الكاردينال لويس روفائيل ساكو: لابدَّ من حلّ سريع للأزمة الحاليّة في العراق
مع استمرار التظاهرات التي تقترب من إتمام شهرها الثاني، تظاهرات غير مسبوقة على مستوى الحجم، وتنوع المشاركين، ونوعية المطالب، تظاهرات غدَت مع الزمن “سلطة وطنية”، تظاهرات أربَكت حياة المواطنين، وأرهقت الحكومة، والبلاد أساساً منهكة بسبب الحُروب، وغارقة بالديون والمشاكل السياسية والمُجتمعية، لذا فالوضع لا يتحمل المزيد، ولابد من قراءة متأنية للمشهد، وإدارة الأزمة، والنظر بجدٍّ الى مطالب المحتجين المشروعة، لإنقاذ الوطن، وتجنُّبه الدخول في نفق مجهول.
هذه التظاهرات سلمية بعيدة عن إعتبارات حزبية أو طائفية أو قومية. هؤلاء الشباب يئسوا من تفشي الفساد والطائفية والمحاصصة، والتفرُّد بثروات البلاد، وتفاقم الفقر والحرمان والبطالة وتردّيء الخدمات، وهجرة الكفاءات، فكسروا الخوف، وخرجوا إلى الشوارع في العديد من المدن يتظاهرون، ويطالبون بمن يؤمِّن لهم وطناً يوحّد جميع العراقيين من دون إستثناء، ويحقق الأمن والاستقرار، والحياة الحرَة الكريمة لهم ولأولادهم. هذا ما سمعناه لدى زيارتنا لساحة التحرير في الثاني من تشرين الثاني 2019.
واليوم، وأمام الوضع الذي يزداد سوءاً وإرتفاع عدد القتلى والجرحى، وقطع بعض الطرق، وغلق أبواب عدد من المدارس والجامعات، وعدم التفاهم على خطة واضحة وفاعلة للإصلاح، وأمام صمود المتظاهرين في سلميَّتهم، وعمق وعيهم الوطني، وإرادة الحياة والحرية والسلام، لابد من الاستجابة الى مطالبهم وعدم الاستهانة بهم. وقد عبَّرت المرجعية الشيعية في خطبة الجمعة 15 تشرين الثاني 2019 عن مساندتها لطلباتهم.
ان الوقت يضيق، ويتطلب حنكة وحكمة، فيتوجب على السلطة السياسية انطلاقاً من المسؤولية الوطنية والانسانية، القيام بعمل شجاع يخرج البلاد من هذه الازمة الكبيرة، كتشكيل خلية ازمة مشتركة، ليتوقف نزيف دم العراقيين وتعود الحياة الى طبيعتها، ويشرع ببناء دولة قوية على اُسس سليمة، دولة ذات سيادة تتحكم بقراراتها ومواردها، دولة تحافظ على مواطنيها وحقوقهم وكرامتهم، دولة تحارب الفساد وتستعيد الثروة المنهوبة، وتكشف عمّن قتل المتظاهرين السلميين وتقاضيهم، وتكشف عن مصير المغيبين من المتظاهرين والنشطاء والصحافيين الذين اختطفوا من ساحات الاحتجاج أو من منازلهم.
نحن ككنيسة نتابع بقلق شديد الوضع، ونصلّي لكي تتم معالجة إيجابية لهذه الازمة، لتعود أرضنا أرض إبراهيم، أرض السلام والمحبة والاُخوّة وخصوصاً أننا سندخل المئوية الاولى لاستقلال العراق.
يا رب السلام، إمنح عراقنا السلام.
المصدر: الموقع الرسمي لبطريركية بابل للكلدان