أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين ٢٠٢٤: محبة اللّه ومحبة القريب

رؤساء الكنائس يرقعون الصلاة معًا.

يقام هذا الأسبوع في نصف الكرة الشمالي من ١٨ وحتّى ٢٥ كانون الثاني/ يناير، بينما في نصف الكرة الجنوبي غالبًا ما يتمّ الإحتفال به في يوم عيد العنصرة. لكن الموضوع مشترك ويتمحور هذا العام حول إنجيل القدّيس لوقا: "أحبب الرب إلهك… وأحبب قريبك حبك لنفسك". وقد أعدّ الكتيّب، الّذي نشرته دائرة تعزيز وحدة المسيحيّين ومجلس الكنائس العالمي، مجموعة من بوركينا فاسو، بالتعاون مع جماعة "Chemin Neuf".

أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين ٢٠٢٤: محبّة اللّه ومحبّة القريب

يا معلّم، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبديّة؟"؛ فقال له يسوع: "ماذا كتب في الشريعة ؟ كيف تقرأ؟"، فأجاب: "أحبب الربّ إلهك بكلّ قلبك … وأحبب قريبك حبّك لنفسك". فقال له: "بالصواب أجبت". "أحبب الربّ إلهك بكل قلبك… وأحبب قريبك حبّك لنفسك". إنّها الكلمات الّتي قالها يسوع لمعلّم الشريعة، والّتي تبعها مثل السامري الصالح الّذي يشرح من هو القريب، وهي موضوع أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين لهذا العام. وقد تمّ إعداد نصوص التعليقات والصلوات والإرشادات حول كيفيّة عيش هذا الأسبوع من قبل مجموعة مسكونيّة من بوركينا فاسو، بتنسيق مع الجماعة المحليّة لـ "Chemin Neuf". وأشار أعضاء الجماعة أن عيش خبرة العمل معًا كان مسيرة حقيقيّة للارتداد المسكوني، حملهم لكي يعترفوا أنّ محبّة المسيح توحّد جميع المسيحيّين وهي أقوى من انقساماتهم. فسأله يسوع: "فمن كان في رأيك، من هؤلاء الثلاثة، قريب الّذي وقع بأيدي اللّصوص؟"، فقال: "الّذي عامله بالرحمة"، فقال له يسوع: "اذهب فاعمل أنت أيضا مثل ذلك".

إنّ التعايش الاجتماعي ليس بالأمر السهل في بوركينا فاسو، دولة في غرب أفريقيا يسكنها ٢١ مليون شخص ينتمون إلى حوالي ستين مجموعة عرقية، وحوالي ٦٤% من السكان هم مسلمون، و٩% منهم يعتنقون الديانات الأفريقية التقليدية، و٢٦% هم مسيحيون (٢٠% كاثوليك، ٦% بروتستانت). وبعد الهجوم الجهادي الخطير في عام ٢٠١٦، تدهورت الظروف الأمنية والتماسك الاجتماعي في البلاد بشكل مأساوي. وقد أدى انتشار الهجمات الإرهابية وغياب الشرعية والاتجار بالبشر إلى مقتل ثلاثة آلاف شخص ونزوح حوالي مليوني شخص داخليا؛ وقد تم إغلاق آلاف المدارس والمراكز الصحية، كما تم تدمير جزء كبير من البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية. وتعرضت الكنائس المسيحية بشكل خاص لهجمات مسلحة: وقُتل كهنة ورعاة وأساتذة التعليم المسيحي، واختطف آخرون. وبسبب الإرهاب، تم إغلاق معظم دور العبادة المسيحية في شمال وشرق وشمال غرب البلاد. ولا تزال الاحتفالات ممكنة فقط في المدن الكبرى وتحت حماية الشرطة.

وفي هذا السياق، وعلى الرغم من كل شيء، ينمو نوع من التضامن بين الأديان ويعمل قادتها على تحقيق المصالحة والتماسك الاجتماعي. ومن الأمثلة على ذلك لجنة الحوار المسيحي الإسلامي التابعة لمجلس الأساقفة الكاثوليك في بوركينا فاسو والنيجر، والتي تبذل جهوداً ملحوظة لتعزيز الحوار والتعاون بين المجموعات العرقية المختلفة. إن محبة القريب التي تذهب أبعد من أي انتماء أمر به يسوع قد وُضعت محطّ الاختبار ولكن شهادة المسيحيين تبدو أكثر ضرورة في ذلك البلد. هناك بين المسيحيين في بوركينا فاسو، كما نقرأ في النص الذي يقدم الأسبوع، رغبة حية ووعي لإعادة اكتشاف وحدتهم في المسيح، وتدرك الجماعات أن الانقسامات بين المسيحيين لا تجرح الكنيسة فحسب، بل المسيح أيضًا، ولهذا السبب بنوا الجسور من خلال الالتزام "بطريقة لا رجعة فيها باتباع طريق البحث المسكوني، واضعين ذواتهم هكذا في الإصغاء إلى روح الرب.

بعد عملية الصياغة الأولية، اجتمعت مجموعة دولية تم تعيينها بشكل مشترك على الجانب الكاثوليكي من قبل دائرة تعزيز وحدة المسيحيين ولجنة الإيمان والمؤسسة التابعة لمجلس الكنائس العالمي في روما في أيلول سبتمبر ٢٠٢٢، لتراجع وتصوغ، مع مجموعة التحرير المحليّة المسودة النهائية لنصوص أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين لهذا العام، والتي تم نشرها وهي متاحة للمسيحيين في جميع أنحاء العالم، وتتضمّن ثمانية برامج للاحتفال بكلمة الله، تهدف إلى تعزيز الصلاة المشتركة مع الإخوة والأخوات من مختلف الطوائف الموجودة في مختلف المناطق.

لقد صلى يسوع لكي يكون تلاميذه واحدًا، لكن الطريق ليس سهلاً: "إنَّ نقص المعرفة المتبادل بين الكنائس - نقرأ في الدليل الذي تمَّ إعداده للاحتفال بأسبوع الصلاة من أجل الوحدة – والشك المتبادل يضعفان الالتزام بالسير على الطريق المسكوني. وقد يخشى البعض من أن تؤدي المسكونية إلى فقدان الهوية الطائفية وتعيق "نمو" كنيستهم. إن السير على درب المسكونية يحتاج إلى الثقة والرجاء. ومن الضروري، كما نقرأ كذلك، "أن تقوم الكنائس بإدراج المبادرات المسكونية في خططها الرعوية وبتعزيز التنشئة المسكونيّة بين العاملين الرعويين وجميع المؤمنين. إن الارتداد الروحي والرعوي والكنسي الحقيقي بدون اقتناص هو أمر ضروري للحوار المسكوني الحقيقي. إن وحدة المسيحيين هي نعمة علينا أن نطلبها من الله في الصلاة"…


هذا التقرير نُشر على موقع فاتيكان نيوز، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

‎قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني يستقبل أخاه غبطة البطريرك روفائيل بدروس الحادي والعشرين ميناسيان

Next
Next

رسالة غبطة البطريرك الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا لأحد كلمة اللّه