، وضعت فيها تقنيات متقدمة، إستخدمتها لبث أهم البرامج الصباحية والمسائية المباشرة التي تطل من خلالها على العالم ناقلة البشرى السارة إلى أقاصي الأرض، تعاني اليوم من خسارة هائلة قدرت بحوالي المليوني دولار بين أضرار هيكلية و معدات وديكور وأضرار إضافية لحقت بالمبنى الرئيسي للقناة، حيث نجا الموظفون بقدرة إلهية.
رغم الضرر اللاحق بها، تخطت جراحها وتابعت نضالها فنقلت البث إلى منطقة الدورة-البوشرية ، حيث الأستوديو القديم " البدائي" وأطلقت عبر برامجها شبكة تواصل بين ضحايا الإنفجار والمؤسسات الإنسانية وعاملي الإغاثة وكل من أراد تقديم المساعدة للإنسان المتألم في بيروت، وإنتشر مراسلو المحطة في شوارع بيروت ليحملوا صوت الذين لا صوت لهم إلى العالم وينقلوا رسالة رجاء من وسط الظلمة.
بين 4 آب 2020 و4 تشرين الأول 2020 عشرات الساعات من البث المباشر غطت خلالها القناة الصلوات و القداديس و اللقاءات و الأمسيات والترانيم التي صلت لبيروت ولضحاياها، وواصلت رسالتها في خدمة الإنسان والوطن.
أمام هول الكارثة الإنسانية، دموع الأمهات، أوجاع الجرحى، عذاب عائلات المفقودين، يبقى الإنسان هو الأهم، وتبقى رسالة الإعلام المسيحي أن يزرع السلام والرجاء والإيمان وسط المصاعب و المعاناة، أن يكون صوت الحق رغم التحديات.
إن وجود شبكة تيلي لوميار-نورسات في شرقنا المتألم من علامات حضور الله بيننا، وتبقى مدرسة في النضال والكفاح، فهي على مثال المعلم، مهما رزحت تحت ثقل الصليب، تعود لتنهض من جديد مدركة أنها تسير على درب القيامة.