الوباء فرصة لنموِّ الحوار المسكونيّ

الوباء فرصة لنموِّ الحوار المسكونيّ (Vatican Media)

"العمل المسكوني في زمن الجائحة. من الأزمة إلى الفرصة" هو عنوان وثيقة العمل الّتي قدّمها بعد ظهر الخميس ٢٠ كانون الثّاني/ يناير ٢٠٢٢ المجلس البابويّ لتعزيز وحدة المسيحيّين في لقاء عُقد في جامعة القدّيس توما الأكويني الحبريّة في روما. وهي نتيجة دراسة إستقصائيّة أجريت في عام ٢٠٢١ بين جميع مجالس الأساقفة الكاثوليك وسينودسات الأساقفة الشرقيّين الكاثوليك في العالم.

في كانون الثّاني/ يناير عام ٢٠٢١، تمّ إرسال ١٤٢ إستبيانًا إلى مسؤولي العلاقات المسكونيّة في جميع المجالس الأسقفيّة وسينودسات الأساقفة الشرقيّين الكاثوليك في العالم. ونتيجة هذا الإستطلاع هي أساس وثيقة العمل المكونة من خمسين صفحة بعنوان "العمل المسكوني في زمن الجائحة. من الأزمة إلى الفرصة"، والتي قدمها المجلس البابوي لتعزيز وحدة المسيحيّين بعد ظهر الخميس ٢٠ كانون الثاني/ يناير، في حلقة نقاش نظمتها جامعة القدّيس توما الأكويني الحبريّة في روما.

يستند موضوع الإستطلاع والوثيقة إلى قول البابا فرنسيس "نحن جميعًا في السفينة عينها"، والذي تكرر في العديد من الأجوبة على الإستبيان. يبدو أن كلمات أسقف روما هذه لا تنطبق على رجال ونساء عصرنا وحسب، وإنما تنطبق أيضًا على الكنائس المختلفة. بالنسبة للأب هياسينث ديستيفيل، مسؤول القسم الشرقي في المجلس البابوي لتعزيز وحدة المسيحيين، "هذه هي الثمرة المسكونية الأولى لهذا الوباء، الوعي لكوننا عائلة مسيحية واحدة؛ ووعيٌ متجذر في خبرة مصير مشترك. نحن جميعًا في مسيرة نحو مصير مشترك وهو القيامة".

خلال عامين من إنتشار الوباء ولا سيّما خلال عام ٢٠٢١، وهو العام الذي يشير إليه هذا الإستطلاع الشامل، تمت إعادة اكتشاف رابط جديد وتضامن جديد. وإذا كانت فترة معقدة بالنسبة لمئات الملايين من الأشخاص، الذين حُرموا من الروابط العاطفية والاتصال الجسدي وأجبروا على التكيف مع التنقلات المحدودة، فقد تحولت القيود في أكثر من مناسبة إلى فرص. وفي هذا السياق تشير الوثيقة إلى العديد من الأمثلة، سواء في مجال المسكونية الروحية، والصلاة المشتركة، والصلاة عبر الإنترنت. كما لاحظ بعض الأساقفة أيضًا أن أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين لم يشهد ابدًا مشاركات كما كان الأمر عليه في العام الماضي. "كانت هناك العديد من المبادرات المشتركة، والإعلانات المشتركة، والإجراءات المشتركة مع الحكومات، والبرامج المسكونية لمساعدة جميع المجموعات المختلفة من الأشخاص المتضررين بطريقة أو بأخرى من الأزمة"، يلاحظ الأب ديستيفيل، مستشهداً بالبرنامج المسكوني للمسنين والأشخاص المعزولين بسبب الوباء والذي تمَّ تحقيقه في الهند، أو للطلاب في هولندا، وهما دولتان يمثل فيهما الكاثوليك أقلية. لقد وُلدت جميع هذه المبادرات أثناء الوباء وربما لم تكن لترى النور لولا فيروس الكورونا. كذلك تدرك الكنائس المسيحية معًا أنها تتمتع بقوة أكبر. لذلك اجتمعت لكي تقدّم برامجًا في مجال الأعمال الخيرية، ولاسيما لمساعدة الفئات الأشد فقرًا وضعفا. وقد تمكّن المسيحيون من التحدث بصوت واحد وكان لهم ثقلٌ أكبر لدى الحكومات. فقد ناشدوا ومارسوا ضغوطًا وأحيانًا ضغطوا على المدراء التنفيذيين من أجل احترام الحرية الدينية، التي لم تكن تُعتبر دائمًا أولوية في وقت الإغلاق.

هذا التضامن، الذي سمح الوباء بإعادة اكتشافه وسهّله، قد أدى في الواقع إلى زيادة عدد مناسبات اللقاء والحوار. فالتقى رؤساء الكنائس، غالبًا عبر الإنترنت، على سبيل المثال في الحوارات اللاهوتية للمجلس البابوي لتعزيز وحدة المسيحيين، مما أدى غالبًا إلى خط فكري مشترك عزّز صياغة وثائق مشتركة. على المستوى المحلي، وهذا يظهر أيضًا في ملخص الإستطلاع، نظر الناس إلى بعضهم البعض أكثر من قبل. وبما أنَّ العديد من الأحداث تم بثها على الإنترنت - لاحظ الأب ديستيفيل - تمكن البروتستانت من مشاهدة القداس الكاثوليكي، وتمكن الكاثوليك من مشاهدة الصلوات الإنجيلية، وبالتالي لم يؤد ذلك إلى فهم متبادل أفضل فحسب، بل أدى أيضًا إلى وعي وإدراك أفضل.

في حين أن الوباء قد عزز العلاقات المسكونية وسهلها، إلا أن الوحدة الكاملة لم تتحقق. وبالتالي تسلط الوثيقة الموجزة الضوء على ثلاث من أكثر القضايا الحساسة التي ظهرت خلال حالة الطوارئ الصحية. الاختلافات اللاهوتية والليتورجية، والتي ليست جديدة، ولكن ربما قد تكون الجائحة قد زادتها، ولاسيما فهم المكان المقدس. للأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت علاقة مختلفة مع المكان المقدس، وفهم مختلف للأسرار، ولضرورة الحضور الجسدي لنوال الأسرار، وكذلك أيضًا مفهوم مختلف للكنيسة. وهذه ليست خلافات جديدة…

هذا التقرير نُشر على موقع فاتيكان نيوز، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

سيادة المطران غالاغير يزور لبنان ليحمل قرب الأب الأقدس

Next
Next

كنائس حلب تشارك في الصّلاة من أجل الوحدة... أنظار العالم تتّجه إلى المشرق مهد الإيمان والنور