عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة
تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة، يوم الأحد 18 آب/ أغسطس 2024، في المقرّ الصيفي للبطريركيّة المارونيّة في الديمان، لبنان.
"المطلوب واحد، ومريم اختارت النصيب الأفضل" (لو 10: 42) .
1. المطلوب الواحد، هو سماع كلام الله قبل البدء بأيّ عمل أو مشروع، وقد "إختارته مريم نصيبًا أفضل لا يُنزع منها"(لو 10: 42). فامتدحها يسوع من دون أن يلوم أختها مرتا المنهمكة بالخدمة، بل نبّهها بأنّ عملنا يأتي صالحًا ومثمرًا عندما يستنير بسماع كلام الله، فينال قوّة وديناميّة وحبًّا في الخدمة والعطاء.
2. يسعدني أن أحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهيّة، وأرحّب بكم جميعًا، رافعين صلاتنا إلى المسيح-الكلمة لكي يمنحنا نعمة الإستماع لكلامه الحيّ. فيصير عندنا كلمة حياة تقدّس كلّ عمل ونشاط نقوم به مهما كان صغيرًا، ويصير فينا ثقافة حياة تدلّ إلى أنّنا مسيحيّين.
وأوجّه تحيّة خاصّة إلى المهندس مارك بطرس جبّور، رئيس إقليم الكورة وجبّة بشرّي، لحزب الكتائب اللبنانيّة مع الوفد المرافق.
كما أحيّي أيضًا فريق النور- جمعية العناية الإلهية لذوي الاحتياجات الخاصة من أبرشيّة طرابلس، تقيم مخيّمها الصيفيّ في حدشيت.
وأحيّي الوفد الكبير من رعيّة المعمريّة –أبرشيّة صيدا، الذين يقومون بزيارة تقويّة إلى بقاعكفرا والوادي المقدّس. نتمنّى لهم زيارة مباركة.
وأعبّر عن قربي من عائلات المصابين بالأمس في مرجعيون والقليعة وأصلّي من أجل شفائهم العاجل، وإحلال سلام عادل وشامل في المنطقة.
3. يسوع المسيح هو الكلمة الإلهيّة التي نسمعها ونتأمّل فيها، وهو "المطلوب الواحد". ذلك أنّه يخاطب كلّ إنسان، ويعطي جوابًا على كلّ سؤال. "نطلبه" في الفرح وفي الحزن، في الصحّة والمرض، في الغنى والفقر، في حالات الظلم والاستبداد والاعتداء. وحده يعرف كيف يتضامن مع كلّ إنسان، ويقطع معه طريقه في هذه الحياة.
يذكّرنا القديّس البابا يوحنّا بولس الثاني "أنّ كلام الله يحمل قوّة وسلطانًا عظيمين، بحيث يصبح للكنيسة ركنًا عظيمًا وعزّة، ولأبناء الكنيسة منعة الإيمان، ولنفوس المؤمنين غذاءً، ولحياتهم الروحيّة معينًا لا ينضب" (رجاء جديد للبنان، 39).
من أجل هذه الغاية، ينبغي، أن نرافق بالصلاة قراءة الكتب المقدّسة، فنستطيع عندها الدخول في حوار مع الله، لأنّنا، كما يقول القدّيس أمبروسيوس، "عندما نصلّي، نتكلّم مع الله، وعندما نقرأ كلامه وآياته نسمعه" (راجع الدستور العقائديّ "كلمة الله" 25).
4. نحن نُقبل إلى المسيح الربّ الذي على مائدة كلامه ومائدة جسده ودمه، يبني حياتنا وحياة كنائسنا (القديّس البابا يوحنّا بولس الثاني: رجاء جديد للبنان، 39). إنّ الأحداث التي نعيشها في بلدان الشرق الأوسط، وهي نزاعات وحروب وإرهاب وعنف ومضايقات للمسيحيّين والأقليّات الدينيّة والإتنيّة، ولا سيّما في سوريا والعراق، إنّما تطرح على إيماننا أسئلة خطيرة، فلا بدَّ من أن نقرأ هذه الأحداث في ضوء كلمة الله، ما يقتضي أن تتوفّر لنا تنشئة منظّمة وثقافة دينيّة، وحياة روحيّة عميقة، لكي نستطيع السير على خطى المسيح، وفي الطريق الذي يرسمه لنا ويمشيه معنا، لكي نعيش مقتضيات إيماننا في ظروف حياتنا اليوميّة (المرجع نفسه).
5. دور الكنيسة والمسيحيّين المحافظة على صورة المسيح في كلّ إنسان. فابن الله صار إنسانًا ليُعيد للإنسان بهاء إنسانيّته أي جمال صورة الله فيه. لقد سمّاه بولس الرسول: "صورة الله غير المنظور لكي يكون البكر، أي المولود الأوّل بين إخوة كثيرين" (كول 1: 15؛ أفسس 1: 3-6). فهو المثال والقدوة لكلّ إنسان:فقد فكّر بعقل إنسان ولم يقل إلّا الحقيقة بلسان إنسان؛ وأحبّ بقلب إنسان؛ وصنع الخير بإرادة إنسان؛ وبارك وأعطى بيد إنسان…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.