عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في القدّاس الإلهيّ بكنيسة السّيّدة العذراء والقدّيس الأنبا تكلا هيمانوت بمدينة العبور عقب تدشينها

241695758_214637260708270_1979617965212967269_n.jpg

تجدون في التالي عظة قداسة بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة البابا تواضروس الثاني في القدّاس الإلهيّ بكنيسة السيّدة العذراء والقدّيس الأنبا تكلا هيمانوت بمدينة العبور، مصر، عقب تدشينها، يوم الاثنين ١٣ أيلول/ سبتمبر 2021:

بإسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين، تحلّ علينا نعمته وبركته من الآن وإلى الأبد آمين.

كلّ سنة وأنتم طيبين بمناسبة عيد النيروز، وهو عيد نحن ننفرد به عبر كل كنائس العالم، نحتفل به امتدادًا من الحضارة الفرعونية القديمة، كانت الحضارة الفرعونية حضارة غنية وكان لها تقويم خاص بها، وعندما أتت المسيحية في القرن الأول الميلادي على يد القديس مارمرقس الرسول واستشهد في مدينة الإسكندريّة ونالت الإسكندريّة الإيمان بالمسيح وصارت أوّل كنيسة في قارة أفريقيا تنال هذا الإيمان، وعاش المسيحيون في مصر عصور كثيرة وكان من أشدها عام ٢٨٤م وهو العام الذي اعتلى فيه الملك دقلديانوس عرش الإمبراطورية الرومانية، وكان طاغية ومضطهدًا شديدًا للمسيحين، على يديه استشهد المئات ويقال في زمنه استشهد حوالي ٨٠٠٠٠٠ مسيحي في مصر وخارج مصر، ولأن تاريخه كان حاسمًا في مسيرة المسيحية على أرض مصر اختار الأقباط السنة التي أعتلى فيها العرش ٢٨٤م وجعلوها بداية السنة القبطية الجديدة.

ويعرف هذا التقويم بتقويم الشهداء أو التقويم القبطي، صارت السنة القبطية واسماء شهورها مأخوذه من أسماء التقويم المصري القديم (توت - بابه - هاتور....إلخ)، وتمتاز السنة القبطية بأنها سنة حسابية، فالسنة الميلادية والهجرية سنة فلكية ولكن السنة القبطية سنة حسابية وعدد الأيام الموجودة بكل شهر من شهورها ٣٠ يومًا، وأضيف شهر صغير سمي بأيام النسئ ويكون ٥ أو ٦ أيام.

وعاش التقويم حتى اليوم وهذا يفسر لنا لماذا يكون مواعيد الاحتفالات لدينا مختلفة عن الغرب، لأننا نسير على هذا التقويم وأعيادنا مضبوطه على هذا التقويم القبطي، نحتفل بعيد النيروز في بداية السنة القبطية ويستمر أحتفالنا بالطقس الفريحي حتى ١٧ توت (عيد الصليب) الذي نحتفل به لمدة ثلاثة أيام، وتمضي مسيرة السنة الكنسية بكل أعيادها ومناسبتها وتذكارتها.

ونحن نحتفل بعيد الشهداء قد نظن أنه عيدًا قديمًا، ولكنّ اللّه أنعم في الأزمنه المعاصرة أن نسمع عن وجود شهداء وأن نراهم ونعرفهم، فصار هناك شهداء معاصرين ولذلك اختارت الكنيسة أن تعيد مرة أخرى للشهداء الجدد واختارت يوم (١٥ فبراير) من كل عام وهو تذكار دخول السيد المسيح إلى الهيكل، واختارت هذا اليوم لأنه تذكار شهداء ليبيا، واختارنا هذا اليوم ليمثل كل الشهداء ونحتفل به ويكون يوم فرح.

أريد أن أتكلم معك عن نوعيات من الشهداء وأقصد نوعيات روحياتهم:

النوعية الأولى: الشهداء الذين سفكوا دمائهم، هؤلاء الشهداء قدموا الحياة كلها مثل القديس مارمينا والقديسة دميانة والكثير من الشهداء، هؤلاء هم شهداء الدم، وشهادة الدم في التاريخ القبطي كانت لسببين: شهداء من أجل الإيمان، شهداء من أجل العفاف والقصص كثيرة جدًا مثل قصة القديسة ثيؤدورة والقديس ديديموس هؤلاء وغيرهم هم شهداء الدم، وشهداء الدم موجودين في كل زمن وفي زماننا أعطانا اللّه أن نحيا لمحات من عصور الإستشهاد مثل شهداء كنيسة البطرسية وشهداء طنطا وشهداء المرقسية وشهداء نجع حمادي وشهداء العريش وشهداء ليبيا، وشهادة الدم أثمن شيء.

النوعية الثانية: شهداء العرق، رمز للجهد والتعب والبذل والتضحية، وهم المعلمين المدافعين عن العقيدة الذين تحملوا آلام كثيرة ونسميهم المعترفين، وقد يكون الخادم أو الخادمة أو الراعي الذي يبذل نفسه وللقديس يوحنا ذهبي الفم عبارة خالدة " الشهيد يموت مرة واحدة من أجل سيده، والراعي يموت كل يوم من أجل قطيع سيده" "كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ." (رو 8: 36). والأب والأم ينالون إكليل التربية وإذا أهملوا لا ينالوا هذا الأكليل، فشهداء العرق هم الذين يبذلون جهدًا ويقدموا وقت وفكر.

خدمة الافتقاد شكل من أشكال الشهادة، وقيسوا على هذا نوعيات متعددة، الإنسان الأمين في حياته وعمله ودراسته هذا يعتبر شكل من أشكال الشهادة أيضًا والنوعيات تتعدد في مجال الأسرة والدراسة والعمل والمجتمع.

النوعية الثالثة: شهدء الدموع، والدموع تعبر عن المشاعر الداخلية "حَوِّلِي عَنِّي عَيْنَيْكِ فَإِنَّهُمَا قَدْ غَلَبَتَانِي." (نش 6: 5). دموع الإنسان المصلي تغلب اللّه، الدموع تعبير عن روح الصلاة العميقة التي يقدمها الإنسان وقد تكون دموع التوبة وطلب الرحمة ودموع الحياة النقية، والدموع التي ترافق كلماتك وصلواتك، هؤلاء الذين يقضون أوقاتًا في الصلاة والتسبيح والترنيم هؤلاء يقدموا الدموع من أعماق قلوبهم ويرفعوا هذه الدموع توسلًا أمام اللّه ليقبل توبتهم و يحفظ نقاوتهم …

هذه العظة نُشرت على صفحة المتحدّث الرسمي بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

قرار البطريركيّة المارونيّة بشأن المناولة إبتداءً من عيد إرتفاع الصّليب المقدّس في ١٤ أيلول/ سبتمبر ٢٠٢١

Next
Next

فى بدايته.. 75 مناسبة تحتفل بها الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة فى شهر توت بحسب التقويم القبطيّ