رسالة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة
يصادف هذا الثلاثاء اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة الذي تُحييه منظمة الأمم المتحدة في الثالث من كانون الأول ديسمبر من كل عام، وقد خصص من قبل المنظمة الأممية منذ العام 1992 لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة من أجل زيادة الفهم لقضايا الإعاقة ودعم التصاميم الصديقة للجميع بغية ضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. كما يدعو هذا اليوم إلى زيادة الوعي في إدخال أشخاص لديهم إعاقات في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية.
للمناسبة وجه البابا فرنسيس رسالة استهلها مشددا على أن النظرة الإيمانية ترى في كل أخ وأخت حضور المسيح نفسه الذي يعتبر أن كل عمل محبة نصنعه مع الأخوة والأخوات نصنعه معه هو. وأكد فرنسيس أن تعزيز الحق في المشاركة يلعب اليوم دورا بالغ الأهمية من أجل التصدي للتمييز وتعزيز ثقافة التلاقي وتوفير حياة جيدة. وأشار إلى أن إنجازات كثيرةً تم تحقيقها حيال الأشخاص من ذوي الإعاقات لاسيما في المجال الطبي والرعائي، ومع ذلك ما تزال حاضرة ثقافة الإقصاء ما أدى إلى فقدان هؤلاء الأشخاص للشعور بالانتماء والمشاركة.
ورأى البابا أن هذه الأمور كلها لا تتطلب صون حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وحسب، لكنها تحثنا على جعل العالم أكثر إنسانيةً وتذليل العقبات والأحكام المسبقة، والسماح لهم بعيش حياة تؤخذ فيها في عين الاعتبار كل أبعاد الكائن البشري.
بعدها لفت فرنسيس إلى أهمية الاعتناء بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في جميع مراحل حياتهم وكل الظروف التي يمرون بها، مع اللجوء أيضا إلى ما توفّره التكنولوجيا في هذا المضمار. ولا بد من الاعتناء، بحنان وحزم، بالأشخاص المهمشين، ومرافقتهم واحترام كرامتهم كيما يشاركوا بطريقة فاعلة في حياة الجماعة المدنية والكنسية. لم يخف البابا أن هذه المسيرة متطلبة وشاقة، لكنها تساهم في تنشئة ضمائر قادرة على النظر إلى كل فرد على أنه شخص فريد ولا مثيل له.
هذا ثم ذكّر فرنسيس بالأشخاص "المنفيين بالخفاء" الذين يعيشون داخل بيوتنا وعائلاتنا ومجتمعاتنا، والذي سبق أن تحدث عنهم في خطابه إلى أعضاء السلك الدبلوماسي المتعمد لدى الكرسي الرسولي في الثاني عشر من كانون الثاني يناير من العام 2015. وقال إن فكره يتجه إلى أشخاص من جميع الأعمار الذين، وبسبب احتياجاتهم الخاصة، قد نعتبرهم عبئاً لنا، وقد يتعرضون للتهميش والإقصاء، ويُحرمون من حقوقهم المشروعة في الحصول على فرص عمل والمشاركة في صنع مستقبلهم. واعتبر أن كل شخص يحمل إعاقة ما، حتى إذا كانت إعاقته معقدّة وخطيرة، يمكنه أن يساهم في تحقيق الخير العام من خلال سيرة حياته الخاصة والفريدة.
من هذا المنطلق – مضى البابا إلى القول – لا بد أن نُقر بكرامة كل كائن بشري مدركين تماماً أن هذه الكرامة لا تعتمد على قدرته على استخدام الحواس الخمس. وهذا ما يعلمنا إياه الإنجيل. وكان فرنسيس قد تطرق إلى هذا الموضوع في حديث مع المشاركين في مؤتمر نظمه مجلس أساقفة إيطاليا بشأن المعوقين في حزيران يونيو من العام 2016. تابع البابا رسالته قائلا إنه ينبغي أن نطوّر لدينا الأجسام المضادة ضد ثقافة تنظر إلى أشخاص من الفئة الأولى وآخرين من الفئة الثانية لأن هذا الأمر يشكل خطية اجتماعية. لا بد أن نتسلح بالشجاعة اللازمة كي نعطي صوتاً لضحايا التمييز بسبب احتياجاتهم الخاصة، لأنه وللأسف لا يُنظر إلى هؤلاء اليوم، في بعض الدول، على أنهم أخوة وأخوات لنا يتمتعون بالكرامة نفسها.
لم تخل رسالة البابا من الإشارة إلى ضرورة سن قوانين ملائمة وتذليل العراقيل المادية، لكن هذا ليس كافياً إذ يجب أن تتبدّل الذهنية، وأن نتخطى ثقافة سائدة تستمر في عدم اعتبار الأشخاص متساوين، وتمنع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من أي مشاركة فاعلة في الحياة العادية. هذا ثم لفت البابا إلى أن ما تم إنجازه في السنوات الماضية ليس كافياً لأن الأحكام المسبقة تضع حدوداً للحصول على التربية وفرص العمل والمشاركة لأن المعوقين يحتاجون للانتماء إلى جماعة ما.
في ختام رسالته لمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة وجّه البابا فرنسيس كلمة تشجيع إلى جميع الأشخاص الذين يعملون مع أشخاص من حاملي الإعاقات وطلب منهم أن يواصلوا خدمتهم القيّمة التي يُقاس من خلالها مدى تحضّر المجتمعات. وقال إنه يصلي كي يشعر كل شخص بأن الله ينظر إليه، ويثني على كرامته والقيمة المطلقة لحياته.
المصدر: Vatican News