عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في إعادة تكريس لبنان والشرق الأوسط لقلب يسوع الأقدس ولقلب مريم الطاهر
تجدون في التّالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في إعادة تكريس لبنان والشرق الأوسط لقلب يسوع الأقدس ولقلب مريم الطاهر، وذلك يوم الأحد 16 حزيران/ يونيو 2024، في سيّدة لبنان - حريصا.
"بل الطوبى للذين يسمعون كلمة اللّه ويحفظونها" (لو 11: 28)
1. إرتفع يسوع من علاقة الأمومة الدمويّة بينه وبين أمّه، إلى العلاقة الروحيّة بينه وبين من يسمع كلامه ويحفظه. وكأنّه أراد أن يبيّن سرّ أمومة مريم. فهي أوّلًا أمومة روحيّة بدأت بقبولها كلمة اللّه في قلبها بالإيمان والرجاء والمحبّة. وهذه الكلمة تحوّلت جنينًا في حشاها. وهكذا نحن بقبولنا كلمة اللّه بإيمان في قلوبنا، نعطيها جسدًا في أعمالنا.
2. يسعدنا أن نلتقي اليوم باحتفالنا في هذه الليتورجيا الإلهيّة، التي بها نجدّد تكريس لبنان وبلدان الشرق الأوسط لقلب يسوع الأقدس، ولقلب مريم الطاهر. ونكرّس ذواتنا لهذين القلبين المقدّسين. فإنّي أحيّي وأشكر كلّ الذين ضحّوا في اعداد هذا الاحتفال المبارك وفي زينة الشوارع، وقاموا بمسيرة روحيّة من الصرح البطريركيّ في بكركي إلى مزار سيّدة لبنان-حريصا.
"بتكريس ذواتنا وكنيستنا ووطننا لبنان والشرق الأوسط إلى قلب يسوع الأقدس، فإنّنا من معينه نرتوي المحبّة والرحمة والغفران، ومن فيض نعمه نتقدّس ونتجدّد في إنسانيّتنا، ومن مدرسته نعود نتعلّم الوداعة والتواضع، وننبذ الكبرياء والإدّعاء".
"وبتكريسنا لقلب مريم الطاهر، أمّ الكنيسة وسلطانة الورديّة المقدّسة، نسألها أن تساعدنا لنعمل مشيئة الآب الأزليّ، ونعيش شركة المحبّة فيما بيننا، ونشهد للقيم الإنسانيّة والمسيحيّة في حياتنا العائليّة والإجتماعيّة والوطنيّة، ونلتزم تعزيزها في لبنان والشرق. ونلتمس منها، هي أمّ جميع الشعوب وملكة السلام، وهي تعرف آلام الناس وأفراحهم، مخاوفهم وآمالهم، أن تقي بشفاعتها هذه المنطقة من كلّ ما يتهدّدها من عنف وتطرّف واضطرابات، وانتهاكات لكرامة الإنسان وحقوقه وحريّته وسلامه، وأن توجّه جميع أبناء هذا الشرق إلى الإستنارة بنور الخالق الذي يريدنا عائلة بشريّة واحدة، يترابط أفرادها برباط المحبّة والأخوّة، فيعمل الجميع على بناء مستقبل مشرق، على أسس التلاقي والمشاركة والمحبّة والعدالة."
3. "بل طوبى للذين يسمعون كلمة اللّه ويحفظونها" (لو 11: 21). هكذا شرح يسوع سرّ أمّه الخفيّ على تلك المرأة. إنّها من أولئك الذين سمعوا كلمته وحفظوها في قلوبهم. إنّ مريم عذراء وأمّ، وبهذه الصفة هي مثال الكنيسة. فإنّها، وهي عذراء ولدت إبنها، إبن اللّه على الأرض بإيمانها وطاعتها، من دون زرع رجل، بل مظلّلة بالروح القدس، وكحوّاء الجديدة مؤمنةً من دون تردّد بكلام المرسل الإلهيّ. فأعطت العالم إبنها مخلّصًا وفاديًا، أراده اللّه بكرًا بين إخوةٍ كثيرين (راجع روم 8: 29)، أعني بين المؤمنين الذين تساهم بحبّ الأمّ في ولادتهم من جديد وفي تنشئتهم (نور الأمم، 63).
والكنيسة بواسطة كلمة اللّه التي تقبلها بإيمان وأمانة تصبح أمًّا لأنّها بإعلان كلمة اللّه وبالمعموديّة تلد لحياة جديدة وغير مائتة أبناء حبلت بهم بفعل الروح القدس، ومولودين من اللّه. وهي أيضًا عذراء تحفظ نقيًّا وطاهرًا إيمانها المعطى لها من سيّدها، بقوّة الروح القدس، فتحفظ كاملًا إيمانها، وثابتًا رجاءها، وصادقًا حبّها (نور الأمم، 64).
وما يقال عن الكنيسة يقال عن أعضائها المولودين من كلمة اللّه والمعموديّة. فالكنيسة تسمّى أمّ، والمؤمنون المولودون أبناء. وهكذا شرح المسيح سرّ أمّه وإخوته: "إنّ أمّي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة اللّه ويعملون بمشيئة أبي الذي في السماوات" (مر 3: 34-35)…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.