رسالة مشتركة لقداسة البابا فرنسيس وغبطة البطريرك المسكوني برتلماوس ورئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي من أجل حماية الخليقة
هذا الرسالة متوفّرة أيضًا باللّغة الإنكليزيّة.
في رسالة مشتركة، دعا القادة المسيحيّون الناس إلى الصّلاة، في زمن الخليقة، من أجل قادة العالم قبل مؤتمر الأمم المتّحدة حول تغير المناخ الّذي سيعقد في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
بمناسبة "زمن الخليقة"، المبادرة المسكونية التي يُحتفل بها من الأوّل من أيلول/ سبتمبر اليوم العالمي للصلاة من أجل العناية بالخليقة وحتى الرابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر الذكرى اللّيتورجيّة للقدّيس فرنسيس الأسيزي وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة مشتركة مع غبطة البطريرك المسكونيّ برتلماوس وسيادة رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي من أجل حماية الخليقة، جاء فيها لأكثر من عام، عانينا جميعًا من الآثار المدمرة لوباء عالمي - جميعنا، سواء كنا فقراء أو أثرياء، ضعفاء أو أقوياء. كان البعض محميًا أو ضعيفًا أكثر من البعض الآخر، لكن العدوى السريعة الانتشار قد عنت أننا قد اعتمدنا على بعضنا البعض في جهودنا لكي نبقى آمنين. لقد أدركنا أنه في مواجهة هذه الكارثة العالمية، لا أحد في أمان إلى أن يصبح الجميع آمنًا، وأن أفعالنا تؤثر حقًا على الآخرين، وأن ما نقوم به اليوم يؤثر على ما سيحدث غدًا. هذه ليست دروسًا جديدة، لكن كان علينا مواجهتها من جديد. فلا نضيِّعنَّ إذًا هذه اللحظة. علينا أن نقرر أي نوع من العالم نريد أن نتركه للأجيال القادمة. يقول لنا اللّه: "اخْتَرِ الحَيَاةَ لِكَي تَحيَا أَنتَ وَنَسْلُكَ". علينا أن نختار أن نعيش بشكل مختلف؛ علينا أن نختار الحياة.
وتتابع الرسالة يحتفل العديد من المسيحيين في شهر أيلول سبتمبر بزمن الخليقة، فرصة للصلاة والعناية بخليقة اللّه. بينما يستعد قادة العالم للاجتماع في تشرين الثاني/ نوفمبر في غلاسكو للتداول بشأن مستقبل كوكبنا، نحن نصلي من أجلهم ونفكر في الخيارات التي يجب علينا اتخاذها جميعًا. وبناءً على ذلك، بصفتنا قادة لكنائسنا، ندعو الجميع، بغض النظر عن معتقداتهم أو رؤيتهم للعالم، لكي يسعوا للإصغاء إلى صرخة الأرض وصرخة الفقراء، ويفحصوا سلوكهم ويتعهّدوا بتقديم تضحيات ذات معنى من أجل الأرض التي أعطانا اللّه إياها. في تقليدنا المسيحي المشترك، يقدم الكتاب المقدس والقديسون وجهات نظر منيرة لكي نفهم حقائق الحاضر والوعد بشيء أكبر مما نراه في الوقت الحاضر. يمثل مفهوم الوكالة - المسؤولية الفردية والجماعية عن العطيّة التي منحنا اللّه إياها - نقطة انطلاق حيوية للاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. نقرأ في العهد الجديد عن الرجل الغني الجاهل الذي خزن ثروة كبيرة من الحبوب بينما نسي نهايته المحدودة. ونتعلم عن الابن الضال الذي أخذ ميراثه مبكراً، فقط ليهدره وينتهي به الأمر جائعًا. لقد تمَّ تحذيرنا من تبنِّي خيارات قصيرة المدى وغير مكلفة لكي نبني على الرمال، بدلاً من أن نبني على الصخر بيتنا المشترك لكي يقاوم العواصف. تدعونا هذه القصص لكي نتبنّى نظرة أوسع ونتعرّف على مكانتنا في تاريخ البشريّة. لكننا اتخذنا الاتجاه المعاكس. لقد قمنا بتعظيم مصالحنا على حساب الأجيال القادمة. من خلال التركيز على ثروتنا، نجد أن المدخرات الطويلة الأجل، بما في ذلك جود الطبيعة، يتم استنفادها من أجل فوائد قصيرة الأجل. لقد كشفت التكنولوجيا عن إمكانيات جديدة للتقدم وإنما أيضًا لتراكم ثروات مُفرط، ويتصرف الكثير منا بطرق تظهر القليل من الاهتمام بالآخرين أو بمحدوديّة الكوكب. إنَّ الطبيعة مرنة ولكنها حساسة. ونحن نشهد على عواقب رفضنا لحمايتها والحفاظ عليها. والآن، في هذه اللحظة، لدينا فرصة للتوبة، والالتفاف بعزم، والتوجه في الاتجاه المعاكس. علينا أن نبحث عن السخاء والإنصاف في الطرق التي نعيش فيها ونعمل ونستخدم المال، بدلاً من المكاسب الأنانية.
وتُضيف الرسالة المشتركة من أجل حماية الخليقة تتحدث أزمة المناخ الحالية كثيرًا عن هويتنا والطريقة التي ننظر بها إلى خليقة اللّه ونتعامل معها. نحن نقف أمام عدالة قاسية: إنَّ فقدان التنوع البيولوجي، والتدهور البيئي وتغير المناخ هي النتائج الحتمية لأفعالنا، لأننا استهلكنا بجشع موارد الأرض أكثر مما يمكن للكوكب أن يتحمل. لكننا نواجه أيضًا ظلمًا عميقًا: لأن الأشخاص الذين يتحملون العواقب كارثية لهذه الانتهاكات هم الأشخاص الأشدَّ فقرًا على هذا الكوكب وهم الأقل مسؤولية عن التسبب فيها. نحن نخدم إله عادل، يفرح في الخلق ويخلق كل شخص على صورة اللّه، ولكنه يسمع أيضًا صراخ الفقراء. وبناءً على ذلك، هناك دعوة فطرية في داخلنا لكي نجيب بحزن عندما نرى مثل هذا الظلم المدمر. واليوم، نحن ندفع الثمن. تكشف لنا الأحوال الجوية القاسية والكوارث الطبيعية التي حدثت خلال الأشهر الأخيرة، بقوة كبيرة وبتكلفة بشرية كبيرة، أن تغير المناخ ليس تحديًا مستقبليًا فحسب، بل هو مسألة بقاء على قيد الحياة عاجلة وملحة. تهدد الفيضانات المنتشرة والحرائق والجفاف قارات بأكملها. ومستوى سطح البحر يرتفع ويجبر جماعات بأسرها على الانتقال؛ تجتاح الأعاصير مناطق بأكملها، وتدمر الأرواح وسبل العيش. أصبحت المياه نادرة والإمدادات الغذائية غير آمنة، الأمر الذي يسبب النزاعات ونزوح ملايين الأشخاص. لقد رأينا ذلك في الأماكن التي يعتمد فيها الأشخاص على أملاك زراعية صغيرة. ونراه اليوم في البلدان الصناعية حيث لا تستطيع البنى التحتية المتطورة حتى أن تمنع دمارًا خارجًا عن المألوف. غدًا قد يكون أسوأ. وسيواجه أطفال ومراهقو اليوم عواقب وخيمة ما لم نتحمل المسؤولية الآن، بصفتنا "رفاق عمل مع اللّه"، لكي نحافظ على عالمنا. غالبًا ما نسمع عن شباب يدركون أن مستقبلهم في خطر. ولذلك علينا من أجلهم، أن نختار أن نأكل ونسافر وننفق ونستثمر ونعيش بشكل مختلف، مفكِّرين ليس فقط في الفوائد والمكاسب الفورية وإنما أيضًا في الفوائد المستقبلية. لنندم عن خطايا جيلنا. ولنقف إلى جنب إخوتنا وأخواتنا الصغار في جميع أنحاء العالم في صلاة ملتزمة وعمل متفانٍ من أجل مستقبل يتوافق أكثر من أي وقت مضى مع وعود اللّه.
وتتابع الرسالة خلال فترة الوباء، تعلمنا كم نحن ضعفاء. تآكلت أنظمتنا الاجتماعية، ووجدنا أننا لا نستطيع السيطرة على كل شيء. وبالتالي علينا أن نعترف بأن الطرق التي نستخدم بها المال وننظم بها مجتمعاتنا لم تفِد الجميع. نجد أنفسنا ضعفاء وقلقين، غارقين في سلسلة من الأزمات الصحية والبيئية والغذائية والاقتصادية والاجتماعية، وكلها مترابطة بشكل وثيق. تقدم لنا هذه الأزمات خيارًا. نحن في وضع فريد إما لمواجهتها بقصر النظر والربح أو باغتنام ذلك كفرصة للارتداد والتحول …
هذه الرّسالة نُشرت على موقع فاتيكان نيوز، لقراءة المزيد إضغط هنا.